الأخذ بالأسباب على درب تحقيق الإنتصار…بقلم د. أنور العقرباوي

الأخذ بالأسباب على درب تحقيق الإنتصار…بقلم د. أنور العقرباوي

دعونا على ضرورة التسليم بالحقيقة الأزلية الإلهية، التي من الله بها على أرض فلسطين بالبركة والقدسية، وجعل فيها قوما جبارين، ذو خلق وشجاعة لا تلين، والتي بشرنا فيها بتحقيق الوعد الإلهي، حين سندخل المسجد كما دخلناه أول مرة، عندما نأخذ بالأسباب على طريق النصر المبين!

صحيح أن الله قد أمرنا بالتوكل عليه، وتفويض الأمر إليه (إن كنتم مؤمنين)، وعلمنا كيف للوعد الذي أنزله على عباده، حتى يجعله دكاء وحقا، أن يقترن ذلك في الأخذ “بالأسباب”. وإذا كان من بديهيات التيقن بالأسباب تلك، أنها لا تحتاج للإستدلال عليها، من خلال الإنتماءات الفكرية المختلفة، أو الدينية التكفيرية المدسوسة، بالقدر الذي أهم ما نحن بحاجة إليه من خلالها، هو التعرف على تلك الأسباب ومواضعها، حيث أننا حينها سوف نتخذ من كل الوسائل والتدابير وأسباب العمل، بعد التوكل على الله لا متواكلين، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، داخلين فلسطين منتصرين.

وحتى لا نغوص بالكثير من التفاصيل التي لا يجهلها الكثيرين، وبالتحديد في هذا الوقت الذي تشتد فيه الإنفعالات وتسيل الدماء فيه، فلعله من المفيد أن نقتصر في عرض “الأسباب” تلك، مستفيدين من الأحداث والتفاعلات، التي سوف تمهد ليوم النصر العظيم، والتي كان من أبرزها في تقديرنا، هي إنتفاضة أهلنا داخل فلسطين المحتلة، التي جاءت كي تؤكد لنا أنها ستكون، العامل الأبلغ والرصيد الأهم من “أسباب” النصر يوم الفتح العظيم، التي ليس أبلغ من الدلالة في خطورتها على الكيان الصهيوني، مع ما صرح به ما يسمى وزير الدفاع الصهيوني، بيني غانتس من أن “الانقسام الداخلي يهددنا ولا يقل خطورة عن صواريخ المقاومة”! وإن لم نكن بحاجة حتى يذكرنا مجرم الحرب غانتس، بأن أحدا فينا لن ينسى، فلقد جاءت ردة فعل الجماهير العربية وهي تخرج إلى الشارع، التي طالما من “أسباب” النصر انتظرنا وعليها تمنينا، حتى لا ينسى بدوره وتثبت له، أننا كلنا أمة واحدة في سبيل فلسطين، مثل البنيان الذي يشد بعضه بعضا! وبالتأكيد “السبب” الذي لا يمكننا تجاهله ويشد من أزرنا، هو الإتساع الظاهر ويزداد تطورا، ذلك الذي يلعبه الرأي العام الدولي، في تعرية الكيان الصهيوني ومزاعمه عن الديمقراطية، حينما دفعت بنفسها جموع مواطنيه إلى الشوارع تضامنا مع فلسطين، وهي تندد بالممارسات البشعة في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء، وما له من دور في التأثير على مشرعيهم، كما شاهدنا ذلك هنا في قلب عاصمة قتلة الشعوب!

أما على الجانب الآخر والذي لا يمكن لنا تجاهله، ويضاف رصيدا آخر من “الأسباب” إلى يوم الإنتصار الموعود، هو ما بدا للعيان ظاهرا، من خلخلة أنظمة “الإعتدال” لثقتها بنفسها، من خلال إختبائها وراء صغار موظفيها، وإطلاق العنان لها في إصدار بيانات الشجب والإستنكار، التي ندرك الغرض منها في محاولة إمتصاص نقمة الجماهير عليها، ناهيك بالطبع عن السقوط المدوي لزمرة أوسلو فاقدة الشرعية وسلطتها، والتي على النقيض منها مجتمعة كلها، ما أن لبثت الأمة حتى تعمقت الثقة بنفسها، التي تضاف إلى “الأسباب” التي تبشر، عند يوم المنازلة الكبرى، على الدور المنتظر منها، بحكم تجربتها ووعيها ومعرفتها بأنظمتها الجبانة!

وفي النهاية لا بد لنا من التوقف ولو بإيجاز، عند ضرورة تعميق ثقافة المقاومة وتعميمها، على أساس الصدق وعدم المبالغة، والتنوير بالحقيقة مهما كان ثمنها، والإبتعاد عن أساليب تجييش المشاعر في إطلاق الوعود، التي ثبت عقمها واثرها السلبي، في نفوس الجماهير العربية ومعنوياتها، لما للثقافة من أهمية بدورها، مع جملة “الأسباب” الأخرى، في تحقيق الوعد الإلهي، بدخول المسجد كما دخلناه أول مرة!

فلسطيني واشنطن

 

 

 

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023