القضية الفلسطينية من القومية إلى العالمية…بقلم محمد الرصافي المقداد

القضية الفلسطينية من القومية إلى العالمية…بقلم محمد الرصافي المقداد

نظرة الإمام الخميني رضوان الله عليه الإستشرافية للقضية الفلسطينية ومستقبلها كان عميقة، بحيث أعطاها منذ إعلانه الشهير الذي صدع به، متحدّيا دول الإستكبار العالمي، ومبرزا مظلومية شعب اغتصبت أرضه وانتهكت حقوقه عليها، إلى درجة لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيلا، اختار لتوقيت إقامة يوم عالمي للقدس يوما له قيمته القدسية، آخر جمعة من شهر رمضان المعظم، لينقل القضية الفلسطينية أوّلا من إطارها القومي الضيّق الذي فشل في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني بالحرب والسّلم، بل زاد في مأساته بالخيانات والخذلانات، عمّقت من آلامه وجراحه واوصلته من حالة الرجاء والأمل إلى اليأس وفقدان الأمل.

لقد قام الامام الخميني رضوان الله عليه بوضع القضية الفلسطينية على سكّة الإسلام وشعوبه العريضة، من إندونيسيا شرقا، إلى بقية الدّول الغير عربية، وهي تمثل في تعدادها أضعاف العرب عددا وعُدّة وإمكانات، هذا النقل المنطقي، كان سيعجل بحل القضية بأي طريق، لو وجد من يبادر إليه قبل الامام الخميني رضوان الله عليه، مع أنه كانت هناك نداءات اصلاحية أخرى، دعت الى تعميم القضية لتأخذ مكانتها القدسيّة، لكن أصحابها لم يكن لهم سلطة أو نفوذ، بإمكانه أن يجعل نداءاتهم تؤخذ بعين الاعتبار، خصوصا والوعي الإسلامي إلذي جاءت به الثورة الإسلامية الإيرانية كان في حدّه الأدنى، ولم يتفاعل بالمقدار المؤمّل مع ثقافتها، بين الشعوب الإسلامية في بداية انتصارها، والحرب الدعائية المعلنة على الامام الخميني رضوان الله عليه ونظامه كانت في أوجها، وحجبت مقاصده الثورية بشأن الإسلام عموما والقضية الفلسطينية خصوصا.

ولئن كان هذا النداء العظيم الذي سيخلّده التاريخ، كافيا ليصحّح مسار القضية الفلسطينية، وينقلها من إطارها العربي إلى إطارها الإسلامي، فإنّ الهدف الثاني الذي صرّح به الإمام الخميني رضوان الله عليه، مقصده كان أشمل وأعمّ حتى على المستوى الإعلامي والدّعائي للقضية، فقد قال: (يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، وإنما يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين، ويوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى .. إنه اليوم الذي سيكون مميِّزا بين المنافقين والملتزمين، الذين يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس ويعملون ما ينبغي عليهم. أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء لـ«إسرائيل»، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، بل ويمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات) (1)

نعم لقد أراد الامام الخميني رضوان الله عليه من خلال إعلانه هذا، التوسّع أكثر في طرح القضية الفلسطينية، بلفت أنظار شعوب العالم الأخرى، إلى مظلومية الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، من خلال وصفه ليوم القدس العالمي، بأنّه يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين، وقد وجد هذا الوصف اهتماما كبيرا من الشعوب المستضعفة في العالم فتبنّوا نداءه، والتزموا بإحيائه مساندة منهم للشعب الفلسطيني، انظروا إلى هذا المد التضامني والمساندات الكبيرة من شعوب أمريكا اللاتينية والعلم الفلسطيني أصبح شعار الاحرار والثوار في العالم.

المشروع الأمريكي الذي قدّمه رئيسه ترامب للأمم المتحدة، بشأن اعتبار القدس عاصمة الكيان الصهيوني رفضت التصويت له كل من (بوليفيا، والبرازيل، وكوستاريكا، وكوبا، والاكوادور، ونيكاراجوا، والبيرو، وفنزويلا، وأوروجواي) بينما امتنعت ثماني دول أمريكية عن التصويت وهي(الأرجنتين،كولومبيا،السلفادور،وهايتي، والمكسيك، وبنما، وباراجواي، والدومينيكان)(2) انحياز كلي للقضية الفلسطينية ظهر من فديل كاسترو وارنستو تشي غيفارا، والرئيس الفنزويلي الراحل أوغو شافيز(3) ومن بعده مادورو، والبيروفي إيفو موراليس(4) يكفي أن أقول هنا أن العلاقات بين طهران وكاراكاس بلغت مستوى استراتيجي عال لم تستطع أمريكا له كسرا رغم جهودها الكبيرة التي بذلتها، وكانت ايران عند مستوى التحدي الذي خاضته مع فنزويلا، وكل ذلك بسبب فلسطين ومن أجل فلسطين.

ودون أن ننسى فضل الشعب الإسكوتلندي بقيادة الجزب الوطني السكوتلندي، الذي ناصر بدوره قضية فلسطين، وهو في كفاحه من أجل الإنسلاخ عن مملكة بريطانيا، المؤسسة والداعمة للكيان الصهيوني (5)، هذه الشعوب الحرّة، وفي جميع شعوب العالم أحرار قلّوا أم كثروا،  لهم كلمتهم ومواقفهم من القضية الفلسطينية، ليس بمقدور أي نظام عربي مهما بلغ عتيّا في الاستبداد والظلم أن يلغي انتماءنا لقضيتنا المركزية وعملنا في الوقوف معها بما نقدر من جهود، ولن نتوقف مهما كبرت قافلة التطبيع مع الكيان الغاصب، فهي قافلة تسير على غير هدى، في تيه أمريكا ودول الغرب الدّاعمة للكيان السرطاني الخبيث، غدا سوف تتحرّر فلسطين، ولا ينفع المطبعين تطبيعهم الذي قاموا به ضدّ إرادة شعوبهم التي دمها وروحها فلسطينيين، الرابحون من وقفوا إلى جانب القضية والخاسرون من أعلنوا أنهم خرجوا منها بأسلوب أتعس ما يوصف بأنه خياني جبان.

المراجع

1 – الامام الخميني(قدس) واعلان يوم القدس العالمي

https://www.taghribnews.com/ar/report/335484/

2 – مواقف دول أمريكا اللاتينية في ميزان القضية الفلسطينية

https://www.azhar.eg/observer/details/ArtMID/1142/ArticleID/22684/

3 – تشافيز مدافع عن قضية العرب المركزية

https://www.almayadeen.net/news/600849/

4 – علاقة إفو موراليس بالعرب والقضية الفلسطينية علاقة دوهر وانتماء

https://www.almayadeen.net/reports/1359370/

5 – اسكتلندا: صوت فلسطين من بريطانيا يقلق الكيان

https://alkhanadeq.com/post.php?id=3268

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023