داعش تعيش برعاية أمريكية سعودية…بقلم محمد الرصافي المقداد

داعش تعيش برعاية أمريكية سعودية…بقلم محمد الرصافي المقداد

وعندما يتحالف الإستكبار مع الصهيونية، من أجل صناعة إرهاب بعنوان إسلامي مُزيّف، مستهدفين إيران ومشروعها الإسلامي الحقيقي، تشويهًا إعلاميا وفكريا، واسقاطًا معنويا ومادّيا، فذلك دليل على إفلاس هذا التحالف فيما عزم عليه، وقد فضحت دوله وتوابعها أنفسها بمواقف، أثبتت إضمار سوء وخبث، قد يعجز الشيطان أن يأتي بمثله شِقْوة، ولم تُحَارب دولة في هذا العصر بمختلف الوسائل، بمثل ما حوربت إيران، والهدف الغير معلن صراحة هو إسقاط نظامها، والتخلّص من عقبة كأداء، بعثرت أوراق مشاريعهم في الشرق الأوسط وفي العالم، بحيث لا يمكن إعادة ترتيبها من جديد، بما يتماشى مع ما خططت له أمريكا داعرةُ(1) الغرب المتحرّر من قيم الدين وأخلاقياته المحمّدية.

مواجهة مفتوحة قرّرها الغرب بمكر ودهاء، بعدما نصّبت دوله أنفسها راعية الحريات والحقوق، وهي السالبة لهما عندما استعمرت شعوبا عديدة، مستغلة خيراتها ومدّخراتها، وقاتلة أفراد شعوبها بكل وحشية وعنصرية، حتى أنّها لم تتردد في أن يكونوا فئران تجارب قنابلها النووية، هذه الدّول تأتي اليوم لتقدّم لنا دروسا في حقوق الانسان، وبصمات أيديها لا تزال مثبتة على سجلات جرائمها، لتقول لنا اليوم إنها لسان دفاع عن حقوق الإنسان، وصاحبة الإمتياز في رعايته برؤيتها القاصرة، وأحكامها التمييزية المباينة لحقوق تلك الشعوب، ومن كان يرى أن ما بين هذا الحلف المعادي الخبيث وإيران ليس مواجهة شاملة، فليراجع حساباته الخاطئة، فقد بلغت دول الغرب في مواجهة ايران مداها، بل لقد تجاوزته بأشواط، ولم يبق اليوم سوى المواجهة العسكرية، وهو ما تتهيب منه أمريكا وحلفاؤها وتخشاه، وتحسب له ألف حساب، وهي تدرك جيّدا أنها أمام شعب عريق بتاريخه وحضارته، فخور بانتمائه للإسلام، عامل من أجل إعلاء كلمته، ومضحيا في سبيله بالغالي والنفيس، ولا تبخل في ذلك بأموال وإمكانات ودماء، والشواهد كثيرة في حرب ايران ضد المعتدين عليها، وضدّ الإرهاب التكفيري الذي صنعته أمريكا.

 وداعش التي تأسست من أجل إنهاء مشروع محور المقاومة، وتأسيس دولة متخلّفة تحكم رقاب الشعبين العراقي والسوري باسم الإسلام، تكون حليفا للكيان الصهيوني، في القضاء على حزب الله وضرب إيران، كانت فكرة جهنّميّة، أمّل الغرب في نجاحها، ليضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد، ضرب نَفَسِ المقاومة في الشعوب الإسلامية، واستبداله بنفَسِ العصبية الطائفية، وإحياء نزعة الإقتتال الطائفي بين المسلمين، وفي نفس الوقت إظهار المسلمين في مواقف متناقضة مع دينهم، الذي دعاهم أساسا إلى الأخوة والوحدة.

وبهزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني الغربي في المنطقة، لم يبق لهذا التنظيم وجود سوى فلول قليلة من مقاتليه، لا يزالون يعيشون تحت حماية أمريكية، في جيوب متفرّقة بسوريا والعراق، ويمثلون إلى اليوم خطرا في على المدنيين والعسكريين في البلدين على حدّ سواء، وتستعملهم أمريكا في عمليات إرهابية مخطط لها، كما حصل في 7/6/2017 عندما هاجم عدد من عناصر هذا التنظيم مرقد الامام الخميني، ومجمع مجلس البرلمان الإيراني في طهران، في تفجيرين انتحاريين وإطلاق رصاص، العلامة الفارقة في هذا الحدث الإرهابي، أن البرلمان الإيراني واصل اجتماعه، برئاسة السيد (علي لاريجاني)، بعد تأمين قاعته الرئيسية، ومحاصرة الإرهابيين المتحصنين في الطبقات العليا للبناء، ومهاجمتهم من طرف قوات الأمن الخاصة(2).

