الجمعة , 29 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

كتب د. يوسف الحاضري*: هكذا أستعمرتنا “اسرائيل” منذ 70 عاما ، وهكذا سنتحرر منهم

أستطاع الكيان الصهيوني الأستحواذ على ثروات الشعوب العربية واحتلال الأراضي والأجواء والبحار العربية وأيضا تطويع الشعوب العربية لخدمتها سواء تحت مسميات جيوش او أجهزة أمنية وإستخبارية وإعلامية ودينية وتعليمية وغيرها منذ أكثر من 70 عاما وذلك عبر ما أسمتهم حكاما عربا لدولا عربية مستقلة, فكانت ومازالت موانئنا البحرية العربية وقنواتنا المائية (كباب المندب وهرمز والسويس وجبل طارق) تخدم الصهاينة ، وكانت ومازالت كثير من اجوائنا مباحة لطيرانهم حتى قبل ما أسمي مؤخرا (التطبيع) اما بطيران ذا مسمى اسرائيلي واضح او ذا مسمى عربي (كالإماراتية والسعودية وغيرهما) وكل الشركات التنقيبية للثروات النفطية والعناصر الثمينة (الذهب والحديد وغيرهما) شركات صهيونية بعدة مسميات مختلفة ، ففي وقت أن الإنسان العربي كان أعلى هدف يمتلكه في الحياة هو الحصول على راتب من الدولة الصهيونية التي تحكمه ليأكل ويشرب وفي حالات نادرة ليمتلك بيتا وسيارة كأهداف مادية مجردة من كل حقائق وجوده وخلقه واستخلاف الله له، كان هدف الصهيوني المستعمر اغراق هذا العربي في التسليم والاستسلام له بشتى الطرق والوسائل .

وما كانت تستطيع ان تصل الى ما وصلت إليه في ذلك لو تحركت بقوتها وجيوشها حتى لو كانت جيوش اوروبا وأمريكا كاملة لأنها ستواجه ممانعة ورفض شعبي وثورات متجددة غير أن تخطيط معين أنبثق منه أمران إثنان أولاهما “إنتاج حكاما صهاينة تحت مسميات عربية” وتنصيبهم على الدول العربية ومن خلالهم تم ويتم كل ذلك وتطويع الشعوب العربية عبر الإعلام والمناهج الدراسية والسينما ليتعلقوا بهؤلاء الحكام ولكي يزداد التعلق بهم يستخدم هؤلاء الحكام الصهاينة العرب مصطلحات اعلامية تناهض الكيان الصهيوني اليهودي مناهضة لفظية فقط (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) في وقت أن اعمالهم وتحركاتهم تخدم الصهيونية (وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزئون) من خلال تسخير الشعوب لما فيه مصلحة الصهاينة وثاني هذه الأمور الجانب الروحي او الديني والذي يرتبط به الإنسان العربي إرتباطا قويا من خلال ” إنتاج علماء دين إسلامي أصولهم صهاينة” يستكملون تطويع الشعوب عبر المنابر والتلاعب بالتوجيهات الدينية وتثبيط همم الشعوب وحرف بوصلة العداء واستغلال الطاقات المناهضة للأعداء في قلوبهم وأرواحهم ضد اعداء آخرين ليسوا بأعداء او بالأصح هم أقوى اعداء الصهاينة ليتكامل الجانب السياسي مع الديني بما يخدم تواجد الصهاينة وأهدافهم التوسعية والأستعمارية والتحريفية لحقيقة دينهم وتوجيهاته.
اكثر من سبعين عاما ونحن جميعا في الأوطان العربية جيوشا ومثقفين وعمال ومواطنين وعلماء وغيرهم نخدم الصهيونية بشتى الطرق والأساليب وما إن تظهر حركة واعية مناهضة للصهيونية وللحكام العرب الصهاينة حتى يتم القضاء عليها بشتى الطرق والوسائل مستخدمين في ذلك الأجهزة والأسلحة العسكرية والأمنية والمخابراتية العربية الوطنية ليس خوفا على مناصبهم وكراسيهم وانما خوفا على تواجد الصهاينة وتمكنهم ليظهر للعالم انه صراع داخلي وإلا ما شاهدنا سقوط كثير من هؤلاء الحكام والعلماء مع بقاء تواجد وتوسع الصهاينة لأن هؤلاء الحكام يفدون الصهيونية بأرواحهم ودنياهم وآخرتهم (أما دينهم فهم لا يدينون الا بدين الصهيونية) فالدين الإسلامي لا يجعلهم خداما الا لله وللمستضعفين.
وفي حالة عجز الصهيونية وخدامها في بعض البلدان عن اخماد اي حركة تحررية حقيقية اسلامية يتجهون الى التحالفات العالمية بغطاء عربي تحت مسميات وعنواين مختلفة كـ(الشرعية وحماية الثوار وحقوق الإنسان وغيرها) وايضا من خلال الحصار والتجويع (الحرب الأقتصادية) ونشر الأمراض والأوبئة (الحرب الوبائية) ونشر الفساد الأخلاقي والمفاهيم المغلوطة المنحرفة (الحرب الناعمة) وغيرها وهذه رؤية شاملة ومختصرة للإحتلال الحديث الصهيوني الذي يضمنون من خلاله إحكام قضبتهم على الدول المحتلة دون ان تسقط قطرة دم صهيونية (مع سقوط شلالات دماء عربية ) مع ابقاء الشعوب في حالة ضياع وتيه وتشتت وحيرة وبوصلة مختلة لا تعرف اين قبلتها الحقيقية وعدوها الذي يجب ان تتحرك ضده وصديقها الذي يجب ان تعاضده وتسانده وتتحد معه وتتحرك به فيبقى الوضع الاستعماري قائما.
عندما نتامل كيف استسلم الكيان الصهيوني المتواجد جسدا وفكرا في أراضينا المحتلة الفلسطينية بمجرد سقوط بعدد أصابيع اليد منهم قتلى تحت ضربات أبطال المقاومة في جنوب لبنان وفي غزة وتوقفوا عن حربهم العسكرية العدائية غير أنهم لم يستسلموا عندما سقطو ويسقط المئات والآلاف من العرب المنخرطين تحت مسمى (جيوش عربية وجماعات إرهابية) في اليمن وفي ليبيا وفي سوريا بل مازالوا مستمرين في حربهم وعدوانهم وذلك لانهم يرون ان هؤلاء القتلى هم مجرد عرب من نجد او الحجاز او اليمن او السودان او سوريا او ليبيا او الإمارات او غيرها ممن أنخرط تحت جيوشهم النظامية او الإرهابية وايضا شهداء الطرف المعادي لهم من المقاومين لمشاريعهم في هذه البلدان يرونهم لزوم إبادتهم لأجل استمرار اهدافهم وأستعمارهم وتواجدهم في كل الأوطان العربية لذا لا يهمهم هذه الدماء اطلاقا ومن هنا نرى أهم اسباب اطالة هذه الحروب.

