تونس: دقّة الوضع السياسي.. “الحوار ثم الحوار”.. قبل الإنهيار..!!

تونس: دقّة الوضع السياسي.. “الحوار ثم الحوار”.. قبل الإنهيار..!!

عرف المشهد السياسي في الآونة الأخيرة الكثير من التوتر والشد والجذب حتى أنه لم يستقر بعد، أزمة سياسية تعري وتفضح عمق هوة مسار الانتقال الديمقراطي برمته ، طغت عليه الحسابات الشخصية والرغبة في البروز لتكشف مشاكل الطبقة السياسية المنكوبة وممارستها لكل أنواع البطش دون رادع.. حدة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي في إطار هذه الأزمة وتسارع أحداثها المتلاحقة وصعوبة التكهن بمسار تطوراتها، المواطن التونسي العادي، الذي كان قد علق آماله على التجربة الديمقراطية الجديدة وراهن على طبقة سياسية تحقق له مطالبه ، لم يعد واثقا تماما من خياراته، فبعد أن إستحال تحقيق الإصلاحات الاجتماعية المنشودة واستحال ترسيخ ممارسة سياسية ديمقراطية في أجواء الفوضى السائدة و المكايدات و الإبتزاز السياسي ،ربما لم يعد الكثيرون اليوم يطمحون إلى أكثر من وضع طبيعي يأمن فيه الشعب على نفسه و أهله ويطمئن على استقرار بلاده، بغض النظر عمن ينتصر ومن ينهزم في المعركة السياسية الدائرة رحاها الآن، هذا الشعب المسكين الذي أصبح لا يعرف من يحكم و من يعارض..
في ظل هذه التجاذبات و المكايدات السياسية مما يوحي أن الأزمة ليست مرشحة للحل قريبا خصوصا مع وجود من يريد أن يعمقها أكثر بمحاولات إثارة الفتنة و التوتر لإدخال البلاد في أتون الفوضى من خلال استغلال الاحتجاجات الشعبية بسبب الازمة الاقتصادية و تحويل البلاد الى ساحة لتصفية الحسابات،و جرها إلى الحرب الأهلية، من خلال بث العنف والفوضى في البلاد وتأجيج الوضع واستغلال التحركات و الإحتجاجات لتصفية حسابات سياسية ضيقة.. هذا الوضع المشؤوم لم يعد يحتمل و ينبغي على الأطراف السياسية المتناحرة الإبتعاد عن التكتيكات السياسية الغير خلاقة ، وعن سياسة المكايدات، التي ألحقت أضرارا فادحة بالوطن و الشعب.. هذه الحملات التي تستهدف إستقرار البلاد هي الزيت الذي يصب فوق نار هذه الحركات الاجتماعية ليلهبها أكثر ويعطل عمل الحكومة ويعيد البلاد إلى المربع الأول من الصراعات والمناكفات السياسوية العقيمة..

المشهد السياسي المعقد و المركب بالمكايدات أصبح حرب الكل ضد الكل و قد يدفع بتسيس التحركات والتعبيرات الاجتماعية رغم مشروعيتها أحيانا والتي يتجلى البعض منها في شكل أعمال وتحركات تضر بالقدرات الاقتصادية للبلاد و مصالح المواطنين الحيوية وتؤدي الى اضعاف الدولة ومزيد إرباك عمل الحكومة حتى فيما تتخذه من إجراءات للتخفيف من صعوبة الاوضاع والحد من وطأة الظروف المعيشية القاسية للشعب حتى نتجنب إنفجار إجتماعي فهو قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار في اي لحظة جراء العبث السياسي و سياسة خلق الأزمات التي تستهدف إستقرار البلاد و الحكومة في حد ذاتها و الجميع يعلم ان هاته الحكومة أمام تحديات إقتصادية عاجلة و ملفات إجتماعية حارقة إضافة إلى الأزمة السياسية فهي في موقع لايحسد عليه و بالتالي ينبغي على جميع الأطراف السياسية و أمام دقة الوضع السياسي تجنب الإنزلاق في خطاب العنف والدخول في تصفية حسابات لا تراعي مصلحة الوطن و المواطن و لابد من التهدئة و “الحوار ثم الحوار” قبل الإنهيار..

على ضوء الأحداث الأخيرة في تطاوين، الوضع يتطلب الحذر و العقلانية و التهدئة و ضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن كل التجاذبات السياسية ،والتعقل وعدم زج البلاد بمتاهات لا يمكن ان تعود بالنفع على وطن تشرذمت ساسته وبات في مراحل خطيرة تستوجب من الكل “الحوار ثم الحوار ” قبل فوات الأوان.. و ينبغي على عقلاء تطاوين ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ الجهة ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺘﻲ تهدﺩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺗﻐﻠﻴﺐ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ وعدم الإنسياق وراء التحريض على الفوضى و العنف الذي تستغله أطراف فوضوية ﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺄﺯﻳﻢ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺟﺮﺓ ﺑﻬﺎ لتصفية حسابات سياسية..

الصراعات المزاجية بين أغلب الاطراف السياسية التي هي بحاجة الى نضوج سياسي وبلورة تجربتها نحو تشخيص الخلل وأصلاحه والاعتراف بالاخطاء التي مزقت نسيج المجتمع ,والاعتذار أمام الشعب للقصور والتقصير في الاداء و تغليب المصلحة العليا لتونس و شعبها قبل ان تغرق السفينة التي يركبها الجميع..
ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺑﻼﺩﻧﺎ يتطلب و بأسرع وقت ﻣﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮطنية ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﺻﺮﻋﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺩﻱ ﺃﻭﺿﺎﻋﻨﺎ، ﻭﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ بالزج بالبلاد في فوضى عارمة غير محمودة العواقب لأن العبث السياسي و المكايدات و الإبتزاز ، إضافة إلى الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية المتأزمة ، ينذر بأن البلاد تتجه بأقصى سرعة نحو الهاوية..
و يبقى السؤال مطروحا : هل تشهد الايام القادمة انفراج أم زوبعة سياسية تعصف بالجميع وتحصد الاخضر واليابس.. ؟

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023