الاستغلال السياحي للمدينة العتيقة بتوزر و مخاطره

الاستغلال السياحي للمدينة العتيقة بتوزر و مخاطره

إعداد: فتحي بوليفه أستاذ باحث في الجغرافيا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة |

منذ بداية استغلال المدينة العتيقة بتوزر في النشاط السياحي في الستينات، تكثفت زيارات السياح إلى هذا الموروث التاريخي و الحضاري الهش نتيجة للفيضانات المدمرة المتتالية التي تميز مناخ هذه المنطقة الصحراوية من البلاد التونسية. تسبب هذا الاستغلال السياحي المكثف لهذه المدينة و لامبالاة سكانها في مزيد تدهورها لذلك قامت الدولة بإعادة تهيئة أحيائها و تهذيبها للمحافظة على طابعها المعماري المميز. لكن هل نجحت هذه العملية في حماية هذا الموروث الحضاري من المخاطر التي تتهدده بالتوازي مع النهوض بتنوع المنتوج السياحي بمدينة توزر؟                 

1- لماذا استغلال المدينة العتيقة بتوزر في النشاط السياحي؟

على أثر المجلس الوزاري المضيق الذي إلتأم في 12 نوفمبر 1987، أي بعد خمسة أيام فقط من انقلاب زين العابدين بن علي على الرئيس بورقيبة، تقرّر وضع خطة شاملة للنهوض بالسياحة الصحراوية لتنويع المنتوج السياحي التونسي و احتلت مدينة توزر عاصمة بلاد الجريد موقع المحرك لتنفيذ هذه الخطة الجديدة بتكثيف استغلال كل مقوماتها الطبيعية و الثقافية و موروثها المعماري المميز لها في الجنوب التونسي على أبواب الصحراء، خاصة مدينتها العتيقة التي تعكس عمق تاريخ هذه المنطقة المتجذرة في أصالتها.

هذه المدينة التي شهدت تعاقب الحضارات الرومانية و الإسلامية نجحت في المحافظة على مدينتها العتيقة التي تعود أصولها إلى الحقبة الإسلامية الأولى في شمال إفريقيا بفضل تمسك سكانها باستعمال مواد بناء محلية مثل الطين و الآجر الذي يسمّى محليّا “القالب“. رغم هشاشة هذه المواد، صمدت قرونا في مقاومة التغيرات المناخية و خاصة الفيضانات المدمرة المتعددة و المتتالية خاصة في سنوات 1969، 1975 و 1990 التي تسببت في تدهور و هدم جزء كبير من بناءات هذا الموروث الحضاري و الثقافي مما استوجب تدخل الدولة عن طريق عدة عمليات لإعادة التهيئة و التهذيب و الصيانة لتثبيت السكان بهذه المدينة ثم لاستغلالها كمنتوج سياحي ثقافي لاستقبال أعداد كبيرة من السياح.

تتكون المدينة العتيقة بتوزر من عدة معالم إسلامية، مثل الجامع و المساجد و زوايا الأولياء الصالحين مثل “سيدي عبيد الأخضر” “سيدي عبدالسلام” “سيدي المولدي“… بعض هذه المعالم قد شيّد داخل المدينة لأداء الصلاة و البعض الآخر قد شيّد على أطرافها على ضفتي وادي توزر و أغلبها أضرحة و زوايا للأولياء الصالحين الذين يحضون بزيارة سكان المدينة   في المناسبات و الأعياد للتبرّك بهم.                                                                                                        

بناءات المدينة متلاصقة، مساكنها مجمعة في شكل أحياء حول النواة أو الحيّ الأوسط و الأكبر “أولاد الهادف” أو “الهوادف“. تتكون كل مساكن المدينة من ساحة تسمّى “حوش” تتوسطها حديقة تغرس بها نخلة أو عدد من النخيل و تحيط بها غرف تتعدّد حسب تعدّد أفراد الأسر. يفصل بين المساكن أنهج ضيقة تتخللها ساحات عمومية مغلقة أو مفتوحة تسمّى “بحبوحة“، تفصل بينها ممرات مغطاة تسمّى “صاباط” أو “بورطال“. كل البناءات ذات طابق واحد و أحيانا طابقين.

5- ساحة عمومية مغلقة (بحبوحة)

المصدر: تصوير شخصي 2019.

