المغرب العربي الى أين؟

المغرب العربي الى أين؟

في زمن المعلوماتية، وسرعة انتشارها الالكتروني – دون السمعي البصري- ووجود شخصيات مناضلة، من أجل السلم والاستقرار في العالم، لم يعد صعبا كشف عزائم قوى الشرّ، وأهدافها في تهديد أمن دول وشعوب العالم، جارة كانت أم بعيدة عن مواقعها، وقد بدا العالم العربي مستهدفا باستمرار، من طرف الدول الاستعمارية ووكلائها، بالإضعاف والتجزئة،مهددا في أمنه واستقرار دوله، بدأ من اتفاقية سايس بيكو في تقسيمه الى اليوم، ويعتبر وجود الكيان الصهيوني مغتصبا ارض فلسطين، غدّة في قلب الجغرافيا العربية، وخنقا لكل أمل في التحرر العربي من القوى المعادية له.

وحيث أن بلادنا تونس متواجدة، ضمن ما اصطلح عليه سياسيا بالمغرب العربي، فإن فكرة وحدة هذا الجناح المهم في جسم الأمة، بدت جيّدة ومأمولة، وتلقتها شعوب المنطقة بالتّأييد والرّضا، وعقدت عليها أملا كبيرا في أن تصبح حقيقة واقعة، ضامنة بمكوّنها حقوقها وحظوظها، وسط عالم أصبح متشكلا اتحادات ومنظمات، جميعها فاعلة سوى ما ران على المشاريع العربية والاسلامية، التي لم تحض واحدة منها بتحقق، فلا منظمة المؤتمر الاسلامي، ولا جامعة الدول العربية، أفلحتا في القيام بشيء ينفع شعوب الدول المنضوية تحتهما، مما يؤكّد أننا لا زلنا نبحث عن استقلال حقيقي، يخلّصنا من براثن القوى الكبرى، المهيمنة علينا اقتصاديا واعلاميا وثقافيا،والمتحكمة في مصائرنا،وتغتصب ما بقي لنا من سياسة داخلية وخارجية، فلا تبقى لنا أي قيمة بين دول العالم.

مشروع وحدة المغرب العربي،هو من بين مشاريع الأنظمة العربية الفاشلة، ومن الخبث والبلاهة الاستمرار في ايهام شعوب المنطقة، بأنه ما زال قائما يرى بعين التحقيق، أو حتى مطلبا مدرجا كما يجبعلى اجندة دوله، فيكفي استخفافا بمشاعرنا وآمالنا.

ومما دفعني للكتابة اليوم في هذا الخصوص، ما تداولته بقوّة وسائل ومواقع اعلامية معروفة، متعلّق بالمغرب العربي، ومتأثّر به تأثيرا كبيرا، يتهدد الأمن والسلم في قسم منه، على الحدود بين البلدين الجزائر والمغرب، ستتأثر حتما بقية بلدانه بتداعياته عليها.

الخبر جاء من طرف وسائل إعلام مغربية يقول: إن رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أصدر مرسوما يقضي بتخصيص أرض، بمساحة 23 هكتارا، في إقليم جرادة الحدودي، لبناء قاعدة عسكرية خاصة بالقوات المسلحة الملكية، وقد ذكر موقع (collimateur )المغربي، أنه وفي ذلك الاطار، تم بالفعل بناء جدار بطول 150 كيلومترا على الحدود بين سعيدية وجرادة،(1) خطوة يراه مراقبون ذات بعد عسكري استراتيجي في ظل أجواء سياسية متوترة بين البلدين، حيث استدعت الجزائر في 14 مايو، السفير المغربي لديها، للاحتجاج على تصريحات مسيئة، منسوبة للقنصل المغربي في وهران.

مقابل ذلك الاجراء المريب قررت السلطات الجزائرية، بناء قاعدة عسكرية استراتيجية مقابلة للقاعدة المغربية، وذلك عملا بمبدأ المعاملة بالمثل، حماية لحدودها وأمنها من المخاطر والتهديدات المباشرة، وقد ذكرت الشبكة الجزائرية الشروق، بناء على  تقارير استخباراتية إن القاعدة العسكرية المغربية يديرها خبراء عسكريون وأمنيون إسرائيليون، بالشراكة مع القوات المغربية، وهي موجهة بالأساس ضد الجزائر”.(2)

وبهذا الصدد، علمت “الشروق” من مصادر خاصة ومطلعة، أنّ السلطات العليا في البلاد، قد قرّرت هي الأخرى، طبقا لمبدإ المعاملة بالمثل، بناء قاعدة عسكرية إستراتيجية في موقع قريب من القاعدة المغربية، وذلك لحماية حدودها وأمنها القومي من المخاطر والتهديدات المُباشرة، التي يشكلها التواجد المخْزني، وبتشييد إسرائيلي

وقبل أيام، حاول المخزن (أداة الحكم التي تدير المغرب مع الملك)عبثا نفي الصفة العسكرية عن تلك القاعدة، زاعما أنّ إحداثها يأتي في إطار مشروع نقل الثكنات العسكرية إلى خارج المدن، وستخصص لإيواء الجنود، وليس لها هدف عملي، وذلك عكس كافة التقارير التي تؤكد طبيعتها العسكرية الموجهة ضد الجزائر، كوْنها مشيدة ومسيرة من طرف إسرائيليين، ومزودة بأحدث الأسلحة العسكرية والإلكترونية الأكثر تطورا عبر العالم.

وغنيّ عن التذكير أن كثيرا من العسكريين والسياسيين الإسرائيليين هم من أصول مغربية، ولعل أبرزهم إيدي كوهين، المستشار في مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي تناول الوضع في الجزائر عبر الكثير من تغريداته، محرضا وداعمًا للفوضى.

