أردوغان وقضية الخاشقجي….مصائب قوم عند قوم فوائد

الدكتور بهيج سكاكيني
بالرغم من ان المخابرات وأجهزة الامن التركية تمتلك على ما يبدو الكثير من المعلومات الموثقة والملابسات المتعلقة في قضية إختفاء ومقتل الخاشقجي الا انها ما زالت تتحفظ عن إبداء التفاصيل الى وسائل الاعلام وتعطي المعلومات بالقطارة بين الحين والاخر لان أردوغان يريد ان يجير كل هذا الى مكاسب سياسية وإقتصادية الى أقصى حد من كل من الولايات المتحدة والسعودية في آن واحد.
لا يحتاج الانسان الى ان يجري بحثا لكي يدرك ان هنالك تنافس بين تركيا والسعودية شديد على النفوذ في المنطقة بدأت تتعمق منذ أن اطيح بنظام مرسي في مصر الذي ادى الى فرملة إندفاع الاسلام السياسي لحركة الاخوان المسلمين للسيطرة التدريجية على المنطقة التي اعقبت ما سمي بالربيع العربي. ولقد لعبت السعودية والامارات دورا محوريا في إسقاط نظام مرسي الاخواني في مصر. وهنالك صراع أيضا وتنافس على الساحة السورية ليس آخرها الدعم المادي 100 مليون دولار الذي قدمته السعودية الى قوات سوريا الديمقراطية التي تتشكل في معظمها من قوات حماية الشعب الكردية المرتبطة والعاملة تحت المظلة الامريكية في الشمال الشرقي لسوريا والتي تعتبرها تركيا قوى إرهابية ذات إرتباط قوي بحزب العمال الكردستاني التركي الذي يحارب الجيش التركي من اجل الاستقلال أو الحكم الذاتي لعقود من الزمن. وهنالك تنافس ايضا على الساحة العراقية والليبية. الى جانب ذلك فهنالك دعم سياسي وعسكري واضح لتركيا لدولة قطر وأميرها المحاصرة من السعودية ومجلس التعاون الخليجي والتي هددت بالغزو العسكري المباشر من قبل ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وكذلك تنافس واضح في الساحة الفلسطينية فبينما تدعم تركيا حركة حماس الاخوانية نرى ان السعودية تعمل على دعم السلطة الفلسطينية. بالاضافة الى التنافس على الساحة العربية هنالك تنافس على الساحة الدولية وخاصة في ساحة الدول الاسلامية حيث التنافس فيما بينهم علر قيادة هذه الساحة. ومن هنا فإن أي إضعاف لمكانة السعودية على الساحة العربية أو الدولية هو بالطبع يعتبر لصالح تركيا اتوماتيكيا من الناحية السياسية.
الى جانب هذا المكسب السياسي الذي يتصاعد بتصاعد النقمة على النظام السعودي وتورطه في العمل الاجرامي والمشين والمتوحش ليس عملية القرصنة والاختطاف بل في شناعة القتل للتخلص من “معارض” سعودي مما اسقط القناع عن الوجه القبيح لمحمد بن سلمان على وجه التحديد وأكذوبة تبني الحداثة والتمدن والنهوض بالسعودية إجتماعيا وإقتصاديا ونقلها من حالة تخلف إجتماعي على وجه التحديد ونقلها الى القرن الواحد والعشرونزززنقول الى جانب هذا المكسب لتركيا اردوغان فإن تركيا تفتش عن مكاسب إقتصادية وإستثمارات سعودية فأردوغان ليس بأقل من ترامب إنتهازية وقدرة على استغلال الحدث لحب بضعة مليارات ثمنا لتخفيف الوطأة والنقمة المحلية والدولية على ما حدث حيث بإمكانه أن لا يبوح بكل ما عنده. والمعروف ان اردوغان مايسترو وخبير في إدارة الابتزاز السياسي للحصول على فوائد إقتصادية ولنا في قضية المهاجرين واللاجئين السوريين وغي السوريين الى دول الاتحاد الاوروبي تجربة واضحة.
لكن الامر لا يقتصر على السعودية وحسب بل ان تركيا اردوغان تريد ان تحصل بعض المكاسب من الادارة التي تريد ان تحمي القيادة السعودية وربما حماية نفسها ايضا حيث ان البعض يعتقد ان التخلص من الخاشقجي هو عمل كانت تريده المخابرات المركزية الامريكية لما يمتلكه رجل المخابرات من معلومات لعمله الطويل مع المخابرات السعودية والمخابرات المركزية الامريكية وخاصة على الساحة الافغانية وعلاقتهم مع تنظيم القاعدة واميرها بن لادن. وكما اشرت في كلمة على الماشي ان زيارة وزير الخارجية بومبيو أحد اهدافها هو وضع الخطوط للخروج بقصة حول اختفاء وقتل الخاشقجي ترضي السعودية وتركيا وامريكا والاثمان والمكاسب لكل طرف من هذه الاطراف الرئيسية قبل إظهارها على العلن. والهدف الرئيسي تخفيف وطأة الخسارة على الجانب السعودي إقليميا ودوليا.
والذي يبدو ان أحد المطالب الرئيسية لتركيا هي رفع العقوبات التي فرضت عليها من قبل الادارة الامريكية وهذا ما ستحصل عليه تركيا بالتأكيد ومؤشر تحسن سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الامريكي دلالة على إمكانية ذلك وقريبا. ولكن تركيا تريد ابعد من ذلك وخاصة في سوريا فهي تريد ان ترفع امريكا دعمها لقوات سوريا الديمقراطية وقيام كيان كردي في الشمال السوري لانها ترى بذلك تهديدا لامنها القومي. وهنالك تفاهمات وإتفاقيات تركية امريكية بشأن مدينة منبج ايضا تريد تركيا من امريكا الالتزام بها. ولا شك ان هذه الامور قد بحثت في الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الامريكي. يبقى ان ننتظر ونرى في الايام أو الاسابيع القليلة القادمة ماذا ستؤول اليه الامور. ولا شك ان الولايات المتحدة على عجلة من امرها لتسوية الموضوع وخاصة وانها على أعتاب إنتخابات نصفية في 6 نوفمبر ولا تريد ان تنعكس هذه القضية للتاثير عليها.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023