المقايضة الامريكية الغربية الخاطئة…بقلم محمد الرصافي المقداد

المقايضة الامريكية الغربية الخاطئة…بقلم محمد الرصافي المقداد

تصاعدت أجواء التوتر من جديد في الخليج الفارسي، بسبب التحرشات التي تعالت نبرتها من القوى العابثة بامن ومستقبل المنطقة والتي تستهدف اساسا إيران.

بعشر طائرات مسيرة منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو بمحافظة بقيق وهجرة خْــرِيـص شرق المملكة

وجاء قصف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة ارامكو الأمريكية لمحافظة بقيق وهجرة خريص شرقي المملكة، من طرف الجيش اليمني بعشر طائرات مسيرة، ادت الى اعطابها، وتوقف الانتاج فيها، لترتفع فيها أصوات أعداء إيران، باتهامها ان الصواريخ التي ألحقت أضرارا جسيمة بالمواقع المستهدفة هي ايرانية، جعلوا منها ذريعة قد تكون مقدمة لما خططوا له منذ مدة، يعطيهم حق التصرف حيال ذلك.

الداعي الذي رفع من حدة التهديدات ضد إيران، ودفع أعدائها الى البحث عن آلية او مسوغ ما، قد يتيح لهم فرصة حشد تحالف عسكري، يضم اكبر عدد ممكن من الدول لمواجهة ايران، استمرارا لشرعية سلطة الغاب الحاكمة في العالم.

وكلنا يتذكر الهدف الذي أعلنه الرئيس الامريكي ترامب، بقطع إمدادات النفط الإيراني الى الخارج، وجعلها تصل إلى مستوى صفر برميل، لكنها كانت مجرد اماني، لم تحقق منها الإدارة الأمريكية، باجراءاتها وعقوباتها وحصارها، شيئا يعيق ايران، عن مواصلة بيع نفطها لحرفائها من دول العالم.

نفاق امريكا والغرب، وصل إلى حد الاستهانة بدماء اليمنيين الابرياء، وهم يرونهم مستهدفين كل يوم، بالقصف من طائرات حربية متطورة، من صنع امريكي وفرنسي وبريطاني، وبصواريخ وذخائر منها المحرم دوليا، من نفس تلك القوى الاستكبارية المتغطرسة، ولا احد يجرؤ على الاحتجاج والتنديد في تلك البلدان، التي عودتنا من قبل بنغمة حماية حقوق الإنسان، والضرب على اوتاره، كلما ارادوا ان يتهموا دولة بانتهاكها او اخلالها، حتى بمجرد اوهام سوقوها اعلاميا، من أجل الإساءة إلى تلك الدول، وحقوق الانسان عند دول الاستعمار والاستكبار، مقصود بها الانسان الغربي الابيض، وشعارات الادعاء بتعميمها، لتشمل جميع الأجناس البشرية، مجرد خير على ورق، حتى الاصوات النزيهة، التي ارتفعت في برلمانات دول الغرب، داعية إلى وقف بيع الاسلحة الى دول التحالف الأعرابي، الذي تقوده السعودية والامارات، لم تتمكن من فعل شيء، من شأنه أن يوقف صفقات مدانة حقوقيا، يباد فيها شعب يمني طيب مسالم، لم يعرف في تاريخه الطويل، الحافل شرفا وعزة، نزعة عدوانية ضد احد، الا ان يكون غازيا لارضه.

