التطبيع مع ليبيا … فشل إسرائيليّ جديد !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

التطبيع مع ليبيا … فشل إسرائيليّ جديد !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

وسط مخاوف من تطبيع رسمي ووشيك بين ليبيا والكيان الصهيــ.ـوني ، كشفت تقارير عبريّة مساء أمس 27 أوت 2023 النقاب عن اجتماع بين وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، ووزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش في روما، ذكرت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلية، في بيان لها، عن أول اجتماع بين إيلي كوهين ونظيرته الليبية بهدف دراسة إمكانيات التعاون وبناء علاقات بين البلدين، وجاء الرد الليبي بأن أوقف رئيس الحكومة الليبية وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل احتياطيا وأحالها على التحقيق..

يسعى الكيان الإسرائيلي، منذ نشأته القسرية في عام 1948، إلى دمج نفسه في محيطه العربي والإسلامي، عبر مختلف الوسائل والأساليب، والتي تجمع بين استثمار قوّته وتفوّقه عسكرياً وتكنولوجياً وقدراته السياسية والدبلوماسية المخاتلة، واستناده إلى الضغط الأميركي الهائل، من أجل تحقيق هذا الهدف التطبيعي الاستراتيجي، والذي سيمثّل شارة النهاية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية والصراع العربي – الصهيــ.ـوني، وذلك في إطار استراتيجيته العامة لتصفية قضية فلسطين وإنهاء الصراع مع الدول العربية بشأنها، وبسط هيمنته المطلقة على المنطقة.

إن المساعي الليبية، والتي تقتصر على بعض القوى السياسية حتى الآن، من أجل نيل الدعم الأميركي أو الإسرائيلي، سياسياً وأمنياً، من أجل الاحتفاظ بالسلطة فحسب، هي مساعٍ مخزية وخاسرة في النهاية، لأنها لن تُفلح في إرغام الشعب الليبي على قبول تطبيع مصطنع ووهمي مع عدو اغتصب الأرض والمقدسات، وهو يشكّل نقيضاً لكلّ شعوب المنطقة، ولقِيم الخير والعدل والحريّة في العالم، إن ليبيا اليوم، على الرغم من معاناتها المستمرة من جراء أزمة داخلية، لا تحتاج إلى تواصل أو إلى دعم من “إسرائيل” ومن الولايات المتحدة الأميركية أو من عملاء التطبيع ، في أي شكل من الأشكال، بل هي تحتاج فقط إلى إدارة سياسية نزيهة وقوية، وفي أي حال، فإن تطبيع “إسرائيـ.ـل” مع ليبيا سيظل حلماً بعيد المنال..

ما شهدناه من رفض و غضب شعبي كانا جواب الشعب الليبي الذي أكّد رفضه لأي تواصل ليبي أو تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي و يؤكد على أن التضامن العربي مع فلسطين لم يتغير، وأن المطبعين مع الاحتلال ما زالوا فئة قليلة معزولة، تبحث عن مصالح ضيقة، وتتجاهل المصالح العليا لشعوبها ولأمتنا العربية والإسلامية، كما أن الحراك الرافض للتطبيع يؤكد فشل كل الحملات التي تهدف إلى تحسين صورة الإسرائيليين والتحريض ضد الفلسطينيين، وهي حملات أنفقت عليها بعض الأنظمة مليارات الدولارات، لكنها ذهبت أدراج الرياح، لأن ضمير الأمة لا يمكن أن يتغير أو يتبدل بجيش إلكتروني مصطنع، أو تحركات مسمومة ومشبوهة، ولا بادعاءات زائفة تتناقض مع تاريخنا وعقيدتنا..

حقيقة أن هنالك استمرارية لمحاولات التطبيع التي يقوم بها الاحتلال الصهيــ.ـوني وأجهزته منذ زمن طويل في الدول العربية التي وقعت ما يسمى “اتفاقيات سلام” مع بعض البلدان العربية ، وفي هاته البلدان نفسها هناك رفض شعبي عميق جداً لوجود الاحتلال الصهيــ.ـوني، ففي الوقت الذي كان يحلم فيه قادة الكيان بجعل هذه الاتفاقيات معبرا وقنطرة للتطبيع مع الشعوب، وجعلها تقبل على التطبيع كما أقبلت عليه الأنظمة؛ صدمت بهذا الرفض شبه المطلق من الشعوب، رفض لكل أشكال وأنواع التطبيع. فإن الموقف الشعبي لم يتغير قيد أنملة بل يزداد وعي الأجيال بحقيقة الكيان الصهيــ.ـوني المحتل والغاصب لأرض فلسطين.. اغلب محاولات خلق قطيعة بين الشعوب العربية وشعبنا الفلسطيني فشلت فشلاً ذريعاً، وأن أي محاولة لتمرير التطبيع ستفشل وإن نجحت ستبقى رهينة بقاء بعض الأنظمة لا أكثر.

خلاصة : إنّ القراءة الإستشرافية لمسار محاولة تعميم التطبيع على كامل المنطقة المغاربية، تقود إلى الاستنتاجات الآتية؛ إنّ تحقيق الأهداف المدرجة على الأجندة الإسرائيلية، لا يمكن أن يتم إلا عبر إغراق بعض الدول في مستنقع التطبيع؛ الأمر الذي يحتاج إلى بوابات اختراق للبلدان المغاربية.. تنظر إسرائيل إلى دول المغرب العربي؛ ضمن مشروع التطبيع والتفتيت العام، والمستند إلى محاولة تحقيق أهداف راهنة تتلخص في أهداف جيوستراتيجية وتتمثل في عناصر تتعلق بشكل مباشر بالصراع العربي الصهيــ.ـوني، وبمحاولة تطوير تغلغلها في عمق القارة الإفريقية والإمساك بغربها، وهي: إيجاد مرتكز للتغلغل في القارة الأفريقية من جهة الشمال، حيث ترى أن التطبيع سيلعب دورًا حيويًا في تكريس دورها في كافة القارة الأفريقية، و أن تلجأ اسرائيل وبعض القوى الغربية إلى العمل على الكسر بالقوة للدول المغاربية الرافضة للتطبيع، والتي تحوز من الامكانيات ما يؤهلها لأن تكون طرفًا مؤثرًا في الصراع العربي الإسرائيلي..و في ظل هذه المتغيرات الجيوسياسية و التحولات الإقليمية والدولية..، وإذا كانت الهواجس الأمنية حاضرة بقوة عند الحديث عن التغلغل الصهيــ.ـوني في الدول الأفريقية، فإنَّ الجانب الأخلاقي يجب ألاّ يغيب هو أيضا عن حساباتنا..و ليست الاعتبارات الأمنية ولا الجيوسياسية هي وحدها التي تستفزّ الأحرار من الدول العربية والأفريقية للتصدي للتغلغل الإسرائيـــ.ــلي المشبوه في أفريقيا، بل أيضا الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية والدينية؛ فالمكانة والشرف اللذين حصلتهما الشعوب الأفريقية في نضالها ضد الاستعمار يجب ألاّ يُلطّخا بالتعامل مع ربيبة الاستعمار؛ دولةِ الاحتـــــلال الإسرائيـ.ـلي..

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023