تتميّز المدينة العتيقة بطابع حضري و معماري يختلف عن المدينة الحديثة، حيث تكون الطرقات و الأنهج ضيقة و متعرجة جدّا مما يضفي عليها التفرّد و الإختلاف الذي يلحظه الزّائر عند تجوّله وسط المدينة، حتى أنه يشعر و كأنه في متاهة.

هذا الطابع الحضري و المعماري الذي يميّز المدينة العتيقة عن المدينة الحديثة يتناسب مع الخصائص المناخية و التوبوغرافية لموقعها و موضعها قرب الواحة و وادي توزر، حيث تكون أكثر رطوبة و أقل حرارة من المدينة الحديثة المجاورة لها، كما يساهم الطين و “القالب” في الحد من حرارة الصيف الصحراوي و برد الشتاء القاري القارس.

2- الاستغلال السياحي للمدينة العتيقة بتوزر

منذ الستينات من القرن العشرين مثلت المدينة العتيقة بتوزر مزارا للسياح، لكن توافدهم تضاعف عدة مرات خاصة في التسعينات من نفس القرن بعد تدعيم الدولة عمليات النهوض بالسياحة الصحراوية. و لئن ساهم الاستغلال المفرط لهذه المدينة في النشاط السياحي في تنويع المنتوج السياحي بالمنطقة، فقد تسبب في مزيد تدهور حالتها. حيث تعدّ المدينة العتيقة التي يتردد عليها عدد كبير من السياح أكثر المواقع السياحية هشاشة وهي تمثل التراث المعماري و الهندسي المميز لها مقارنة بكل المدن العتيقة التونسية. يتردد عليها بالإضافة إلى السياح، المصورون المحترفون و الرسامون و المهندسون المعماريون و مهندسو الديكور و الطلبة… لأغراض فنية مهنية و علمية… كما مثلت مسرحا لتصوير عدة أفلام سينمائية و تلفزية تونسية و أجنبية.

للمحافظة على هذا الموروث المعماري الحضاري تدخلت بلدية توزر و ولايتها و وزارة السياحة للقيام بعمليات إعادة تهيئة و تهذيب لهذه المدينة، خاصة بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بها جرّاء الفيضانات الجارفة في شتاء 1990 كما برزت بها لأول مرة بعض المحلات لبيع الصناعات التقليدية، مثل مغازة “دار بن عاشور” وسط المدينة، بعد أن حوّل بعض السكان أجزاء من مساكنهم إلى محلات تجارية.

8- مغازة كبرى للصناعات التقليدية “دار بن عاشور” بوسط المدينة العتيقة

 

المصدر: تصوير شخصي 2019.

دفع إعجاب السياح بالمساكن التقليدية بالمدينة بغض الباعثين السياحيين إلى شراء منازل قديمة و متداعية للسقوط لإعادة تهيئتها و تحويلها إلى “دور ضيافة” أكثر رفاهة لاستقبال السياح و إيوائهم في إطار شبه عائلي يحبذه السياح الذين يرغبون في نوع من “الحميمية الأسرية” بعيدا عن نواميس النزل و صخبها. نذكر من هذه الدور خاصة: “دار توزر“، “دار زهرة“، “دار القبة“…

9- دار الضيافة “دار القبة

المصدر: تصوير شخصي 2020.

ظهرت هذه الدور لإيواء السياح مكان بعض النزل القديمة المحاذية للمدينة التي كانت حتى زمن قريب تستقبل السياح و توقفت الآن عن العمل مثل نزل “الرونق” المغلق منذ سنوات حتى أصبح في حالة متدهورة و متداعي للسقوط.

10- نزل “الرونق” المحاذي للمدينة العتيقة مغلق

المصدر: تصوير شخصي 2020.

بعض النزل الأخرى المحاذية للمدينة العتيقة تمت إعادة تهيئتها لاستقبال السياح من جديد و الاستفادة من قربها من تجهيزات وسط المدينة كالسوق المركزية و دكاكين الصناعات التقليدية المحاذية للمدينة العتيقة. نذكر من هذه النزل: تزل “الواحات” (4 نجوم)  و نزل “دار غوار” (3 نجوم).

لم تكن كل المشاريع التجارية ناجحة في المدينة العتيقة و خاصة المشاريع الثقافية التجارية التي كانت تهدف إلى استقطاب عدد أكبر من السياح. مثل المقاهي الثقافية التي تضررت من ركود النشاط السياحي في السنوات الأخيرة خاصة بعد الثورة (2011) و الضربات الإرهابية التي دفعت عدة بلدان من المصادر الرئيسة للسياح مثل فرنسا و ألمانيا إلى تصنيف البلاد التونسية منطقة ذات مخاطر أمنية و خاصة المناطق الصحراوية بالجنوب.

