الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني: ملامح الدور التاريخي…بقلم صلاح المصري

الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني: ملامح الدور التاريخي…بقلم صلاح المصري

تحيي الأمة الإسلامية وقوى المقاومة العالمية الذكرى الثالثة  لاستشهاد القائد المجاهد  الحاج قاسم سليماني،  في 3شهر جانفي 2020،  حيث استشهد برفقة الحاج أبي مهدي المهندس وكوكبة من رفاقه المجاهدين.

وقد جاء استشهاد هؤلاء القادة إثر  قصف أمريكي استهدف موكبهم أثناء مغادرة مطار بغداد، بأمر مباشر من مجرم الحرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .

وللشهيد القائد الحاج قاسم سليماني خصائص معنوية عظيمة في مسيرته الجهادية الطويلة والممتدة في مختلف ساحات المواجهة ضد الاستكبار العالمي بوجوهه المختلفة.

قاتل ضد جميع الأعداء الذين وضعوا أنفسهم لخدمة مشاريع الشيطان الأكبر الأمريكي.

وشارك بفعالية قصوى في إسقاط مشاريع العدو الصهيوني والأمريكي،

طيلة أكثر من أربعين عاما ( 40) وهو قائم يحمل روحه بين كفيه وينازل أعداء الأمة والإسلام و المستضعفين.

وقد اختار الله له الشهادة لتكون تتويجا نورانيا لتلك المسيرة الجهادية المخلصة.

وكان استشهاده بقرار أمريكي غادر وجبان، وكشفت عملية الاغتيال مرارة الهزيمة التي تكبدها الشيطان الأكبر في  ميدان المواجهة فلم يجد سبيلا غير الغدر.

فتحولت عملية استشهاده إلى لحظة مواجهة تاريخية استثنائية بين حقيقة المقاومة بما تحمله من قيم العدل والرحمة والحب والوفاء وحقيقة الشيطان الأكبر بما يحمله من حقارة ذاتية وظلم وجبن وتنكّر لجميع القيم الأساسية في حياة الإنسانية جمعاء.

وقطعت عملية الاستشهاد ألسن جميع المشككين في حقيقة المعركة الكبرى والنصر الالهي الكبير الذي حققه الحاج قاسم سليماني للأمة العربية والإسلامية والإنسانية عندما قطع حبل  الفتنة الداعشية الأمريكية الصهيونية،  وحطّم كيان تلك الغدة السرطانية التي لبست لبوس الدين وجاءت تريد التمدد وسط الأمة الإسلامية كلها لتلتحم بالغدة السرطانية الصهيونية السابقة والتي اضطرت إلى الانكماش طيلة العقود الماضية بسبب ضربات الحاج قاسم سليماني ورفاقه المجاهدين في محور الأمة والمقاومة.

وقد ظهرت الكثير من الأبعاد المعنوية العظيمة في شخصية الشهيد  الحاج قاسم، فهو لم يكن مجرد مقاتل أو قائد ميداني يكتفي بوضع الخطط والإشراف البعيد عن المعارك،  وإنما تجسدت فيه المعاني العليا للتخلّق الإسلامي النبوي، من حيث مشاركة رفاقه جميع مخاطر المواجهة ضد داعش أو الصهيونية، وتجسدت فيه معاني التقوى والتواضع والورع والحرص على الاستقامة والتزام الأحكام الشرعية.

الشهيد قاسم سليماني وهزيمة داعش الكبرى

وستبقى مشاركته الكبيرة في إدارة المعارك في سوريا والعراق بالتعاون  مع الجيش العربي السوري والجيش العراقي والجيش الروسي  وقوات الحشد الشعبي وقوات حزب الله  وغيرهم من القوات المتطوعة،  نموذجا انسانيا راقيا في تجسيد روح التخلق خلال الحرب وتحييد المدنيين وإدارة التفاوض مع جماعات الإرهابيين التكفيريين، وهذه إحدى الخصائص الربانية للشهيد القائد.

