الجميع متورط ومتآمر على غزة في حرب الإبادة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني*

الجميع متورط ومتآمر على غزة في حرب الإبادة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني*

استمرار عملية الإبادة الجماعية في غزة تدل بشكل واضح ان الجميع بمن فيهم دول عربية واغلبية ما يسمى بالمجتمع الدول متورط في هذه العملية. فلا يمكن لاي انسان في هذا العالم أن يرى ما يرى على الشاشات الصغيرة ويصدق بان العالم بأجمعه لا يستطيع ان يلجم هذه الغدة السرطانية المتوحشة والتي تمارس ما مورس على اليهود وغيرهم من قبل ا ل ن ا ز ي ة.

وزير في هذا الكيان لا يستبعد ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية لضمان التخلص من كل شعبنا في قطاع غزة مما أدى الى ادانات من داخل الكيان وخارجه وكأن ما يقوم به الكيان من حرب الإبادة والالاف الاطنان التي سقطت على غزة هي ليس بمفعول قنبلة نووية حقيقية.

قلنا ونعيد ونكرر ان الولايات المتحدة هي المسؤول الأول عن كل المجازر التي ترتكبها الأداة التي تريد أن تؤكد على انها ما زالت في موقع تستطيع ان تؤدي الدور المنوط بها من قبل الامبريالية العالمية وعلى رأسها الامريكية بالطبع. ولكن يجب أيضا التأكيد على ان ما يحدث لم يكن ليحدث لولا الدعم الاعمى من قبل كل الدول الغربية مجتمعة والتي تدور بالفلك الأمريكي وكذلك الأدوات من الأنظمة العربية التي طعنت وما زالت تطعن الشعب الفلسطيني بالخنجر ليس في الظهر كما عهدناها، بل في الصدر أيضا ولا نستثني من ذلك السلطة الفلسطينية التي وبمواقفها الهزيلة والضعيفة والخانعة للأميركي حتى لا نقول أكثر إنما تهيئ وتمهد لمزيد من ارتكاب المجازر في قطاع غزة.

الاجتماع الأخير الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان بين وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ووزراء خارجية كل من الأردن ومصر والسعودية والامارات وقطر وحسين الشيخ الفلسطيني تمحور حول ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة وإعطاء هذا البند الأولوية، ولكن هذا لم يحدث بالرغم من الوعود الجوفاء المتكررة من قبل الولايات المتحدة صاحبة القرار والامر والنهي وهي التي تدير الحرب. كل المؤسسات الإنسانية والاونروا والمستشفيات العاملة في القطاع تصرخ وبصوت عالي الى انه إذا لم يتم فتح المعبر وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ووقود ومواد تموينية لان الوضع أصبح كارثيا وما زالت الولايات المتحدة وربيبتها الكيان الصهيوني تعطل وتؤجل وتقف حجر عثرة لتحقيق ذلك. الكل يدعو الى وقف إطلاق النار، ولكن بلينكن يقولها بالقلم العريض للمجتمعين ان أمريكا لن توافق على وقف إطلاق نار لمدة أيام بل الى “هدنة إنسانية” ربما لبضع ساعات ولماذا؟ حتى يتم إخراج المحتجزين من حملة الجنسية الامريكية وإعطاء فرصة للجيش الكيان للتحضير بشكل أكثر لعملية الاجتياح البري الفاشل لغاية الان. ولقد أكد على ان الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل وتمكنها لتحقيق أهدافها وهي ببساطة القضاء على المدنيين وتهجير ما تبقى منهم الى سيناء. الولايات المتحدة تريد تزويد الكيان بقنابل صغيرة للتقليل من حجم الدمار والتقليل من اعداد القتلى من المدنيين الى هذه الدرجة من الوقاحة يتفوه بها بلينكن والإدارة الامريكية. بلينكن بهذه المواقف يؤكد نقطتين أساسيتين أولا ان الولايات المتحدة هي شريك فعلي في حرب الإبادة وثانيا انها هي من يدير هذه الحرب ولها اليد العليا في تحديد القرارات الميدانية والسياسية.