11- مقهى ثقافي مغلق وسط المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي 2019.

تأوي المدينة العتيقة أيضا مقرّ “جمعية صيانة مدينة توزر” و متحف صغير الحجم تؤثثه بعض التحف الأثرية الثمينة و بعض الكتب الأدبية و العلمية القيمة مثل “مخطط توزيع مياه واحات توزر” الذي ألفه العالم “إبن الشباط“. كما يحتوي على بعض الحلي و لوحات للتزويق و الزينة و بعض الأدوات القديمة للطبخ و الفلاحة الواحية و الحياة اليومية لسكان الجريد.

هذا المتحف القديم المتداعي للسقوط تحت إدارة “نقابة التوجيه السياحي بتوزر” يشهد تراجعا كبيرا في عدد الزائرين المحليين و السياح و يمكن تفسير ذلك بعدم إدراجه حتى في الملصقات و الكراسات و الومضات التلفزية الاشهارية كما أنه أيضا لا يذكر في إحصائيات الديوان الوطني للسياحة التونسية ضمن زيارات المتاحف و المواقع و المعالم الأثرية.

12- تواضع تجهيزات المتحف القديم وسط المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي 2019.

يشكو هذا الموقع التاريخي أيضا من صعوبة الوصول إليه نتيجة لغياب اللافتات المرشدة و هيكل مكلف باستقبال و ارشاد الزائرين مما يدفع ببعض سكان المدينة للقيام بهذا الدور دون أن تكون له كفاءة و معرفة في الإرشاد السياحي.                في دراسة قام بها فريق دراسات ياباني سنة 2001 بتكليف من “الديوان الوطني للسياحة التونسية” لتقييم عدة تجهيزات و مواقع أثرية سياحية في البلاد التونسية، تم الكشف على عدة نقائص ملخصة في الجدول التالي:

1- تقييم بعض تجهيزات المدينة العتيقة بتوزر

التقييم التجهيزات
ضعيفة الإرشادات
ضعيفة مأوى السيارات
ضعيفة متحف
ضعيفة لافتات
غير متوفرة معلومات
اللغات المتوفرة
غير متوفرة دورة مياه
أكشاك

المصدر: فريق دراسات ياباني 2001.

 

13- تواضع تجهيزات الارشاد نحو المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي 2020.

3- المخاطر التي تهدد المدينة العتيقة بتوزر

المواقع التاريخية و الأثرية في الجنوب التونسي التي تعاني من هشاشة كبرى بسبب التقلبات المناخية (حرارة كبيرة، رياح رملية، فيضانات، صقيع شتوي ليلي…) و الإستغلال العشوائي، لا تعيرها “الوكالة الوطنية لتثمين و استغلال المواقع التاريخية و الأثرية” أيّ اهتمام، رغم أن دورها الرئيس هو العناية و النهوض بالموروث الحضاري للبلاد.

تعرّضت هذه المدينة لعدة فيضانات متعدّدة و مدمرّة، نذكر منها خاصة في سنوات 1969، 1975، 1990… التي تسببت في هدم أجزاء هامة من هذا الموقع الأثري. بعد فيضانات 1990 التي تزامنت مع بداية العهد الجديد للنهوض بالسياحة الصحراوية، تدخلت أطراف عديدة مثل “صندوق النهوض بالمناطق السياحية” و “الديوان الوطني للسياحة التونسية” و “المندوبية الجهوية للتجهيز و الإسكان” و بلدية توزر و البرامج الجهوية للتنمية للقيام بعمليات ترميم و تهذيب و مد شبكات للتطهير و تصريف مياه الأمطار و تبليط الأنهج و الممرات و تغليف واجهات المساكن بالآجر التقليدي للمدينة “القالب“.

تتعرّض هذه المدينة أيضا إلى مخاطر أخرى نذكر منها مغادرة بعض السكان لمساكنهم بعد الفيضانات المتعددة للسكن في الأحياء الطرفية للمدينة الحديثة مما تسبّب في مزيد تدهور حالتها دون صيانة. كما يتعرّض هذا الموروث المعماري إلى مخاطر تشويه جماليتها المعمارية و الهندسية باستخدام السكان لمواد بناء حديثة كالآجر الأحمر و الخزف مما تسبّب في طمس الطابع المعماري و الجمالي التقليدي للمدينة.

