إردوغان وموعد مع الهزيمة بمواجهة القوات السورية والروسية…بقلم المهندس ميشيل كلاغاصي

إردوغان وموعد مع الهزيمة بمواجهة القوات السورية والروسية…بقلم المهندس ميشيل كلاغاصي

على مدى التاريخ الطويل بينهما سجلت العلاقات التركية – الروسية خطوطاً بيانية صاخبة لم تعرف ديمومة الإستقرار أو الثبات , وتنوعت ما بين العداء والصدام والحروب والنزاعات والتوترات , إلى الهدوء وحسن الجوار والتعاون السياسي والعسكري والإقتصادي , لكن الثابت الوحيد لجوهر تلك العلاقات هو الصراع على النفوذ ، المبني أساساً على صراعاتٍ جيو– سياسية , تاريخية , ثقافية , دينية … وضعت كل منهما على طرفي نقيض , من حلف الناتو إلى حلف وارسو , وتعددت القضايا الخلافية بينهما من القضايا الثنائية إلى الإقليمية والدولية… لكن ذلك لم يحرم العلاقات بينهما من بعض الهدوء والإستقرار المؤقتين تحت عناوين التقاء وتقاطع المصالح , الذي ساهم بتأسيس علاقاتٍ استراتيجية قادتهما نحو تقارب سياسي أسس بدوره لعلاقات إقتصادية وشراكة تجارية مميزة , احتل فيها قطاع الطاقة وأنابيب نقلها مركز الصدارة لكليهما , إن كان على مستوى التقارب أو الخلاف حولها والتباعد.
وإذا كان البعض يرى أن علاقات الجانبين اليوم , تمر بمرحلة صعبة ودقيقة , نتيجة إحتدام الصراع الدولي , وصعوبة التنبؤ بملامحه القادمة , في وقت تخشى فيه موسكو وأنقرة كغالبية دول العالم , من فواتير الحسابات الخاطئة , الأمر الذي يكسب تحركات وتصرفات الجميع بالحدة والحذر الممزوج بالرغبة بتفادي الهزيمة , في مناخٍ دولي يتجه نحو الصدام والتصعيد أكثر مما يتجه نحو إنتاج الحلول والسلام .
ومن خلال تشعب وتعقد الملفات ما بين موسكو وأنقرة وسط الصراع الدولي الملتهب , بات السعي لتسجيل النقاط وتجميعها لا يخضع لحدود ساحات الإشتباك فقط , وبدا كل منهما مهتماً بتوزيع إنتصاراته بحسب ترتيب قضاياه وأولوياته , واستعمال باقي الملفات للضغط والمناورة والمقايضة.
وعليه .. تستمر العلاقات الروسية – التركية بصخبها وتأرجحها على حبال التوتر والإحتكاك الخشن والمنافسة , ويواصل الرئيس التركي التصرف بحدة وتحدي تجاه روسيا والمصالح الروسية , وبالأمس من خلال كلمة تركيا في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، اعتبر إردوغان أنه من الضروري تكرار الإشارة إلى أن تركيا لا تعترف بـ “الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم” , في الوقت الذي يدرك فيه أن روسيا لا تعترف بسيادة تركيا على شمال قبرص.
مما لا شك فيه أن الإنتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفائها الروس والإيرانيون وحزب الله واّخرون , أجبر أنقرة على التخلي عن أولوية حلم الفوز بتقسيم سوريا والفوز بسرقة وقضم مساحات واسعة من أراضيها , في الوقت الذي أظهرت فيه موسكو ثباتاً في أولوية دعم الدولة السورية بمحاربة الإرهاب وبالحفاظ على وحدة أراضيها , وبإنهاء الحرب وبإعادة إعمارها , واستعادة استقرارها وأمنها ودورها في المنطقة.
لكن المواجهات الروسية – التركية الأهم تبدو في سورية , مع إصرار دمشق لتحرير كامل أراضيها وطرد قوات الإحتلال التركي وتنظيماته الإرهابية من إدلب وكافة مناطق الشمال السوري , بالإضافة إلى إصرار موسكو على تنفيذ بنود الإتفاقات الموقعة مع الجانب التركي والتي لم يلتزم بها منذ العام 2018 … وبحسب وسائل الإعلام فإن تركيا تنقل أربعة آلاف جندي تركي وثلاثمائة وحدة من المعدات العسكرية إلى محافظة إدلب السورية , في تحدٍ مباشر لدمشق وموسكو , وبما يؤكد تمسكه بإحتلاله وإرهابييه وبإستمرار زعزعة الإستقرار في سورية.
من المؤكد أن الرئيس التركي يراهن على الدعم الأمريكي والأطلسي والإعتماد على المرتزقة والإرهابيين , في الوقت الذي تملك فيه دمشق من الإصرار والعزيمة والقوة والمقدرة ما يكفي لإلحاق هزيمةٍ تاريخية بقوات الإحتلال التركي ومرتزقته على الأراضي السورية , وبأن محافظة إدلب ستعود عاجلاً أم اّجلاً إلى كنف الدولة , كذلك موسكو التي ضاقت ذرعاً بأكاذيب إردوغان ومرواغته في سوريا , وسط استعداد الجيش العربي السوري وبدعم ومشاركة القوات الجوية الروسية للدخول إلى إدلب , وبإستعادة السيطرة على الطريق الدولي المعروف بـ M4.
لا يمكن لإردوغان تحمّل المواجهة العسكرية المباشرة مع دمشق وموسكو , ولا تعدو تعزيزاته العسكرية سوى مناورات للتهويل ولرفع فرص الحوار مع موسكو والحصول على فرص ومكاسب إضافية , إذ لا يمكن لإردوغان تجاهل الهزائم التركية التاريخية أمام القوات الروسية , في حين لا تزال دمشق ترفض الحوار مع دولة الإحتلال التركي رغم كل ما يسوقه الإعلام المضلل , وتصر على خروجه من الأراضي السورية , في الوقت الذي تبدو مراهناته على الحلف الأطلسي مثيرة للشفقة , وسط اللحظات الصعبة التي يعيشها التحالف وإحتمالية تحول شروخه الداخلية إلى صدمات حقيقية تطيح بعقده , ناهيك عن المادة الخامسة من ميثاقه والتي تنص على صد العدوان عن دول التحالف , وليس بدعم الجيش التركي المعتدي على الأراضي السورية.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023