وسط هذه الأجواء بقيت إيران – قيادة وشعبا – ثابتة صامدة، وهي التي تعودت على الرد بما يناسبه سواء كان دبلوماسيا او عسكريا، وإسقاط أحدث طائرة تجسس أمريكية مسيرة، دليل على أنها لا تتوانى لحظة عن الدفاع عن اجوائها وترابها ومبادئها، وبذلك برهنت على أنها لا تترك الحبل على الغارب للصدفة، او تتهاون في إعطاء أي حركة أو موقفا من أعدائها، ما تستحق من رد، وحادثة احتجاز ناقلة النفط البريطانية، في مقابل احتجاز بريطانيا ناقلة ايرانية، أدلة تساق للبرهنة على نجاح دبلوماسبتها في حسن إدارة الأزمات والتعامل الندي مع المستجدات الطارئة، وحماية حقوق إيران ومصالحها من فخاخ نصبها أعداءها للخروج منها سالمة ظافرة، بل وحققت معادلة ردع واقعية مهمة، جعلت هؤلاء الأعداء الى اليوم، يعانون من عقدة ركبتهم من جراء سلوكها المتزن، الذي ترجم موقف الدولة القوية، التي فرضت نفسها باسلوبها الاسلامي، في قراءته لواقع المنطقة، أمنيا وسياسيا واقتصاديا.

زمن إمكانية الرد على إيران، واستهدافها في عمقها الاستراتيجي، دون أن ترد الصاع صواع مضاعفة قد ولى، فايران اليوم بما تمتلكه من عقيدة وامكانيات ذاتية، بلغتها بالثابرة والتضحيات، أصبحت في غنى عما كانت تطلبه من قبل من وسائل دفاعية، من الدول المصنعة التي كانت تمتنع عن بيعه لايران، فإيران تعد اليوم قوة إقليمية، بل وعالمية يحسب لها ألف حساب، وأمريكا ودول الناتو يعلمون جميعا، ان إيران لم تعد ذلك البلد المحدود الإمكانات الذي قاوم تحالفهم مع صدام ثماني سنوات، بأسلحة بسيطة وبحكمة قيادة إسلامية تعرف من اين وفي اين والى اين، وعزيمة شعب مؤمن بعدالة ثورته موال لقيادته، تمكن من كسب معركة العلوم والتكنولوجيا، ورفع التحدي في وجه اعدائه، ولا اتردد في القول، بأن ما توصلت إليه إيران من قوة رادعة اليوم، يعود الفضل فيه لله أولا، وللحرب التي دفعت خبراءهم ومهندسبهم، الى دخول ميدان التصنيع العسكري بقوة إرادة وعزم كبيرين، تلبية لحاجيات القوات المسلحة الايرانية، وانقلب الهدف المقصود منه حينها، إسقاط النظام الاسلامي، او اضعافه في أدنى الحالات، الى عكسه تماما، واذا ايران منذ ذلك التاريخ، تتدرج نحو القوة والاقتدار في التصنيع الحربي بمختلف اختصاصاته، بعين الله التي صنع بها نوح الفلك، موجهة توجيها الهيا، تزداد نموا وقوة كل يوم .

إيران الإسلامية تتصرف بحكمة بالغة، بينما أعداءها يتهورون، ويسقطون في سوء التقدير دائما، ففي مسألة حفظ الأمن في منطقة الخليج الفارسي، دعت القيادة الايرانية دول المنطقة الى تشكيل تحالف من قواتها العسكرية البحرية، تحت إشراف الامم المتحدة، معتبرة أن الأمن يصنعه ويوفره قادة الدول المعنية وشعوبها، وبامكاناتهم الذاتية فقط، دون الحاجة إلى اي تدخل أجنبي خارجي، ينهب به أصحابه خيرات الدول المستجيرة بهم.

النظام الاسلامي في إيران سيقدم مقترح مشروعه في مسودة، الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بإقراره في هذه الدورة، لانهاء اي مبرر للتوتر الحاصل في الخليج، سواء بافتعال الأزمات الملفقة، او بوجود قوات أجنبية غربية على أراضي دول عربية، بعنوان حمايتها من وهم التهديد الايراني، وحفظ الأمن في المنطقة، وهي عناوين كاذبة جملة وتفصيلا، ما يهم امريكا والغرب في الخليج فقط، هو ضمان تدفق النفط والغاز اليهم، وشراءه بأقل الأسعار الممكنة، خصوصا وأن نفقات التواجد العسكري الغربي، جاء برغبة دول التبعية للغرب وعلى حسابهم.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023