ان من الضروري التحرك السليم والسوي لكل شعوب البلدان العربية ضد التواجد الصهيوني برؤية حقيقية منبثقة من الرؤية اليمنية المتجسدة في “أنصار الله” وذلك البدء بإجتثاث جذور الأنظمة الحاكمة السياسية والدينية والفكرية والثقافية التي زرعها الصهاينة في اوطانهم كما أجتث انصار الله تلك التي كانت تمثل الصهيونية في اليمن لأكثر من 50 عاما ويجب ان تنتقل التجربة السديدة الى الأراضي المحتلة في نجد والحجاز والإمارات وغيرها وتتحرك الشعوب هناك في نفس المسار التحركي الذي تحركه الشعب اليمني كتجربة عملية سليمة سديدة وترجمة عملية واضحة لتوجيهات النبي الاكرم في مثل هذه الأوضاع القائل فيها (اذا هاجت بكم الفتن فعليكم باليمن ) اي فعليكم بتجربة ومنهجية وتحرك أهل اليمن وقوله (إني لأجد نفس الرحمن من اليمن) لذا كانت بداية التحرر وتنفس هواء الحرية من اليمن ، ثم بعد إجتثاث تلك الأنظمة الصهيونية لينكمش ويتلاشى التواجد الصهيوني الاكبر في الأراضي العربية وينكمش ويتلاشى استغلالهم للأرض والثروات العربية ثم مباشرة سينكمش التواجد الصهيوني الأصغر وهو ما يسمى (دولة إسرائيل) المحتل للأرض والدولة العربية الفلسطينية فتتحرر كامل الأراضي ويتم استكمال التطهير الصهيوني من جميع الأراضي العربية التي طال أستعمارها واستحمار شعوبها لأكثر من 70 عاما اما غير ذلك فلن نصل إلى الهدف السليم السوي المشروع الشرعي الديني الحقيقي لنا كعرب مضطهدون من قبل هذه العصابة وخدامها ، وعلينا نشر هذه الثقافة وهذه التوجهات في الأوساط العربية توعويا وتنويريا وتصحيحيا لتلك الإنحرافات السياسية والدينية والفكرية والثقافية وغيرها لتتحرك الشعوب ، فهي مسئولية ملقاه على عاتق كل الناس وليست خاصة بفئة معينة والبقية ليس عليهم اي مسئولية.

 

* كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com

شاهد أيضاً

مابعد الحروب النفسية…الحرب الادراكية: اختبار قدرة المجتمع اليهودي على التحمل

الحرب الإدراكية هي وريثة الحرب النفسية، مع بعض التطوير والاختلاف، وتجمع معاً بعض عناصر الحروب …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024