سلطت الانفجارات التي وقعت في مستودعات للحشد الشعبي العراقي الأضواء من جديد على التعاون الأمريكي – الإسرائيلي ضد العراق الذي لا يختلف عن غيره من دول المنطقة في العين الإسرائيلية، التي ترى في العراق خطراً يضاف إلى محور المقاومة على وجودها، لذلك لم يكن مستبعداً أن يوسع الكيان الإسرائيلي بنك أهدافه في المنطقة ويستهدف الحشد، بمساعدة واضحة من قوات الاحتلال الأمريكي، فانخراط الحشد الشعبي الفعّال في محور المقاومة يضيف قوى كبيرة للمنطقة وهذا ما يقلق الكيان الإسرائيلي.
وحدة جبهات قوى المنطقة واتصالها تضع وجود الاحتلال الإسرائيلي في كفة الزوال، لذا فإن استهداف العراق لم يغب عن حسابات العدو الصهيوني لأسباب في غاية الخطورة على كيانه وهي ليست بجديدة، أولاً: ما تشكله قضية فلسطين في الوعي الجمعي العراقي وصعوبة اختراق هذا الوعي، ثانياً: موقع العراق الاستراتيجي بين قوى المقاومة من طهران مروراً بسورية وصولاً إلى المقاومة الوطنية اللبنانية, وثالثاً: وجود فصائل مقاومة عراقية ذات خبرة عالية في القتال تكوّنت من مقارعتها للاحتلال الأمريكي في البداية وصولاً إلى تحطيمها لتنظيم «داعش» في العراق.
..وأيضاً هناك قليل من حديث «النأي بالنفس» عن صراعات المنطقة يسمع في العراق، لكنه حديث خاوٍ من المعنى رغم الدفع الكبير الذي يلقاه من الاحتلال الأمريكي لأسباب، أولها: عدم توفير العراق من قبل القوى المعادية في عدوانها المستمر على المنطقة -إن كان بالمؤامرات أو بالعدوان المباشر، وثانياً: عدم قدرة جماعة «النأي» «الوليدة» على ضمان ألا يستهدف العراق من منظومة العدوان على المنطقة، فالمؤامرات لم تتوقف على العراق وآخرها محاولات أمريكا إنعاش «داعش»، وأهم أسباب عدم القدرة على فصل العراق عن محيطه هو الموقع الجغرافي وما يفرضه من تشابك عسكري وأمني واقتصادي بين دول المنطقة، حيث هنا لا يمكن الهروب من الجغرافيا بالوهم في القدرة على اللعب على التوازنات بين القوى المتصارعة على المنطقة.
مع هذا الوضع الجديد الذي أحدثته الانفجارات في مستودعات للحشد الشعبي، تبدو المسارات التي سيعتمدها العراق نحو أحداث المنطقة أكثر وضوحاً في جعل ترسيخ انخراطه في محور المقاومة ضرورة حتمية لمصالح العراق أولاً، ولمصلحة المنطقة ثانياً، لأن وحدة الجبهات كفيلة بردع أي عدوان على العراق والمنطقة عموماً.