هل يتحمل الرئيس التركي الحالي وحده مسؤولية السمعة السيئة لبلاه, ووصولها إلى صفر علاقات طبيعية في محيطها الجغرافي والحيوي, وإنعدام ثقة العالم باإلتزاماتها ووعودها وحتى إتفاقياتها الدولية, وإحترامها للشرعة الدولية, وتصاعد مشاعرالكراهية تجاهها, أم تراه يتحمل ذلك بفضل أطماعه الشخصية ومزيجا ًمن أوهامه وأحلامه, ليرسل جنوده ومرتزقته خارج حدود بلاده, ويدعي زعامة عالمٍ إسلامي “سني” لا يعترف بزعامته أصلا ً, وهل للأمر علاقة بسياسته الخارجية وبرؤيته لضمان صالح ومصالح أمته ! .. أم للأمر كل العلاقة بالتاريخ وبسلوك وأطماع أسلافه من السلاطين والحكام, وبالذهنية التركية – الأردوغانية – العثمانية, التي لا تؤمن بحدودٍ ثابتة وتبحث عن رزقها في محاصيل الاّخرين على أنه رزفها وحقوقها, ويبرر تماديها وأجندتها التوسعية.
ومن اللافت دائما ً لجوء الرئيس التركي والمسؤولين الأتراك, لإنتهاز الفرص, واستخدام خطابات التحدي والتهديد واستعراض العضلات… بعيدا ًعن حقيقة مكانة تركيا في العالم وتاريخها وهزائمها, وصمتها في لحظاتٍ تاريخية وهي تراقب عملية تشريحها وتقاسم تركتها المسروقة أصلا ً, وخنوعها وتراجعها وإعتذارها, أمام التهديدات والعقوبات الأمريكية أو الروسية..
ومن خلال جردة حساب بسيطة يمكن استرجاع عشرات الملفات الإجرامية المشينة والمجازر التي ارتكبتها الدولة التركية وأسلافها على مرّ العصور, ناهيك عن ملاحظة إنتشار جحافلها وجنودها وقواعدها العسكرية داخل عدد لا يستهان به من الدول, وعلى بعد مئات الكيلومترات عن حدودها البرية والبحرية على حدٍ سواء.
هل تبدو لكم تركيا دولة مارقة من طراز خاص؟ أم ينطبق عليها تعريف الدولة المارقة الذي جاء به قاموس كولينز وبأنها: “دولةٌ تدير سياستها بشكلٍ خطير وبطريقةٍ لا يمكن التنبؤ بها , متجاهلة القانون الدولي أو الدبلوماسية”, ويصفها قاموس كامبريدج: بأنها الدولة التي “تشكل خطراً على الدول الأخرى”, فيما تقول موسوعة ويكيبيديا: بأنها “الدولة التي تشكل تهديداً للسلام العالمي” .. بما يعني مدى إلتزامها بمعايير السلام الداخلي والخارجي, وإلتزامها بالحريات وحقوق الإنسان, ومدى إبتعادها عن نظام الحكم الإستبدادي, ورعاية الإرهاب وتسليحه …إلخ..
بات من المستحيل على الدولة التركية أن تدفع عن نفسها التهم لا بل الإدانة الدولية, خصوصا ًعندما العالم يرى تراجعها عن بروتوكولات التطبيع مع أرمينيا, عوضا ًعن إعترافها بالمجازر بحق الشعب الأرميني وغيره, وإعتذارها رسميا ًعن أفعالها المشينة .. وإنسحاب قواتها من جزيرة قبرص وسوريا والعراق وليبيا مؤخرا .ً
أما اّن الأوان لمحاسبتها – ثانية ً-, وإجبارها على التخلي عن سياساتها العدوانية التوسعية, وأن تتوقف عن استغلال الفرص للتصرف على أنها دولة قوية وربما عظمى في رؤوس قادتها, وأنها قادرة وحاضرة لممارسة كل فعلٍ مشين , دون احترام التوازنات الدولية وردود المجتمع الدولي…
وأيُّ جنون عظمة هذا الذي دفع أردوغان للإنخراط في المشروع الأمريكي في سوريا, دون حساب خط العودة وهزيمة المشروع, والتكلفة الباهظة التي تنتظره, قبل أن نسمع صراخه بإتهام الدولة السورية بإرتكاب “الكارثة” الإنسانية وتدمير المدن والقرى, كي تتوقف عن تحرير أراضيها ومواطنيها من الإرهاب الذي موله وسلحه ودربه واحتضنه سياسيا ً وعسكريا ً, وتراه يتجه اليوم بعد غزوات وعدوان “درع الفرات, غصن الزيتون, ونبع السلام”, إلى تهديد الدولة السورية بعمليةٍ عسكرية جديدة, وأيُّ وقاحةٍ تلك التي تجعله ينتقد الدولة الروسية بإخلالها بالإتفاقات الدولية (أستانا , سوتشي), بعدما نقض إلتزاماته معها لحوالي العامين.
وأيُّ سلامٍ ينتظر المنطقة, ولا تزال تركيا تدعم التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق, وترسلهم إلى ليبيا, وتدعم زراعة الخلايا النائمة في لبنان, وتهدد الداخل المصري والجزائري والتونسي والسوداني والصومالي وغيره في العالم العربي, ناهيك عن تهديدها المتكرر للمرات المائية في الدردنيل والبوسفور, وبإقامة ما تسمى “قناة اسطنبول” اللاشرعية, وتهديدها الدائم للقارة الأوروبية بعشرات الملفات وعلى رأسها ترحيل اللاجئين والنازحين والإرهابيين..
إلى متى سيستمر صمت الشرعية الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن, وصمت الدول والشعوب على سلوك الدول المارقة, وإلى متى سيستمر توظيف تركيا وغير أدوات لخدمة مشاريع الهيمنة والإمبريالية والشرّ الدولي, وإلى متى سيستمر صمت الشعب التركي … ألا يجد شرفاء العالم وأحراره ودعاة الإنسانية وحقوق الإنسان, ورعاة السلام والأمن الدوليين, بأنه اّن الأوان للتحرك بإتجاه محاسبتها, وأقله للتظاهر ضد الهمجية التركية وعدوانيتها التوسعية وأحلامها البائدة و”سلطانها” الأهوج رجب طيب أردوغان.