لم يعترض أي من وزراء الخارجية العرب اللذين اجتمعوا مع بلينكن مؤخرا عن تسمية حماس من قبل بلينكن بانها حركة إرهابية وعلى ان الولايات المتحدة لا يمكنها القبول بترك قطاع غزة تحت سلطتها. ولم يجرؤ أحد منهم على تحدي بلينكن بالقول بان ما تقوم به إسرائيل هو الدفاع عن احتلالها للأراضي الفلسطينية وليس دفاعا عن النفس. وان ما يقوم به الفلسطيني هو الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال وهو حق كفلته كل الأعراف والقوانين الدولية. كان من المفترض التصدي لمفهوم “حق إسرائيل للدفاع عن نفسها” هذا الكلاشيه التي أصبحت تستخدم وتمرر في كل مرة ترتكب فيها إسرائيل وجيشها القتل والمجازر بحق الفلسطيني.

ولكن من الضروري القول هنا بان زيارة بلينكن فشلت في الحصول على غطاء رسمي عربي علني لاستمرار العدوان على غزة (ونوكد على كلمة علني هنا). وهذا الفشل ربما كان واضحا من المواقف التي عبر عنها كل من وزيري الخارجية الأردني والمصري. فالأردن كما هو الحال بالنسبة الى مصر يرى في استمرار العدوان على غزة واستمرار عملية الإبادة تتخذ الان كوسيلة من قبل الأمريكي والإسرائيلي لعملية التهجير القصري والتطهير العرقي لسكان غزة يشكل خطرا حقيقيا على الامن القومي المصري والأردني. وإذا ما نجح الكيان الصهيوني في هدفه الاستراتيجي من هذه الحرب أي تهجير سكان غزة الى سيناء فالخطوة التي ستليها هي تهجير سكان الضفة الغربية الى الأردن لإقامة ما كان يسمى بالوطن البديل. هذا بالإضافة الى ان عامل الضغط الشعبي الواسع في كلا البلدين كما يتضح من حجم المظاهرات التي ما زالت تخرج وبأعداد كبيرة يفرض على قيادة البلدين التمسك بموقف وقف العدوان والحرب فورا والسماح لقوافل وشاحنات المعونات الإنسانية من الدخول الى قطاع غزة وفتح معبر رفح لفترة طويلة لتحقيق ذلك.

أما الموقف الاماراتي والسعودي فواضح من الاخبار التي ذكرت مؤخرا من ان الدفاعات الجوية السعودية قامت بالتصدي لصاروخ باليستي أطلق من اليمن متوجاه الى فلسطين المحتلة. أما الامارات فق أرسلت 8 طائرات عملاقة حطت في صحراء النقب محملة بعتاد عسكري واسلحة وذلك دعما للكيان في عدوانه تحت معاهدة الدفاع المشترك الموقعة بين الطرفين. هذا ما أعلنته وسائل الاعلام العبرية ولم نسمع لغاية الان أي إنكار لهذين الحدثين من أي من البلدين. وبالإضافة الى ذلك يبدو ان قيادة البلدين رأت في حرب الإبادة على غزة فرصة الى تصفية حسابات تاريخية مع حركة الاخوان المسلمين على حساب دماء الأطفال والنساء والسيوخ اللذين شكلوا للان ما يقرب من 70% من الشهداء.

وننهي هنا بالقول ان الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية والطرف الفلسطيني يأتي قبيل “القمة العربية الطارئة” في 11 من هذا الشهر. والذي يبدو ان النظام العربي الرسمي قد دفع الاجتماع الى هذا التاريخ آملا ان تكون المقاومة قد انتهت في غزة وللبحث فيما بعد غزة وشكل الحكم السياسي فيها والسيناريوهات التي حملها معه وزير الخارجية الامريكي وقام بطرحها على السلطة الفلسطينية وبقية الدول العربية المطبعة. خابت آمالهم لان هذا لم يتحقق ولن يتحقق فهذا الشعب وبعد 75 سنة من النكبة قد انتقل وتجاوز عقلية النكبة الى عقلية المقاومة ولن تسقط البندقية طالما بقي طفل فلسطيني على وجه الأرض.

* كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023