تفاؤل حذر: هل ينجح الاتفاق الليبي في وقف إطلاق النار؟

تفاؤل حذر: هل ينجح الاتفاق الليبي في وقف إطلاق النار؟

تفاؤل حذر يخيّم على المشهد الليبي غداة إعلان كل من رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ورئيس “حكومة الوفاق” المدعومة من النظام التركي فائز السراج كل على حدة وقفاً فورياً لإطلاق النار وتنظيم انتخابات في البلاد، وسط مخاوف من تعثر تنفيذ الاتفاق وفشله في تحقيق السلام على غرار الاتفاقيات السابقة, خاصة أن الوضع في ليبيا معقد في ظل تدخل أطراف خارجية، خاصة مع إيغال رئيس النظام التركي رجب أردوغان بإرسال آلاف المرتزقة الإرهابيين لتأجيج الصراع وإطالة أمد الأزمة لتبقى ليبيا أمام سيناريو حرب طويلة الأمد.

رغم الترحيب العربي والدولي الواسع بقرار وقف إطلاق النار، إلا أن وجود نقاط خلاف لا تزال غامضة تجعل “الشيطان يسكن” في تفاصيل الاتفاق ويحول دون تنفيذه على أرض الواقع, بدءاً من الخلاف على مدينة سرت إلى المرتزقة الإرهابيين وميليشيا “حكومة الوفاق” المدعومين من النظام التركي، وصولاً إلى النفط وغيره من الملفات الشائكة.

وفيما يشكك بعض المراقبين بإعلان السراج ومدى مصداقيته والتزامه هو و”حكومته” بوقف إطلاق النار بوصفه جاء إذعاناً للضغوط التي تمر بها “حكومة الوفاق” سواء الخارجية أو الداخلية خاصة ما تسبب به إيقاف تصدير النفط من أزمة اقتصادية, يرى البعض الآخر أن إعلان “الوفاق” مجرد مناورة هدفها كسب الوقت وتخفيف موجة الضغط لإعادة ترتيب أوراق أردوغان في ليبيا والوصول لحقول النفط في مدينتي سرت والجفرة, وهذا ما يستدل عليه من دعوة “الوفاق” في بيانها لوقف إطلاق النار, إلى تحويل سرت والجفرة التي تقع تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي إلى منطقة منزوعة السلاح, ما يثير الشبهات حول معنى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في الوقت الذي يسيطر فيه الجيش الوطني الليبي على حقول النفط والذي يعد بنظر معظم الليبيين الحارس الأمين على أرزاق الشعب الليبي.

وتؤكد تقارير وصحف غربية ما ذهب إليه المراقبون, مبينة أن السراج أرغم على إعلان الاتفاق بعد زيارة وزيري حرب النظامين التركي والقطري إلى ليبيا قبل أيام, فالضغط الدولي هو ما دفع أنقرة للضغط على “حكومة الوفاق” في طرابلس للإعلان عن المبادرة، حيث يعتبر نظام أردوغان أن هذه المبادرة مكسباً له، خاصة أنه يعاني مأزقاً في ليبيا بسبب ما يواجهه من ضغوط إقليمية ودولية. ناهيك عن أن تكلفة الحرب أصبحت كبيرة وغير آمنة في ظل التهديد المصري للنظام التركي بعدم تجاوز الخط الأحمر في سرت و الجفرة.

وذهبت تقارير أخرى لتأكيد أن هذه المبادرة جاءت بطلب أمريكي بغية تجميد الأوضاع في ليبيا بحالة لا حرب ولا سلم إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني المقبل, فالرئيس الأمريكي يرغب بالظهور بمظهر “المخلص” الذي يقدم حلاً للأزمة الليبية ولو على حساب الشعب الليبي, وذلك لرفع حظوظه الانتخابية.

وعليه, فإن الإعلان عن وقف إطلاق النار هو في الحقيقة تقارب بين الدول التي تدعم الصراع في ليبيا، بعيداً عن رغبة الشعب الليبي وتطلعاته, ورغم ذلك يبقى السؤال المطروح هو: هل سيجد إعلان كل من السراج وصالح طريقهما لوقف حقيقي لإطلاق النار تمهيداً لتسوية سياسية جامعة, أم إنه سيشق طريقه إلى خروقات سريعة واتهامات متبادلة ومن ثم يفضي إلى فشل على غرار الاتفاقات السابقة التي بقيت حبراً على ورق خاصة في ظل وجود قوى دولية تلعب دوراً مقوّضاً لأي اتفاق خدمة لأطماعها التي لم تعد خافية على أحد.

تقرير – صفاء إسماعيل

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023