حكومة الرئيس “2”.. هل تكون نقطة تحول حاسمة ؟

حكومة الرئيس “2”.. هل تكون نقطة تحول حاسمة ؟

عانى المشهد السياسي التونسي من الأزمات المزمنة و المعقدة وصل إلى درجة غير مقبولة من التعفن.. هل ينتهي الأداء السياسي السيئ والمزري للطبقة السياسية ، وهذا بفعل الصراعات و “العناد السياسي” الذي أصبح سمة المرحلة على حساب مصلحة الوطن التي رماها سياسيونا في سلة المهملات،خاصة ونحن نعيش في خضم كل ذلك مرحلة من التناحر السياسي والحزبي والإيديولوجي تحرك خيوطها مصالح ولوبيات وأجندات داخلية وخارجية في ظل وضعي إقليمي ودولي يتسم بارتفاع حاد في سياسات الاستقطاب الدولي الثنائي و تحدياته المتسارعة على مختلف المستويات ، مشهد سياسي عقيم يساهم في ترذيل للحياة البرلمانية وصل إلى درجة غير مقبولة من التعفن يهدف إلى ارباك عمل مجلس النواب وترذيل العمل السياسي.. و أصبحت فوضى عارمة مشتبكة مع بعضها فالتشريعي اخذ يمارس دور التنفيذي والعكس صحيح، وهذا يثبت عمق فشل التجربة السياسية وعقمها ، فالنائب أصبح لا يمثل الذين انتخبوه ولا المنطقة التي رشح منها ، بقدر ما أصبح تابعا للتحالفات المصلحية والتجاذبات السياسية الضيقة ، هؤلاء غير واعين بخطورة اللحظة وقراءتهم لواقع البلد الاقتصادي والاجتماعي، فأهدافهم ليست أهداف الناس التي انتخبت وانتظرت بل هي تموقع ضمن ميدان حرب لا يرون فيه إلا أعداءهم،

في قراءة للمشهد السياسي الحالي و سيناريوهات الحكومة القادمة ، وفي قراءة لإختيار الرئيس الشخصية الأقدر بعيدة عن إقترحات الكتل البرلمانية، و لا أريد أن أقول عن هذا الإختيار عقاب للطبقة السياسية المفلسة و المتناحرة ، فهم في حد ذاتهم يدركون ذلك جيدا..
في خضم هذه الأزمة السياسية المتسارعة نأمل ان يكون إختيار الرئيس تكليف المشيشي على مبدأ الكفاءة و الإستقلالية و ان تكون “حكومة الرئيس 2” قادرة على إدارة الخلافات السياسية وتجميع اكبر عدد ممكن من الفرقاء لضمان حزام سياسي واسع للحكومة لأن المعركة القادمة هي معركة إنقاذ البلاد والعباد، بعيدا عن التجاذبات الضيقة، و الخروج من الأزمة السياسية الشاملة التي تمددت إلى درجة تثير شكوكا حول رغبة الأطياف السياسية في إيجاد مخرج لأزمات البلاد الاجتماعية والاقتصادية..

بعد تكليف المشيشي بتشكيل الحكومة القادمة ستكون المسؤولية الملقاة على عاتقه ثقيلة وجسيمة، في خضم هذه المتاهة و الخلافات السياسية ، و بالتالي من خلال تركيبة حكومته الجديدة و حزامها السياسي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة ، و سترسم الخارطة السياسية للسنوات القادمة ، و الكل يعلم ان الحكومات المتعاقبة كانت مكبلة ومسلوبة الإرادة نتيجة ما فرضته حسابات المحاصصة الحزبية في توزيع المناصب وتقاسم غنائم السلطة ومراكز النفوذ، طغى عليها حكم التوافق المغشوش والتلاعب بالثوابت والوحدة الوطنية المزيفة.. ولا بد من هدنة سياسية للخروج بالسفينة لبر الأمان و لن يتحقق ذلك إلا بالتوافق ولن يكون هناك توافق إلا ببعض التنازلات و الإبتعاد عن العناد السياسي العقيم..أمام المشيشي مهلة أقصاها شهر لتشكيل حكومة جديدة ومن ثم عرضها على البرلمان لنيل الثقة. إذ يتيعن عليها الحصول على الأغلبية المطلقة وسيكون اختيار الرئيس قيس سعيد موضع اختبار في البرلمان وبمثابة الأمر الواقع، إذ تحتاج حكومة المشيشي إلى غطاء سياسي واسع لنيل الأغلبية المطلقة وفي حال لم يتحصل عليها فإن البرلمان يخاطر بالانتقال إلى الخطوة التالية دستوريا وهي الدعوة إلى انتخابات مبكرة..

هناك في تونس اليوم انقسام كبير في المشهد السياسي واختلاف في المواقف حول تشكيل الحكومة القادمة غير واعيين بأن تونس تحتاج الى تقدير عميق لمآلات الوضع الراهن ، وهدنة سياسية واجتماعية حقيقية وصادقة، تنطلق فيها مرحلة تصحيح المسار السياسي وينفذ خلالها برنامج عاجل لإيقاف النزيف الاقتصادي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لتجنيب البلاد ويلات انفجار اجتماعي خطير ووشيك..

نامل في ان تنتهي هذه الحرب السياسية التي طالت كثيرا و العناد السياسي والتحدي الذي يفرضه البعض بدوره سينعكس سلبا على الوطن والتجارب مريرة وعانينا كثيرا، آملين في ان نصل الى مكان يقتنع به الجميع ان لغة الاستقواء والعناد السياسي لن تبني وطنا..
يبقى السؤال مطروحا : ماهي سيناريوهات المرحلة القادمة ؟
هل تكون حكومة الرئيس “2” نقطة تحول حاسمة؟

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023