تم إبلاغ الفصائل الفسطينية من قبل المخابرات المصرية ان الاجتماع الذي كان مقررا عقده يوم السبت القادم للامناء العاميين في القاهرة قد تم تأجيله الى أجل غير مسمى متذرعة بإنشغالها في قضايا اخرى.
فقط الغبي والساذج سياسيا يمكن ان يصدق أن الاجتماع قد تأجل لهذا السبب. الاجتماع كان مكتوب له الفشل حتى قبل وصول وفود الامناء العاميين للفصائل والتي سبقها إجتماعات ثنائية بين وفد حماس والمخابرات المصرية ووفد فتح السلطة مع المخابرات المصرية. السلطة ذهبت الى القاهرة لتعيد دورها ومكانتها الذي فقدته بعد ان تجاوزتها الاحداث في القدس وغزة والضفة الغربية والتي وقفت السلطة وزمرتها عاجزة أمامها ولم تستطيع اخذ الموقف العملي المشرف والانضمام الى شعبها المنتفض وآثرت “الحياد” وكان ما يحدث كان لشعب على كوكب آخر.
السلطة ذهبت الى القاهرة مدعومة من الولايات المتحدة ومصر والكيان الصهيوني اللذين إتفقوا على ان أي إتصال رسمي بالشان الفلسطيني فيما يخص “التهدئة” وإعادة الاعمار” والتوجه السياسي في المرحلة القادمة يجب أن يمر من خلال السلطة الفلسطينية. كما ان هذه الاطراف دعمت توجه السلطة الذي طرحه عباس بعد ان تم الغاء الانتخابات من طرفه شخصيا الا وهو تكوين حكومة وحدة وطنية تعترف بالشرعية الدولية وخاصة الرباعية الدولية وشروطها من الاعتراف بالكيان الصهيوني والذي اضيف اليه الاعتراف به كدولة يهودية الى جانب الاعتراف بكل المسار السياسي الانهزامي الذي تمخض نتيجة توقيع إتفاقية أوسلوا وما تلاه من إتفاقيات مكبلة للشعب الفلسطيني وخاصة الاتفاقية الاقتصادية التي وقعت في باريس. وهذا ما نطق به عباس ووضعه شرطا للدخول في حكومة الوحدة الوطنية بالكلمة التي القاها بعد أن قام بالغاء الانتخابات للاسباب التي أصبحت معروف ومكشوفة لكل متابع للاحداث على الساحة الفلسطينية والاقليمية. بمعنى مبسط انه وبعد كل التضحيات التي قدمها شعبنا في الانتفاضة الشعبية المباركة والتي عمت اراضي فلسطين التاريخية دون استثناء وبعد الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة ورفع سقف قواعد الاشتباك مع جيش العدو الصهيوني لصالحها وفرضه على المستعمر والمحتلو الى جانب الشهداء الذين سقطوا لتحقيق هذا فإن السلطة الفلسطينية تريد ركب الموجة كما وتريد ان تتعامل مع الفصائل الفلسطينية كشاهد زور للعودة الى طاولة المباحثات العبثية التي أذاقت شعبنا الأمرين وكأن شيئا لم يكن.
وبالرغم من عدم ظهور اي شيء الى العلن بعد لكن من الواضح ان هنالك هوة كبيرة بين موقف السلطة الفلسطينية ومواقف باقي الفصائل الفلسطينية والتي لا يمكنها ان تقدم الانجازات التي حققتها خارج إطار السلطة على طبق من فضة لها للاستمرار في نهج اوسلوا المدمر. هذه الهوة لا يمكن ردمها مهما حاولت وخاصة بعد ما جرى على الساحة الفلسطينية. الطرف المصري آثر عملية التأجيل والتروي لانه لا يريد ان يرى من قبل مشغليه وخاصة البيت الابيض ان ليس لديه القدرة على ضبط الامور بما يتناسب مع متطلبات الكيان الصهيوني ويقوم بلجم الفصائل الفلسطينية والخروج بصيغة يحفظها في ارشيفه من إتفاقيات سابقة.
وضمن هذا الواقع والمستجدات نقول لقد آن الاوان لشعبنا في كل اماكن تواجده أن يلجم هذه السلطة ويلجم استئثارها وتفردها وهيمنتها على القرارات المصيرية لشعبنا الفلسطيني ووقف النهج المدمر الذي ما فتأت على اتباعه منذ إتفاقية أوسلوا سيئة الصيت. وآن الاوان أيضا ان تكف الفصائل الفلسطينية عن التخندق الفصائلي والركض وراء تحقيق مكاسب لهذا الفريق أو ذاك. الكل يجب ان يرفع شعار واحد وهو شعار الوطن ويغلب مصلحة الوطن على مصلحة التنظيم او الحزب او الفصيل. إن عدم التوحد على اسس وبرنامج واضح واستراتيجية والياتها المطلوبة للمرحلة الحالية سيفتح الباب لكي تتلاعب السلطة وتستفرد بهذا الفصيل او ذاك وتحابي فصيلا على آخر وتزيد المخصصات المادية أو المراكز او الامتيازات لهذا الفريق او ذاك وتعمل على سياسة فرق تسد. كما انها بعد توحدها تفتح الباب للتدخلالت الاقليمية التي طالما اكتوى بها شعبنا وقضيته.
على الفصائل الفلسطينية في المقاومة وكل القوى الوطنية ان تتفهم اننا لسنا في سباق وتفاخر لمن يستطيع ان يجمع أكبر عدد من الناس في الشارعلدعوة ما. دعوات التظاهر او الاضراب أو تصعيد المقاومة الشعبية أو التوجه الى الاقصى او الشيخ جراح …الخ يجب ان تكون دعوة موجهة من قبل لجنة تشترك فيها الفصائل جميعا ليكون الصوت موحدا. يجب ان تنخلص من إرث الماضي في طريقة التعامل بين الفصائل مع بعضها البعض إذا ما اردنا بناء مستقبلا واعدا يشترك به الجميع. السلطة ستبقى على تصرفاتها وسياساتها وطرق عملها لانها لا ترى في المقابل جبهة موحدة ضاغطة من الفصائل الفلسطينية هذا على الرغم من أن شعبنا وبفصائله موحد في الميدان وتواق لكي يرى التوحد الغائب أو المغيب على مستوى القيادات لانها ما زالت تراوح مكانها نتيجة إرث تاريخي لم يعد متوافقا ومنسجما مع متطلبات المرحلة الحالية وربما هذا هو السبب الرئيسي في فشل الكثير من المحاولات التي بذلت لتوحيد الصف والموقف والعمل الفاعل والوازن على الساحة الفلسطينية للقوى الوطنية بفصائلها كافة دون استثناء الرافضة لاتفاقيات اوسلوا ونهج السلطة المدمر.
كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني