الوجه القبيح للثورة السورية

بقلم: محمد بن عمر |

كثيرا ما صدع رؤوسنا ادعياء ثورات الربيع العربي، بحقانية الثورة السورية، وحتمية نجاحها في اسقاط النظام السوري، ومصدر الدعاية هذه هي جماعة الاخوان، التي لا تزال تحمل ارث الحقد على النظام السوري والوقيعة فيه، منذ أحداث حماه، التي حاولوا جهدهم أن يروجوا لها، على اساس انهم ضحاياها، بينما ثبت عكس ذلك.

مع بداية الاحداث بتونس، لم يتبادر الى اذهاننا، ان الاختيار وقع عليها لتكون  نموذجا سهلا وبسيطا، تستدرج اليه الشعوب المستهدفة بالتغيير حقيقة، وكان الهدف الذي خطط له صناع هذا الحريق المدمر – كما اصبح مكشوفا بعد ذلك – سوريا، باعتبارها العقبة الوحيدة المتبقية من دول المواجهة مع العدو الصهيوني، التي بقيت وفيّة للقضية المركزية للامة العربية والاسلامية، فلسطين، والمتحملة نظاما وشعبا، أعباء ملايين الفلسطينيين المقيمين على ارضها، كاملي الحقوق في العيش الكريم والتعليم والتشغيل والملكية، وهذا المخطط الغربي يستهدفها اولا، ليقيم على انقاضها نظاما طائفيا أمويا، منغمسا في الحقد والعداء لأهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم، وقد بدا منطق قياداتهم من امثال المقبور (زهران علوش) نابعا من ثقافة اقصائية وهابية – وهو الذي شرب فكرهم من شيوخهم دون واسطة – لا ترى لهؤلاء المواطنين السوريين مكانا داخل سوريا، حتى قبورهم ومقاماتهم، اصبحت تحت طائلة التدمير والعبث، بالاستهداف التحريضي الخطابي، الموجه ضد الطائفة الشيعية – اتباع أهل البيت عليهم السلام – ورموزها الدينية والتاريخية، كمقام السيدة زينب بنت علي وفاطمة عليهم السلام، وكان شعارهم المرفوع الذي ردده قادة الارهاب ك(زهران علوش)، مخاطبين عقيلة السادة الهاشميين (سترحلين كما سيرحل بشار).

منطق طائفي ركّب عنوانا في بداية الاحداث، وسرعان ما بدأت الجماعات الارهابية بتنفيذه، فطوقت منطقة السيدة زينب بريف دمشق من كل الجهات، بعدما هربت اليها العوائل الشيعية المقيمة حولها في: (الذيابية، والحجيرة، وغربة، وبيت سحم، وببيلا، وسيدي المقداد، والحسينية والبحدلية)، نافذة بجلودها من حالة الفوضى والتهديد، من خلال الشعارات الطائفية المرفوعة، وكان الهدف الظاهر آنذاك تدمير مقامها الشريف، تأيّدت بكتاباتهم على الجدران ونداءاتهم المتكررة، والدليل على ذلك، تدميرهم لكل معلم ديني يخص أتباع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدمّروا مقام السيدة سكينة بنت الحسين عليه السلام في (داريا) بريف دمشق، بعدما استولى الارهابيون على منطقة (داريّا)، ودمّر مقام الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي رضوان الله عليه ب(عدرا) ونبش قبره،  ولم يسلم مقام الصحابي الجليل عمار بن ياسر، وأويس القرني رضوان الله عليهما في (الرّقة)، من تدمير ودنيس خوارج العصر .

استهداف ظهر في أقبح صورة وأوحش وجه، كشف بما لا يدع مجالا للشك، ان ما جرى ويجري على الساحة السورية، ليس سوى مؤامرة خبيثة ماكرة، تستهدف تغيير الاوضاع فيها لصالح الكيان الصهيوني الغاصب، تغييرا طائفيا خبيثا، أخذ شكله الديني المزيف .

وقد تجند لتنفيذ هذا المخطط الخطير، شراذم وهابيّة من افاق الارض، سخرت لهم دول الخليج اموالا طائلة، وسخّرت لهم دول الغرب وعلى رأسهم امريكا، امكانات عسكرية ضخمة، وفوقها مكّنتهم اجهزة استخباراتها بالمعلومات والاحداثيات والتوجيهات، والتنظيم اللازم، لهزم الجيش السوري واسقاط نظامه، وهذه امنية مشتركة بين هؤلاء المتحالفين ضد سوريا الصمود والمقاومة، عمل عليها معهم الكيان الصهيوني، من خلال تزويده تلك الجماعات الارهابية، بمختلف أنواع الاسلحة والذخائر، وإسنادها لهم في كثير من الحالات، بقصف مواقع الجيش السوري، بالمدفعية والصواريخ والطائرات.

امام هذا التهديد الكبير، المحدق بشريحة معتبرة من الشعب السوري، المتعايش والمتجانس بمختلف طوائفه قبل الاحداث، وبعد سلسلة اعمال القتل التي بدأت تستهدف الاقلية الشيعية والطائفة العلوية، وبموافقة من الحكومة السورية، بدا حزب الله في الدخول الى الساحة السورية، ليكون رديفا للجيش العربي السوري، ويقاسمه واجب انقاذ البلاد من محرقة الارهاب الوهابي، فكانت القصير (2013) البوابة التي بدا منها انحسار دابته المتوحشة الى هذه الايام التي تخلصت فيها العاصمة دمشق من اخر بؤره السوداء في الغوطتين الشرقية والغربية ،وبذلك انتهى زمن الحلم الوهابي الزهراني في اقامة دولة اموية جديدة – بعنوانها الحقيق الإسلام الأمريكي – لم تخفي نيتها الشريرة، في اقتفاء اثار طلقاء النبي صلى الله عليه واله وسلم، في اعمالهم الاجرامية بحق اهل بيته عليهم السلام.

وطبيعي ان تلبي  الجمهورية الاسلامية في ايران نداء الحكومة السورية، في المساعدة على التخلص من هذه المؤامرة، فقدّمت لسوريا والعراق ما يمليه عليها واجب الدين والجوار والانسانية، واسهمت بدورها في اسقاط المشروع التكفيري الوهابي الغربي الصهيوني، بعملائه اعراب الخليج، وهذا الشرف لحق بكل من انضوى تحت جبهة المقاومة، وقدّم ما في وسعه، من أجل اسقاط وافشال مشروع الغرب، في تحويل سوريا من حلف الرجولة والاباء والمبادئ، الى حلف العمالة والخضوع والتبعيّة.

انزعاج امريكا بدا واضحا، من خلال اعمالها العدوانية عسكريا ودبلوماسيا، وسقوط مشروعها في سوريا يبشرنا بسقوط بقية مشاريعها في المنطقة، وأهمّها على الاطلاق تثبيت الكيان الصهيوني بكل الوسائل، وهذا ما سيحبطه أيضا محور المقاومة، فقد بات تحرير فلسطين قاب قوسين أو ادنى، طالما وجد رجال أسود بالنهار رهابنة بالليل.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023