ترامب وفتوة الخائب… بقلم: د. أنور العقرباوي

ترامب وفتوة الخائب… بقلم: د. أنور العقرباوي

بالأمس أطلق سمسار العقارات دونالد ترامب، بعد جلسة مشاورات مع مستشاره للأمن القومي جون بولتون، أطلق تغريدة كتب فيها “أن الوقت قد حان للإعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على هضبة الجولان”، حتى سارع عميد الإرهاب الدولي، النتن ياهو بالرد عليه بتغريدة يكيل له فيها الثناء على “شجاعته”!

وما لبث بعدها حتى توالت ردود الأفعال، التي أيقظت من بين آخرين المتحدثة بإسم رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، معلنة بأن تلك الخطوة المزمعة، لا تتفق مع نصوص “القانون الدولي”، حتى نضيف إليها تصريحات أمين عام محور الإستسلام، اللذي بدل أن يسارع في قطع الطريق على النوايا الخبيثة المبيتة، من خلال الإعلان عن عودة الجامعة العربية إلى سورية، راح بدوره يكرر علينا إستطوانة “القانون الدولي” المشروخة نفسها، وكأن القانون الدولي قد أرخى لنا يوما سمعا!

بالتأكيد أن ردود الأفعال سوف تستمر وتتزايد، إذا ما أصر على المضي قدما في إعطاء حق لا يملكه لمن لا مشروعية له فيه! ولكنه يحسن بنا التذكير عن الخلفية التي تقف وراء هذه السياسات ومن يحركها، التي لا يملك الرئيس ترامب على الرغم من هوسه المتهور وإزاء نضبه الفكري، إلا الإصغاء لها في النهاية وتقديم الطاعة، من أجل إرضاء قاعدته الرجعية من القوميين البيض، طمعا في كسب أصواتهم عند الإنتخابات الرئاسية القادمة!

وحتى لا نسهب في التفاصيل كثيرا، فلعله من المفيد التوقف ولو بشكل مختصر من خلال أحد الأمثلة،، عند مفهوم الحزب الجمهوري الأمريكي في تنظيم العلاقات الدولية وبالتالي القانون الدولي، واللذي يقوم على أساس أن الترتيب اللذي تأسس تحت سلطة الأمم المتحدة منذ نشأتها، يجب أن يحل محله نظام التسلسل الهرمي المعروف “بمبدأ بوش”، اللذي فيه يمكن للولايات المتحدة (ولوحدها)، أن تقرر بحرية في ما إذا فقدت أي دولة حقها في السيادة، التدخل العسكري فيها لغرض إعادة تنظيم السلطة فيها، أو بمعنى آخر أنه لا دور للأمم المتحدة في القضايا الدولية، ما لم تمر من خلال وزارة الخارجية الأمريكية، والتي قال فيها يوما جون بولتون “ليس هناك شيء إسمه الأمم المتحدة”، بل وأكثر من ذلك حين صرح بأن “مجلس الأمن يجب تقليصه بحيث يضم دولة واحدة فقط هي الولايات المتحدة”، اللذي دفع في حينه السيناتور الديمقراطي، كريستوفر دود الرد عليه بالقول “بولتون لم يكن سوى فتوة، ولكنه فتوة خائبة”!

إذا تلك هي بإختصار شديد طبيعة السياسة الأمريكية، التي لا ترى القوانين الدولية، إلا من خلال منظار مصالحها الأنانية، وسياسات خارجيتها البلطجية الفوقية، التي لن يكبح جماحها سوى الإرادة الوطنية الحرة المستقلة، حين يدرك الفتوة الخائبون والمنافقون أمثالهم، أن من حق الشعوب على نفسها، أن تسترد بالقوة ما سلب منها بالقوة.

*فلسطيني-واشنطن

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023