الصراع الامريكي الايراني: أربعون عاما من المواجهة الدامية

بقلم: صلاح المصري |
منذ 4نوفمبر 1979،تاريخ اقتحام السفارة الأمريكية في طهران من طرف الحركة الطلابية الثورية الإيرانية اخذ الصراع ابعادا جديدة و مختلفة تماما حيث شكلت الحادثة سابقة عالمية و ضبطت الهوية الوطنية المعادية للامبريالية الأمريكية و قطعت جميع الطرق امام المهادنة،و تم القبض على الدبلوماسيين الجواسيس حيث قضوا مدة 444 يوما رهائن لدى الطلبة و تم الكشف عن كميات هائلة من الوثائق التي تبرز تورط الولايات المتحدة الأمريكية في التامر ضد الثورة،وقد قضى الطلبة شهورا يعيدون ترتيب الاجزاء الصغيرة للاوراق التي مزقتها آلات السفارة الأمريكية ( كما تظهر الصورة ).
و قد اعتبر الامام الخميني عملية اقتحام السفارة الأمريكية بالثورة الثانية و وقف داعما للحركة الطلابية رغم مخاوف الحكومة الإيرانية التي يتراسها ابو الحسن بني صدر،
و قرر بعد ذلك أن يجعل ذكرى اقتحام وكر الجاسوسية الامريكية هو يوم مقارعة الاستكبار العالمي.
و قد سبق هذه الحركة الثورية اغلاق سفارة الكيان الصهيوني و تسليم مقرها إلى منظمة التحرير الفلسطينية،
إننا نعتبر الخاصية الجوهرية التي يمكن أن تجعل الثورة الإيرانية ذات قيمة عربية و إسلامية و عالمية هي الموقف الواضح و القطعي من الامبريالية الأمريكية و الكيان الصهيوني،


وهو موقف لا مثيل له في تاريخ الثورات العربية والإسلامية و التحررية،
و استمر هذا الخط الثوري رغم كل التغيرات الإقليمية والدولية،و لم تستطع مختلف الخطط والبرامج الأمريكية أن تغير هذا الجوهر الثابت،تنوعت الوسائل من المرونة الى الشدة،و من العقوبات الى الاغراءات،
و اليوم في الذكرى 39 لاقتحام وكر الجاسوسية نستمع مجددا و بوضوح إلى الموقف الأمريكي و الصهيوني من إيران،
حيث تبدأ عقوبات أمريكية جديدة من اجل حصار ايران و اجبارها على تغيير سياساتها.
#ماذا_تطلب_الادارة_الأمريكية_من_إيران ؟
(( يجب على قادة ايران ان يتوقفوا عن دعم الإرهاب و نشر الصواريخ البالستية و ان يوقفوا الأنشطة الإقليمية المدمرة و ان يتخلوا عن طموحاتهم النووية على الفور )) هذا ما جاء على لسان وزير الخزانة الأميركية،
فليس المطلوب من ايران تغيير نظامها السياسي الإسلامي،و ليس المطلوب التزام حقوق الإنسان كما تدعي امريكا دائما،و ليس المطلوب وقف التوسع الايراني و النفوذ،
مطالب الامريكان ترتبط اساسا بسياسات ايران في المنطقة العربية والإسلامية من حيث دعمها لحركات المقاومة و خاصة لبنان و فلسطين و الموقف الداعم للنظام السوري و دعم حركة أنصار الله في اليمن.
لان ايران عربية تدافع عن الأمة العربية و عن مقدسات العرب و حقوق الشعب العربي،و لان ايران وقفت مع سوريا ضد العدوان العالمي الارهابي و منعت امريكا وبريطانيا وفرنسا و الصهيونية و جميع العملاء من تحقيق الخطة الاستراتيجية التي وضعت لتمزيق و تفتيت الأمة العربية والإسلامية،منعت الحلم الامريكي الصهيوني من التحقق و فتحت للعرب فرصة عظيمة، 
و لأن ايران دعمت الحكومة العراقية في حربها ضد داعش و عصابات الارهاب و لان ايران تقدم السلاح و المال و الدعم السياسي لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية و لان ايران شريك مبدئي و استراتيجي في جميع الانتصارات العربية ضد الصهيونية،لبنان 1985 و 96 و 2000و 2006 و صمود المقاومة في غزة اثناء حرب 2009و 2012و 2014،
ان مشكلة ايران مع الأمريكان انها عربية و ليست فارسية كما يسوق الكثيرون،و كل طموح الإدارة الأمريكية أن تعود ايران فارسية كما كانت في ايام الشاه البهلوي،تعود ايران المتعاونة مع العدو الصهيوني،


ان المواجهة الدامية التي تخوضها ايران و تتعرض خلالها إلى اشد العقوبات الأمريكية لها سبب واحد وهي ولاء قيادة الثورة الإسلامية للقدس .
في كل يوم تختار القيادة الوطنية في ايران الانتماء إلى القدس و المسجد الاقصى،و تضع المصلحة القومية الفارسية في المرتبة الثانية و الثالثة.
و الرئيس الأمريكي ترامب واضح في خطته الجديدة يريد أن يضغط على القيادة الإيرانية حتى تغير نظام الأولوية،و ذلك باستعمال سلاح التجويع،
#النموذج_الجديد_ايران_وحلفاؤها
ان مشكلة امريكا مع ايران انها تدعم الإرهاب و ان لها سياسات في الشرق الأوسط مدمرة،
هذه شهادة أمريكية صهيونية مشرفة للقيادة الإيرانية،فكل جندي صهيوني او امريكي قتل في المنطقة انما شاركت ايران في قتله اما عبر الدعم التسليحي او التدريبي او التخطيط او مباشرة، على الاقل من 4نوفمبر 1979،
بين ايران و العدو الصهيوني و الامريكي حساب طويل يصل الان الى 40 سنة و كلاهما يعرف صاحبه جيدا،
و النموذج المقاوم الجديد هو سياسة الدعم دون التدخل مما يساعد على بناء حركات مقاومة ذات صلابة وقوة و استقلتلية،
ان الولاء داخل جميع حركات المقاومة ليس ايرانيا،فايران نفسها تابعة للقدس،الولاء للقدس و فلسطين،
و يكفي للتدليل على ذلك الموقف الإيراني من حركة حماس التي اتخذت موقفا مناقضا للقيادة الإيرانية في قضية العدوان على سوريا،و بلغ احيانا مرتبة الخيانة و لكن لأن القدس فوق كل شيء فقد استمر الدعم الايراني لكتائب القسام و لحركة حماس،
و كل من يتابع مواقف حزب الله و سياساته يدرك هذا النموذج الأخلاقي الراقي في العلاقة بين حركات المقاومة و إيران، 
و يكفي ان نرجع البصر قليلا و ننظر إلى علاقة سعد الحريري بولي العهد السعودي او علاقة ترامب بالسعودية و قطر و تركيا او علاقة ترامب بفرنسا لنكون على يقين من هذه الثورة الأخلاقية في محور المقاومة، 
إننا في تونس و الوطن العربي أكثر الناس ضررا من السياسات الأمريكية العدوانية على فلسطين و على جميع اقطارنا، و نحن أكثر الناس مصلحة في انتصار ايران العربية والإسلامية،
لكن يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023