أيها “الموتى” عودوا للقبور…واتركوا للأحياء تقرير المصير!!!؟

أيها “الموتى” عودوا للقبور…واتركوا للأحياء تقرير المصير!!!؟

بقلم هشام البوعبيدي |

 تصدير: اقترض أشعب من جاره دينارا، فلما حلّ موعد السداد سلّمه درهما وقال له ان الدينار قد ولده، ففرح الجار بالدرهم وأخذه…وبعد مدّة لقيه أشعب باكيا وقال له إن الدينار قد مات في النفاس.. فأمسك به الجار مستنكرا: وهل هناك عاقل يصدّق أن دينارا قد مات؟ فردّ أشعب: إن كنت صدّقت أنه قد ولد.. فلم لا تصدّق أنه مات !!؟

أعلنت محكمة المحاسبات في تقريرها الذي أعدته حول تمويل القائمات المشاركة في الانتخابات البلدية السابقة، وما أحاط بالعملية برمّتها من إخلالات وتجاوزات متعدّدة الأوجه من هذا الحزب أو ذاك، الا أن أطرف ما كشفته اللجان بعد بحث وتدقيق في السجلات والوثائق، أن 68 شخصا من بين المتبرّعين لحزب حركة النهضة، بين سنتي 2016 و2018، تبيّن أنهم متوفون في تاريخ التبرّع، فسّرها الناطق الرسمي باسم حركة النهضة بأن ذوي المتوفين وأقاربهم هم من قاموا بالتبرع نيابة عنهم (صدقة جارية).

لو وقفنا على هذا الحد، لبدا الأمر مجرّد مغالطة وتملصا من إحراج وتفص من مسؤولية، لكن حين نربطه بـ”سوابق” قام بها “الموتى” وانتهاكات ألصقت بهم، لتبينا أشكال المراوغات التي أتوها والإفك الذي استصدروه وحجم الفساد الذي نخر “الكبير والصغير والذي يدبي على الحصير”، حتى إذا ضاقت بهم السبل امتدت يد المفسدين لساكني القبور الذين ينتظرون عفوا من الله وغفرانا، وأقحموهم في سجالات الأحياء ومشاكلهم وخلافاتهم.

ولذوي الذاكرة القصيرة والمثقوبة، عليهم استذكار ما أحاط بانتخابات 2014 من حقائق طمست في مهدها عن “المتوفين”، الذين قاموا من الأجداث الى صناديق الاقتراع ينسلون، فبعثوا بقدرة قادر حتى أدلوا بأصواتهم التي كانت موجّهة وبتوفيق من الله مسدّدة حتى أسهموا في فوز مرشحيهم، أو نستحضر قائمة “الموتى” الذين يتمتّعون بجرايات ومنح وبعضهم يحظى بترقيات على جهودهم، كتبها الله في ميزان حسناتهم، أو أولئك الذين لا يزالون مسجلين في اللوائح الطبية وتصرف بأسمائهم الأدوية من المستشفيات العمومية وتعوّض من الصناديق الاجتماعية….

فليست الديمقراطية مجرّد ورقة ندلي بها في صندوق اقتراع ونحن نعلم كيف تتحوّل الى نهج للبيع والشراء مع تدفّق طوفان المال السياسي بلا رقيب ولا حسيب…ولا الحرب على الفساد مجرّد تشريع قوانين صارمة نبقيها معلقة الى حين تسليطها سيفا على رقاب الخصوم ويكون ولاؤنا “للطائفية الحزبية” والقبلية الايديولوجية أقوى من الحقيقة وننصر أخانا ظالما أو ظالما…فيكون الخور في رؤيتنا القاصرة لحقائق الأمور ورغبتنا في الإصلاح مجرّد حملات انتخابية وذر رماد في عيون العمي، وطالما أننا لم نتخلى عن سلبياتنا ونصدّق أن “الدينار يلد”…فلن يكف “الموتى” عن العبث بمصيرنا!!؟

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023