استهداف الفريق القائد قاسم سليماني ورفاقه فرصة: فهل يحسن ترامب مواجهة العواقب؟

استهداف الفريق القائد قاسم سليماني ورفاقه فرصة: فهل يحسن ترامب مواجهة العواقب؟

بقلم: د.سهام محمد-باحثة سياسية |

يتساءل العديد منا ما علاقة استهداف الفريق القائد قاسم سليماني بالعراق؟ هل هذا اعلان بانتهاء الخطوط الحمر التي كانت مرسومة على مدى الصراع مع الولايات المتحدة الامريكية؟ ونسأل، عندما يستهدف شخص بحجم الفريق القائد قاسم سليماني في غير ميدان المواجهة، هل هذه الضربة دليل يأس أم تحديّ ؟

هذه الشخصية ما كانت لتستهدف، فلماذا الان وفي هذا التوقيت؟ هل لاعتبارات داخلية تخص ادارة ترامب وحدها ومأزق ترامب السياسي والقضائي؟ أم هو تطعيم لدرء الاسوأ؟

يصف بعض المحللين هذه الضربة بالمؤلمة لكنهم يقولون أنها لن تؤدي اٍلى حرب. لكن التوقعات كثيرة فحجم الرد بحجم الخسارة وهذا أمر بديهي. والتحدي الحقيقي هو في التوقيت والمكان. وصف السيد حسن نصر الله الردّ “بالقصاص العادل” وهو الوجود الامريكي في المنطقة، وهنا على الامريكي أن يختار اٍما أن يدافع عن وجوده ليحمي مصالحه و بالتأكيد وبدون شك يحمي استمرارية اسرائيل واٍما أن يسقط وتسقط اسرائيل.

كانت الولايات المتحدة تبحث عن ذريعة لتنفيذ “محدود” ومحسوب ضد الفريق القائد قاسم سليماني الذي ساعد في ظل قيادته فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، كما الجيش العربي السوري في محاربة داعش. ولعب دوراً أكثر أهمية من أي فرد آخر في هزيمة الإرهاب في دول المنطقة. كما كان يحظى باحترام واسع النطاق باعتباره واحداً من أذكى الشخصيات المتحكمة في تكتيكات الحرب غير التقليدية في الذاكرة الحديثة. وبسبب نجاحه، أصبح أحد أكثر أعداء الولايات المتحدة ، حيث ساهم في هزيمة القوات الاقليمية الحليفة للولايات المتحدة الامريكية ومن ثم كان مسؤولا جزئيا عن تراجع النفوذ الأمريكي وحلفائها في المنطقة في الفترة الاخيرة.

لذلك وبدون تردد، حكم عليه بالإعدام من قبل الولايات المتحدة، لكن ترامب كان يعلم أن استهدافه دون أي ذريعة سيكون تصعيدًا غير ضروري وبالتالي أراد أن يبقى هذا “القرار في جعبته” لوقت لاحق. وعندما قرر ذلك اعتقد أنه بذلك يوجه رسالة لمحور المقاومة بأنّ لا احد سيكون في مأمن من ضربات امريكية مماثلة.

من المنطقي القول أن قرار الضربة لم يكن ارتجاليا ولا عشوائيا، بل هو مخطط له بادعاء الامريكي بأنها كانت فرصة لتحقيق الهدف وهو التخلص من أشرس و أقوى عدو لامريكا ومخططاتها في المنطقة. لقد أوفى ترامب بوعده للAIPAC -في وقت يحضر الكونغرس قرارا لعزله ومحاكمته -عندما قال لهم ادعموني وأنا سألبي ما تريدون…فهل كانت هذه العملية الاجرامية من ضمن الطلبات الملحة التي استوجبت قرارا انفراديا وبهذه السرعة؟ قد نكون امام تحليلات كثيرة ومواقف مختلفة و لكن بالتأكيد نحن أمام انجاز اجرامي يخدم مصالح “اسرائيل” أكثر من أمريكا في المنطقة. فهو على الاقل كما يقولون خلصهم من عدوّ كان من الصعب مواجهته في الميدان. وربما التهليل والفرح الذي عبر عنه الصهاينة بعد اعلان القوات الامريكية عن العملية، دليل على الدور الاسرائيلي في ذلك.

يوجد عند الامريكي حسابات ايضا لا يمكن التغافل عنها، فهو اكيد يعرف ويتحضر لردة الفعل التي ينتظرها حتما من محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الاسلامية في ايران التي لن تتخلى عن الثأر ابدا. وهو يحاول اللعب على خطة أنه سيتقبل اي ردة فعل محددة يرى فيها أنها تقارب الحرب ولكنه قادر على الالتفاف عليها. لانه باختصار غير قادر على المواجهة الطويلة المدى وليس من مصلحته الذهاب الى دمار.

يمكننا القول بأن ترامب فكر في ضربة محددة متعمدة لاظهار هيمنة التصعيد الامريكية في المنطقة، لكنه لا يملك البدائل ولا الحلول لمواجهة تداعياتها. وهنا السؤال البديهي ماذا بعد تحقيق الهدف؟

الواقع يقول بأن استهداف الفريق القائد قاسم سليماني غير محسوب على الطاولة الامريكية بالرغم من أنّ الهدف المطلوب تحقيقه هو تعطيل مشروع التقدم نحو القدس، أي ضرب مسيرة ومشروع مقاومة بأكملها. وهذا الامر بات واضحا بأنه مدعوم اسرائيليا، حيث أنّه من أكبر أهداف “اسرائيل” لضرب مشروع المقاومة هو تمزيق العراق وتفتيته، ربما هذا ما يفسر اختيار ارض العراق لتنفيذ الجريمة.

لقد ورّط الصهاينة ترامب بالرغم من وعدهم له بأنهم سينقذونه من أزمته ومن مواجهة أي مساءلة حول قراره الانفرادي الذي يبدو أنه صدم الكثيرين و أربك مواقفهم. والاكيد انه خلق اليوم حالة من القلق والانتظار لما ستؤول له الامور، خصوصا وأن العارفين بالجمهورية الاسلامية في اٍيران يدركون تماما أنّ ما ارتكبه ترامب من “حماقة” كما يقولون، قدم لها الحجة بتصنيف ما حصل بأنه جريمة حرب ضد شخصية عسكرية وسياسية فاعلة في بلاده والمنطقة، وعلى ارض دولة ذات سيادة، كما قدم لها السلاح الذي سيُقطع به رأس ترامب سياسيا في أول مواجهة مع خصومه.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023