ومن سوء حظّ المخزن، أنّ خطوته المفضوحة تزامنت منتصف الشهر الماضي مع الأجواء السياسية المتوترة بين البلدين، في أعقاب التصريحات العدوانية غير المسؤولة للقنصل المغربي في وهران، والذي قال بالحرف الواحد، أمام رعايا مغاربة تظاهروا أمام القنصلية للمطالبة بترحيلهم إلى بلدهم، بسبب إهمالهم من قبل ممثليتهم الدبلوماسية (أنتم تعرفون نحن في بلد عدوّ، حتى نتكلم بصراحة)، قبل أن يتم ترحيله هو بطلب من الجزائر التي احتجت على الموقف الأرعن، والمتجاوز لكل حدود اللياقة الدبلوماسية والأعراف الدولية.

وإذا كان المراقبون يُجمعون على أن الجزائر تبقى متقدمة كثيرا على المغرب من حيث القوة العسكرية، باعتبارها ثاني قوة في أفريقيا، فإنهم يعتبرون التصعيد الأخير خطوة خطيرة جدا، ستزيد في شحن العلاقات المتوترة أصلا بين البلدين، وذلك بسبب تراكم الأخطاء التاريخية في حق الجزائر، منذ حرب الرمال في 1963 إلى حرب المخدرات المتواصلة، مرورا بدعم الجماعات الإرهابية خلال العشرية السوداء، وغلق الحدود البرية معها في أحلك الظروف، وما سوف يفاقم، برأي المحللين، من فصول الأزمة المتجددة، هو دخول الطرف الصهيوني إلى إقليم المنطقة، ما يجعلها مرتعًا للمخابرات الإسرائيلية وتنفيذ العمليات المضادة لمصالح دولها، وفي المقدمة منها ستكون بالتأكيد الجزائر المستهدف الأول في مخطط التحالف المغربي الإسرائيلي، وهو ما دفعها للتعامل بالمثل دفاعا عن أمنها القومي.(3)

وتتأكد وثاقة العلاقة بين النظام المغربي واسرائيل بما صرّح به الحقوقي اليهودي المغربي، سيون أسيدون، الذي يُعتبر واحدا من أكثر الرافضين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل، إن العلاقات المغربية الإسرائيلية موجودة منذ عقود ويوجد تطبيع ثنائي في جل القطاعات.

وأكد أسيدون الناشط في منظمة BDS لمقاطعة الكيان الصهيوني على وجود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب، ضاربا عدة أمثلة لذلك، من أبرزها التطبيع المخابراتي، عندما سمح المغرب للمخابرات الإسرائيلية بالتجسس على القمة العربية، التي نُظمت في مدينة الدار البيضاء في عام 1965.

وقال أسيدون: إن المخابرات الإسرائيلية كانت حاضرة في الطابق الخامس، الذي يقع فوق الطابق الرابع، الذي كان مسرحا للقمة العربية آنذاك، واستمعت لكل ما كان يدور في الطابق السفلي، وكان ذلك بمشاركة من السلطات المغربية، التي كانت تهدف بالمقابل  إلى اختطاف معارضها المهدي بن بركة، وقد أشار أسيدون، إلى أن هذا هو التطبيع الأول بين المغرب وإسرائيل.

وأضاف أسيدون أن المثال الثاني لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل يتجلى في التطبيع العسكري، حيث اقتنى المغرب أسلحة وتجهيزات عسكرية من إسرائيل، مشيرا إلى أن آخر تعامل في هذا الجانب، هو اقتناء المغرب لثلاث طائرات بدون طيار، من صنع إسرائيلي في الأسابيع الماضية.

وأكد أن التطبيع المغربي الإسرائيلي، لا يقف عند التطبيع المخابراتي والعسكري، بل يمتد إلى قطاعات أخرى، من بينها الفلاحة والزراعة، حيث أشار إلى أن المغرب يعتمد على تجهيزات وبذور زراعية، يتم جلبها من إسرائيل ويتم استعمالها في المغرب.

واعتبر أسيدون أن اقتناء المغرب للأسلحة الإسرائيلية، هو تهديد للمغرب، حيث أن تلك الأسلحة تكون مجهزة بمعدات التجسس والتحكم عن بعد، رغم أن المغرب اتجه نحو تجديد معدات تلك الأسلحة، إلا أن الخطر يبقى واردا.(4)

هذه اذا حال العلاقات بين الجزائر والمغرب والتي توتّرت منذ وقوف الجزائر الى جانب منظمة (البوليزاريو) الصحراوية التي قاومت الاستعمار الاسباني، وترفض الانضمام الى المغرب، اختلاف بقي قائما ولكنه لا يجب أن يصل الى حد التطبيع مع كيان صهيوني لا يريد الخير لا للمغرب ولا للجزائر، ودخول الخبراء العسكريين الى المغرب العربي، من بوابة المملكة المغربية، يعتبر نذير شؤم،ينبئ بدخول بلدانها الى ساحة الصراع العسكري، الذي يتفنن الغرب والصهاينة في اشعاله اينما بدت لهم فيه مصلحة، بمختلف المختلقات الواهية، لذلك أقول: الى أين يذهب بنا أعداؤها في غياب تام لشعوبنا، التي ما تزال بعيدة عن الوعي وتحمل المسؤولية؟

 

المصادر:

https://arabic.rt.com/middle_east/11195971-

2- https://arabic.rt.com/middle_east/1127558

3- https://www.echoroukonline.com/%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-

4 -https://www.alquds.co.uk/%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B6%

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023