الهجر الجماعي والاعتزال الاجتماعي لا مثالية ولا واقعية، بل ضرورة صحية حياتية

الهجر الجماعي والاعتزال الاجتماعي لا مثالية ولا واقعية، بل ضرورة صحية حياتية

بقلم صلاح الداودي |

إننا نحاول بعجالة ودون عمق كاف أن نستخدم ما يتماشى مع بيئتنا الاجتماعية والنفسية والثقافية والحضارية أكثر من سواه من مصطلحات وعبارات وافدة قد تكون جامدة وغير ملائمة إلى حد انتاج دورة نفسية ودورة اجتماعية غير صحية مخلفة لهشاشة موجودة قبلا وأصلا أو أعراض أمراض أو حتى أمراض غير محمودة العواقب بالمعاني البسيكولوجية والسوسيولوجية.

لم يعد من الممكن أبدا بعد غياب العزل الإجباري الجذري والمبدئي للمصابين والمصابين المحتملين مكانيا وزمانيا،
لم يعد من الممكن نقاش قلب المنطق رأسا على عقب والمرور إلى الحظر العام دون عزل إجباري للمذكوربن أعلاه والمعنيين معهم بكل ذلك وخاصة طواقم الصحة والغذاء والأمن العام.

لماذا الهجر الجماعي؟

لأنه لا يمكن النجاح في الحد من نقل العدوى ومن خلق بؤر كورونية دون الإيمان بمنطق الهجر ومعناه العميق وهو التوجه الباطني عند كل منا، ليس فقط بعدم الخروج وعدم التنقل وعدم المشاركة في التجمعات العامة، وإنما الهجرة الجماعية أو الهجران الجماعي المتزامن في نفس الوقت من كل الناس لكل الناس نظرا إلى أن طبيعة الاختلاط الاجتماعي عند التونسيين مازالت لم تتغير مقارنة مع الأعراف والعادات المعروفة.

اننا نلاحظ كما يلاحظ الجميع وبشكل يومي هذه المظاهر في العائلات وفي الأحياء وفي المتاجر وبين الأصدقاء والجيران والمجموعات التي تمارس نشاطات مختلفة مع بعضها البعض. هذا ضروري وحياتي ويجب أن نلتزم به بقطع النظر عن مثالية بلوغ ذلك تماما وعن واقعية عدم بلوغه تماما.

هذه الهجرة ليست فردانية ولا نفورا وإنما هي حماية وضمانة لاستمرارية حياة المجتمع لا أكثر ولا أقل. وأمل جماعي في أن نعود للحياة المجتمعية العامة يوما بشكل طبيعي دون أن نجد انها اختلت تماما أو نقصت أو اضطربت تماما أو نالها ما نالها من الفقد والفقدان.

هاهنا نتحدث عن الاحتماء بالبيوت أو لزوم البيوت. ولكل بيته ولك مربع صغير أو في بيته.

كيف يكون الاعتزال الإجتماعي؟

يكون بالابتعاد التام عن كل مظاهر الإحتكاك ببقية الناس فيما أبعد مما يسمى التباعد الاجتماعي الذي لم يعد يجدي نفعا لا بمعنى أخذ مسافة صغيرة ولا بمعنى إنهاء مظاهر التجمعات البشرية… الخ. ولهذا يكون مطلب الانعزال الفردي أو طلب العزل الإجباري طوعيا وعاما وحياتيا حتى يضطر غير الشاعر بضرورة الهجر الجماعي إلى قبول الاعتزال من الطرف المقابل.

نحن نحتاج أكثر فأكثر إلى عقلنة واخلقة العواطق الإنسانية الجماعية والحاجات والرغبات الاجتماعية وتوجيهها توجيها صحيا وطبيا. ويمكننا هنا أن نستعين بمقولات البيوايطيقا الكبرى والعامة في هذا الصدد.

أن تفكر في كل الناس أسلم لك وللناس من أن تفكر في نفسك وفي بعض الناس.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023