السبت , 23 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

الدولة الجانحة في زمن الجائحة: عالم بديل…أو الكارثة!!

بقلم هشام البوعبيدي |

تصدير:

اصطاد أسد وذئب وثعلب حمارا وحشيا وغزالا وأرنبا، فقام الذئب يقسم بينهم فقال: الأسد يأكل الحمار وانا آكل الغزال والثعلب يأكل الأرنب، فغضب الأسد وضربه ضربة قضت عليه، و التفت إلى الثعلب وقال له اقسم أنت فقال الثعلب للأسد: تأكل الحمار في الغذاء والغزال عند العشاء والأرنب بينهما، ففرح الأسد وقال له ممن تعلمت هذه الحكمة، فقال الثعلب مما جرى لهذا الأحمق وأشار الى الذئب.

بات من المشروع لنا أن نأمل في نظام عالمي بديل ينبعث من أنقاض العصر الأمريكي المتهاوي الذي أخذ في الأفول…من كان ليصدّق إلى زمن قريب أن يطيح “كائن مجهري” بـ”أمريكا العظمى” التي تنتشر قواتها في أكثر من 180 بلدا وتغطي طائراتها الحربية عنان السماء وتمخر بوارجها الحربية جميع البحار والمحيطات، لقد كشف هذا الفيروس الصغير عورة “الدولة الكبرى” التي كان الجميع يطلب عونها ومساعدتها، فإذا بها أحوج ما تكون إلى العون، ولم تجد بدا ولا حرجا في أن تمارس ما درجت عليه من القرصنة والسطو على تجهيزات طبية كانت موجهة إلى بعض حلفائها، أملا في سدّ النقص في احتياجاتها أمام العدد المهول من ضحايا كورونا الذي عصف بالبلاد، وتلجأ مكرهة الى غريمها اللدود “الصين” تطلب عونها ومساعدتها أما تفشي هذا الوباء.

لقد بدا واضحا أن “النظام العالمي الجديد” و”الأحادية القطبية” التي قامت على حطام الاتحاد السوفييتي في نهاية الحرب الباردة، وبشّر بها البعض على أنها “نهاية التاريخ” وتأبيد للعصر الأمريكي، قد قاربت على الإنتهاء ولم تكن الا مرحلة من مراحل تطور العلاقات الدولية التي يمكن وصفها بأنها الأكثر تخريبا ودموية ووحشية على ظهر الكوكب، وتجلت واضحة في شعار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “أمريكا أولا”، فكانت القوات العسكرية والعقوبات الاقتصادية وحتى الفيروسات والأوبئة وكل ما توصّلت اليه التكنولوجيات الحديثة…أبرز أسلحتها في معاقبة وتدمير ومحاصرة خصوم واشنطن.

اليوم تترنّح الإمبريالية في شكلها النيوليبرالي المتوحّش، بعدما تعطّبت آلة إنتاجه وتعطّل شريان الإقتصاد الذي يغذّيه وكل طرف من أركانها يلملم جراحه ويحصي خسائره، وأصبح الأمل في نظام عالمي بديل متعدّد الأقطاب يقوم على التعاون والتكافل الأممي، بعدما عبثت الفلسفة الرأسمالية الموغلة في الإنتهازية النفعية والمشبعة بالثقافة الربحية بكل قيمة إنسانية وأخلاقية، وإلا فبأي مغزى نفهم محاولة واشنطن إرشاء فرق طبية ومخابر بحثية ألمانية حتى تحتكر عقارات ولقاح ضد كورونا، وكيف نتقبّل قرصنتها وسطوها على معدات وتجهيزات طبية كانت موجّهة لدول في أمس الحاجة اليها، وبماذا نفسّر استمرار العقوبات الجائرة بحق دول وشعوب تعاني من جائحة هذا الفيروس، ومنع إرسال أدوية وتجهيزات طبية إليها كما هو الحال مع إيران وفنزويلا وغيرهما، وماذا يعني المنطق الاستعلائي حين يكرّر ترامب وصفه لفيروس كورونا بـ”الوباء الصيني” قبل أن يجتاح أمريكا وتتصدّر قائمة المصابين به فتهرع إلى الصين طلبا للعون والمساعدة…

لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تبقى دولة جانحة في زمن جائحة الكورونا، إذ لا أحد يمكنه الإدعاء بأنه في مأمن منه أو يمكنه السيطرة عليه، وقس على ذلك باقي الأزمات والجوائح التي تعصف بالعالم، من فقر وجوع وحروب وأوبئة….إننا بحاجة إلى عالم بديل..أو الكارثة

 

شاهد أيضاً

حرب من ضدّ من !؟

حين تسارع “محميات” الخليج، التي تنتشر على أراضيها وفي موانئها عشرات القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024