كيف نخضع الحرب مع أبشع عدو إلى ميزان التخلّق الإسلامي

شكّك كثيرون في الانتصار الإلهي ضد الكيان الصهيوني عام 2006 والذي شارك فيه بكل فاعلية ميدانية الحاج قاسم سليماني،  ولكن لا يمكن لأحد أن يشكّك في انهيار داعش السريع أمام مخططات العسكري القائد الحكيم، لقد تحدثت أمريكا عن عمر سيتجاوز ثلاثين سنة لداعش، حيث تمت برمجة هذا الكيان السرطاني لإنجاز أقذر مهمة عبر التاريخ الإنساني وليس الإسلامي وحده، كانت داعش  جزءا من خطة عالمية ممتدة ستحوّل المنطقة العربية والإسلامية كلها إلى ركام متنقل من الجهل والتخلف والقتل والعمالة وسيتم عبر داعش  القضاء على كل مظاهر الحياة المعنوية والإنسانية والإسلامية في بلاد المسلمين وسيصلون حسب البرمجة الأمريكية والصهيونية إلى هدم الكعبة تحت عنوان أنها مظهر للشرك كما يدّعون،

وكان شعار داعش الأساسي ” باقية وتتمدد”  فهي سرطان حقيقي لا يعرف الحدود،  وذلك في تناظر غير مسبوق مع الكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يعترف بحدود وإنما بالتمدد حسب موازين القوة والضعف.

لقد استطاع الشهيد الحاج سليماني بالتعاون مع المخلصين من أبناء الأمة والمقاومة أن يغيّر جميع المعادلات وينقلب السحر الأمريكي على قادة الإمبريالية الاستكباريّة فانقلبت  داعش سريعا إلى مرحلة الانكماش والتراجع لتجد نفسها سريعا  محاصرة في معاقلها الاخيرة .

ويعلن الحاج الشهيد قاسم في رسالة معروفة إلى السيد علي الخامنئي أنّ المهمة المقدسة تكللت بالنجاح وأنه استطاع أن ينهي هذه الغدة السرطانية الجديدة التي غرستها الولايات المتحدة الأمريكية وسط الأمة الإسلامية وقدمت لها جميع أشكال الدعم ،  وقد قال القائد الحاج سليماني في جزء من الرسالة المؤرّخة في 21نوفمبر 2017:

“” بسم الله الرحمن الرحيم

إنّا فتحنا لك فتحاً مبينا

قائد الثورة الإسلامية العزيز والشجاع سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي (دام ظلّه)

سلام عليكم

منذ ستة أعوام نشبت فتنة خطيرة شبيهة بفتن عصر أميرالمؤمنين (عليه السلام) سلبت المسلمين فرصة وحلاوة الفهم الحقيقي للإسلام المحمّدي الأصيل وكانت ملفوفة ومغمّسة بسموم الصهيونية والاستكبا وطافت في أرجاء العالم الإسلامي مثل إعصار مدمّر…..

إنني أنا الحقير بصفتي جنديّاً مكلّفاً من قبلكم في هذا الميدان ومع إنجاز عمليات تحرير الأبوكمال آخر قلاع داعش وإنزال علم هذه الجماعات الأمريكية – الصهيونية ورفع العلم السوري،  أعلن إنهاء سيطرة هذه الشجرة الخبيثة الملعونة نيابة عن جميع القادة والمجاهدين المجهولين في هذه الساحة وآلاف الشهداء والجرحى الإيرانيين،  العراقيين،  السوريين،  اللبنانيين،  الأفغانيين والباكستانيين المدافعين عن المقدسات الذين هبّوا للدفاع عن أعراض وأرواح المسلمين ومقدّساتهم ونثروا الأرواح في سبيلها وأهنّئ وأبارك لجنابكم وشعب إيران الإسلامية العظيم والشعوب المظلومة في العراق وسوريا وسائر المسلمين هذا النصر العظيم والمصيري كما أمرّغ جبهتي بالتراب في حضرة الله القادر المتعال شكراً لهذا النصر الكبير.

وما النّصر إلا من عند الله العزيز الحكيم

إبنكم وجنديّكم قاسم سليماني  “”

إنّ قافلة الشهداء الأبطال الذين برزوا إلى أعداء الأمة وثبتوا في ميدان المواجهة ولم يفقدوا عزمهم وبصيرتهم وقضوا ما عليهم من واجب القيام في سبيل العدل والحق، ، قافلة ممتدة ومتواصلة، إنما تمثّل ذلك الصعود الحقيقي  إلى عالم المعنى والحياة الأبدية فالشهداء أحياء عند الله خالدون،

إن شهادتهم منحت الحياة إلى الأمة العربية والإسلامية وإلى المستضعفين.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023