 

14- استعمال مواد بناء حديثة (الآجر الأحمر) تطمس الطابع المعماري الجمالي لمساكن المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي 2019.

4- سكان المدينة العتيقة على هامش استغلالها السياحي

يعود تثمين المدينة العتيقة بتوزر في النشاط السياحي إلى الستينات من القرن العشرين دون استشارة سكانها، لكن ذلك الاستغلال لم يكن بكثافة استغلالها منذ منتصف التسعينات بعد فيضانات جانفي 1990 و ترميمها و إعادة تهيئتها و تهذيبها و يعود ذلك إلى النظام السياسي السلطوي الذي كان سائدا في البلاد التونسية زمن الرئيس بن علي.

أمام عجز السكان على القيام بعمليات إعادة تهيئة المدينة العتيقة و ترميمها و تهذيبها تدخلت البلدية و الإدارة السياحية للقيام بها دون استشارة سكانها مما تسبب في ظهور تضارب في المصالح و الأهداف و عدة مشاكل عقارية حضرية و اجتماعية.

أثبتت البحوث التي قمت بها في هذه المدينة أن جل سكانها ينتمون إلى الطبقة المتوسطة و الفقيرة التي تعجز عن ترميم و صيانة مساكنهم القديمة داخل مجال المدينة العتيقة، باستثناء بعض السكان الذين قاموا ببعض الأشغال لإعادة بناء واجهات مساكنهم باستعمال الآجر التقليدي “القالب” لتزويقها و احترام الأشكال الهندسية المستعملة منذ القديم في واجهات المساكن و تجهيزها بأبواب مصنوعة من خشب النخيل المتوفر بالواحة المجاورة للمدينة.

 

15- محاكاة الطابع المعماري التقليدي باستعمال “القالب” و الباب الخشبي في تزويق المساكن

المصدر: تصوير شخصي 2019.

كل عمليات إعادة التهيئة و الترميم و التهذيب التي قامت بها الدولة و مؤسساتها المحلية لم ترافقها عمليات نهوض بأوضاع السكان المعيشية المتردية مما يمكّنهم من توفير الصيانة لمساكنهم عند تعرضها للأخطار المناخية و التقادم. كما أن تلك العمليات التي قامت بها الدولة لم تتجاوز واجهات المساكن و الساحات العمومية و الممرات، أما المكونات الداخلية للمساكن، التي لا تقل أهمية تاريخية و معمارية، فلم تشملها عمليات الصيانة.

تجب الإشارة إلى أن سكان المدينة العتيقة متشبثون بمساكنهم رغم تدهور حالتها عبر السنين بفعل الفيضانات المتعددة و افتقارها لأبسط التجهيزات الصحية و رغم توفر الأراضي المعدة للبناء على أطراف المدينة الحديثة التي تكون قيمها العقارية مرتفعة جدا بالنظر لقدرتهم المادية المتردية، لأن جل هؤلاء يمتهنون مهنا متواضعة الدخل كالبناء و نقل البضائع بواسطة العربات المجرورة “الكريطة” و التجارة العشوائية قرب السوق المركزية المجاورة للمدينة أو داخل المدينة ذاتها كبعض المحلات المتواضعة لبيع منتوجات الصناعات التقليدية أو ورشات صغيرة لصناعة بعض المنتوجات من سعف النخيل أو النسيج المحلي.

حتى ما قامت الدولة بترميمه و صيانته يصعب على هؤلاء السكان المحافظة عليه نتيجة لتواضع قدراتهم المادية و تدهور معيشتهم.

دون الولوج إلى جدل عقيم في مدى أهمية دراسة الإدراك الحسي للسكان في تقييم انعكاسات الاستغلال السياحي للمدينة العتيقة على مكوناتها و ظروف عيش سكانها، قمت ببحوث ميدانية في إطار السياحة الصحراوية و تقييم الإدراك الحسي للسكان في مدينتهم العتيقة و المخاطر التي تهدد هذا المخزون الثقافي و المعماري نتيجة لتثمينه في القطاع السياحي، وصلت إلى نتائج هامة.

16- مــمــر ضيق يعبر المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي 2019.

