الهند وباكستان وبينهما كشمير.. نار لا تنطفئ بين جارتين نوويتين…بقلم محمد الصباغ

الهند وباكستان وبينهما كشمير.. نار لا تنطفئ بين جارتين نوويتين…بقلم محمد الصباغ

شهد الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من إقليم كشمير حملة اعتقالات وسط مظاهرات كبيرة، الأربعاء، احتجاجا على إلغاء البرلمان الهندي وضع دستوري خاص بالإقليم.

كما بدأت قوات هندية دوريات في شوارع عاصمة كشمير سريناجار ذات الأغلبية المسلمة، ويقطن الإقليم حوالي 7 مليون مسلم. ويأتي ذلك وسط انقطاع تام لخدمة الإنترنت والهاتف، بحسب ما نقلته قناة “إن دي تي في” المحلية.

كانت باكستان أعلنت سحب دبلوماسييها من الهند، وطردت دبلوماسيي نيودلهي من أراضيها، ردا على القرار الهندي المتعلق بالإقليم المتنازع عليه.
وقررت لجنة الأمن القومي في باكستان أيضًا تعليق جميع العلاقات التجارية الثنائية مع الجارة الهند، والتي ألغت يوم الإثنين، مادة في الدستور تتتعلق بكشمير كان يتيح لها سن قوانينها الخاصة بها، وهو تحرك يهدف إلى بسط السيطرة على إقليم جامو وكشمير الذي تطالب باكستان به.

لم تكن باكستان وحدها من هاجم قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي لتغيير الوضع الخاص لكشمير، بل هاجمت الصين أيضًا أمس الثلاثاء حكومة نيودلهي.
وقالت هوا تشو نينج المتحدثة باسم الخارجية الصينية في بيان، إن “تحرك الهند غير مقبول ولن يكون له أي أثر قانوني”، فيما ردت الهند بالحديث عن أن قرارها شأن داخلي.

يأتي ذلك بعد أشهر قليلة من توتر سابق في نفس الإقليم بين الجارتين النوويتين، بعد عملية إرهابية في فيفري الماضي راح ضحيتها 40 شخصًا في القسم الهندي من كشمير.

أعلنت آنذاك جماعة “جيش محمد” التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، مسؤوليتها عن الهجوم، لترد الهند بقصف لمواقع المجموعة المتطرفة داخل الجزء الباكستاني من كشمير.

واتهمت الحكومة الهندية المخابرات الباكستانية بالمسؤولية عن الهجوم، مشيرة إلى أن المجموعة الإرهابية على أراضٍ باكستانية ولا تتحرك إلا وتعلم مخابرات إسلام أباد خطواتها.
اعتبرت باكستان الاعتداء انتهاكا لسيادتها، وأعلن الجيش أنه “أسقط” طائرتين هنديتين في المجال الجوي الباكستاني سقطت إحداهما في كشمير الهندية والأخرى في كشمير الباكستانية.
بينما أعلنت الهند إسقاط مقاتلة باكستانية اخترقت المجال الجوي فوق منطقة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية.

وعقب إغلاق باكستان لمجالها الجوي بعد إسقاط الطائرات، عادت هيئة الطيران المدني وأعلنت فتح المجال الجوي بشكل جزئي. وبعد مناشدات دولية بوقف التصعيد والعمل على التهدئة بين الجارتين النوويتين، أعلنت الهند أيضًا إعادة فتح 9 مطارات أغلقت بشكل مؤقت خلال الأزمة.

هذه الأزمات تعتبر جزء من التوترات التي وصلت في السابق إلى حد الحروب بين البلدين، وذلك منذ استقلال المنطقة عام 1947 عن بريطانيا وتقسيمها إلى شطر هندي للأغلبية من الهندوس، وآخر باكستاني للأغلبية المسلمة، كل بحسب المنطقة التي يعيش فيها.
استمرت التقسيم كما هو وظل إقليم كشمير نقطة خلاف، حيث ينقسم إلى جزء هندي باسم ولاية “جامو وكشمير” وآخر باكستاني باسم “آزاد جامو وكشمير”.

تاريخ الصراع
حينما قسمت المملكة البريطانية شبه القارة الهندية على أساس ديني في عام 1947، جعلت الولايات ذات الأغلبية الهندوسية تذهب إلى الهند، والأخرى ذات الأغلبية المسلمة تذهب إلى باكستان.
كان حاكم كشمير آنذاك هندوسيًا على الرغم من أن أغلب سكان الإقليم من المسلمين، واستغل نفوذه ليختار الانضمام إلى الهند. بدأ الخلاف منذ ذلك الحين ودخلت القوات الباكستانية المنطقة لتبدأ حربًا بين البلدين بعد وقت قصير من خروج الاحتلال، وتحديدا في عام 1948.
توقف إطلاق النار بعد وساطة من الأمم المتحدة، وأصبح وقف إطلاق النار نافذ المفعول في أول جانفي 1949.
تسيطر الهند منذ ذلك الحين على ثلثي الإقليم، وتوجد به أجمل المناطق وبالتحديد وادي كشمير ومرتفعات جولمارج حيث الشلالات والمناطق الخضراء، بينما يخضع 20% من الإقليم لباكستان، وتسيطر الصين على 10% منه.
لا يرغب أغلب سكان كشمير الهندية البقاء تحت سلطة نيودلهي، فإما الانضمام إلى باكستان أو الاستقلال بعيدًا عما يواجهونه من اضطهاد وتهميش، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
تبعت الحرب الأولى أخرى في عام 1965 بعد نزاعات طائفية بين مسلمين وهندوس في كشمير، ثم انتهت بعد مباحثات سلام تمت برعاية الاتحاد السوفيتي في العاصمة الأوزبكية طشقند في جانفي 1966.
في عام 1971، اندلعت الحرب الثالثة بين الدولتين وهذه المرة ليس بسبب كشمير، ولكن بسبب الصراع شرق باكستان. وانتهى الأمر باتفاق على إعلان انفصال بنجلاديش عن باكستان.
تم توقيع الاتفاقية لإنهاء تلك الحرب والتي تحمل اسم “سيلما” في عام 1972.
في عام 1999 أعلنت كل دولة نفسها قوة نووية ليمثل الصراع بين الجارتين مصدر قلق كبير للعالم أجمع.
“نار تحت الرماد”
تعرض البرلمان الهندي في عام 2001 لهجوم إرهابي اتهمت آنذاك باكستان بالوقوف وراءه.
قررت الدولة النووية ذات الأغلبية الهندوسية إرسال تعزيزات عسكرية على الحدود مع الجارة باكستان، ولكن الأمور لم تتصاعد أكثر من ذلك بعد وساطة دولة.
بعد عامين من هذا التصعيد، توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتم تحديد مناطق السيطرة للجانبين. وتعهدت باكستان من جانبها بعدم دعم المتمردين في القسم الهندي من كشمير.
استمر الهدوء لسنوات حتى وصلت حكومة هندية جديدة عام 2014 إلى الحكم وتعهدت بنهج أكثر شدة مع باكستان، لكنها أبدت الرغبة أيضًا في عدم التصعيد واستمرار محادثات السلام.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023