 

بيّن هذا البحث، الذي شمل 214 ساكنا للمدينة العتيقة، أن 91.1 % من السكان المستجوبين يعتبرون أن مدينتهم تراث أثري تاريخي في مرتبة أولى ثم 78.5 % منهم يعتبرونها مجرّد إطار عيش، بينما 54.2 % فقط يعتبرونها موقعا سياحيا. إستنتجنا من خلال هذه المعطيات جل الذين يعتبرون المدينة العتيقة موقعا سياحيا يعتبرونها في نفس الوقت تراثا أثريا تاريخيا، وهو ما يعكس تأثير النشاط السياحي على الإدراك الحسي للسكان لمدينتهم. يبدو أن استغلالها كموقع سياحي لفت انتباههم لأهميتها التاريخية.

2- الإدراك الحسي للسكان لمدينتهم العتيقة

التردّد العدد الإدراك الحسي
% 91.1 195 تراث إثري تاريخي
% 78.5 168 إطار عيش
% 54.2 116 موقع سياحي
100 % 214 المجموع

المصدر: بحث ميداني شخصي.

هذا الالتباس و الخلط بين ما هو تاريخي و ما هو سياحي لدى السكان يبرز في إجابتهم عن السؤال المتعلق بمدى استفادة سكان المدينة العتيقة من النشاط السياحي، حيث اعتبر 47.7 % من المستجوبين أن تأثير النشاط السياحي على مدينتهم كان إيجابيا، بينما اعتبر 52.3 % منهم أنه كان تأثيرا سلبيا. تبرز هذه النتائج أيضا أن المستائين من انعكاسات النشاط السياحي على مدينتهم أكثر من الراضين بها.

 

من المفارقة أيضا أن يكون أغلب الراضين من السكان المسنين (أكثر من 50 سنة) أو من هم من ذوي المستويات الدراسية المتدنية و الأميين. يبررون ذلك الرضا بفضل تثمين مدينتهم في النشاط السياحي في دفع الدولة و السلطات المحلية إلى العناية بترميم و صيانة المدينة. أغلب من اعتبر تثمين المدينة العتيقة في النشاط السياحي مضرّ بها هم من السكان الشباب (أقل من 35 سنة) ذوي مستوى دراسي ثانوي أو عالي. علّلوا رأيهم ذلك بتسبب السياح في مزيد تدهور الحالة الهشة للمدينة التي عانت كثيرا من الفيضانات و إهمال السكان.

 

تحدّت المدينة العتيقة بتوزر كل الظروف الطبيعية القاسية و استغلالها في النشاط السياحي و إهمال السكان لتبقى صامدة منذ قرون إلى اليوم. لا تزال تمثل نخوة سكانها و أنفتهم، رغم أن عددا كبيرا منهم لا يعون أهمية عمليات ترميم و صيانة هذا التراث المعماري الأثري التاريخي بمواصلة استعمال مواد بناء حديثة قد تطمس الطابع المعماري التاريخي للمدينة. كما يجب تشريك هؤلاء السكان في عمليات إعادة التهيئة و الترميم و ترشيد استغلالها في النشاط السياحي باحترام طاقة استيعابها و تحمّلها لتوافد عدد كبير من السياح و ذلك للمحافظة على هذا الموروث الحضاري للأجيال القادمة.      

 

fathyboulifa@gmail.com      

 *************************************************

المصادر و المراجع:

Références bibliographiques :

1- Bailly, A. (1977). La perception de l’espace urbain : théories et modèles. CEDEX, 272 p

2- Boulifa, F. (2010). Le tourisme saharien et le développement régional dans le Sud-Ouest Tunisien. Thèse de doctorat, F.S.H.S. Tunis. (619 p).

3- Douady, G-N, Mestiri, M. (1962). Gafsa, Djerid et Nefzaoua : Etude d’aménagement touristique. Tunis. (218 p).

4- Fendri, M. (1976). La protection des villes anciennes face à l’expansion du tourisme culturel en Tunisie. Séminaire. Tunis. (14 p).

5- Miossec, J-M. (1973). L’image touristique comme introduction à la géographie du tourisme. In : Annales de géographie (N° 454, pp 55-70).

6- Lemaitre, A. (1996). Réflexion sur le paysage : paysage et patrimoine historique.

In : Information géographique. (N° 60, pp 117- 183).

7- Puig, N (1997). Territoires et formes d’organisation collective à Tozeur. In : Maghreb-Machrek, (N° 157, pp 78-88).

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023