بدافع اليأس الذي أصابهم من فشل مشروعهم الفتنوي، لجأت البقية الباقية من عناصر هذا التنظيم الإرهابي إلى خيار الإنتقام كيفما اتفق لهم وتيسّر، فلا حاجز يمنعهم من ارتكاب أي جريمة، وجميع الأهداف عندهم مشروعة، هدفهم القتل والتدمير وإرهاب الناس، وما دونهم من البشر مستحق للقتل، ما لم يتبنى الفكر الوهابي، الذي يرعاه آل سعود بالمؤسسات والأموال.

وبعد فشل محاولات أمريكا والصهاينة وعملاءهما في زعزعة أمن الشعب الإيراني، بعد الإحتجاجات المفتعلة، تضامنا مع الإيرانية الكردية (مهسا أميني)، وانطفاء جذوة اشتعالها، أقدم عنصر على الأقل من تنظيم داعش على (تنفيذ هجوم مسلح استهدف مرقد (السيد أحمد بن موسى الكاظم)، شقيق (الإمام الرضا عليه السلام)، وتحدثت وسائل الإعلام الإيرانية بداية عن أن ثلاثة مسلحين نفذوا الهجوم، وتم توقيف اثنين منهم. إلا أن مسؤول السلطة القضائية في محافظة فارس، ومركزها مدينة (شيراز)، أبلغ التلفزيون الرسمي أن “إرهابيا واحدا فقط كان ضالعا في هذا الهجوم” على حد تعبيره، وبلغت حصيلة ضحايا هجوم الأربعاء الإرهابي في مدينة شيراز جنوب إيران 15 قتيلا (عدد قابل للارتفاع) و27 جريحا (عدد منهم في حالة حرجة)، وفق وكالة أنباء (إرنا) الرسمية، ولم يتأخر تنظيم الدولة في تبنيّ الهجوم المسلح، حسب ما نقلت وكالة (أعماق)، التابعة للتنظيم المتطرف على تلغرام) (3)

وبتوالي ردود الأفعال المستنكرة للحادث الجبان، من طرف دول عادة ما تعبّر عن تعاطف انساني مزيّف، لم يتحرّج جُحْرُ الوهابية من اللواذ بالصمت إزاء هذه العملية، كما كان الحال مع ما سبقها من عمليات إرهابية استهدفت الداخل الإيراني، طالما أن الفكر وهابي، وعناصره من أتباع الوهابية، ومراكزهم ومؤسساتهم وجماعاتهم، لا تزال تعيش في رغد وطمأنينة في الحرمين الشريفين، متمتعين بالسلطة وصلاحياتها في المسائل الدينية، ويعتبرهم النظام السعودي سفراء فكره التكفيري إلى الخارج، وقد اكتوت بناره شعوب مشرقا ومغربا، دون أن تتجه أصابع الإتهام لهذا النظام، الحامي لأخطر تنظيم تكفيري وجد بعد الخوارج، مداراة له – من طرف الحكومات المتضررة شعوبها- وطمعا في مساعدات حكام آل سعود.

القضاء على الفكر الوهابي التكفيري أصبح واجب الإنسانية جمعاء، فليس هناك خطر أشدّ توحّشا منه، فهو لا يميّز بين الأديان ولا يقيم وزنا لإنسانية الانسان، لأنّه لا دين له واقعا، ولو كان له دين حقيقي، لكان حجزه عن ارتكاب مثل ما ارتكبه من جرائم قتل عشوائي للمدنيين، رجالا ونساء وأطفالا وفي أماكن عبادة، هذا العمل يُعتبر أولوية لا يجب تأخيرها، واستئصال هذا الدّاء اللعين، يحتاج إلى إرادة حقيقية، وتظافر جهود بين الدول المتضررة لمحاربته، بدأ من تبادل المعلومات في هذا الشأن عن عناصره وتحركاتهم، ومن يمتّ إليهم بصلة معنوية أو مادية، من مستلزمات نجاح مقاومته واجتثاثه.

المراجع

1 – دَعَرَ الرجل: فَجَرَ تهتّك فسق

2 – “داعش” يتبنى الهجومين على ضريح الخميني ومقر البرلمان الإيراني

https://www.dw.com/ar/a-39141309

3 – مقتل 15 شخصا في هجوم على ضريح في شيراز جنوب إيران.. وتنظيم “الدولة الإسلامية” يعلن مسؤوليته

https://arabic.euronews.com/2022/10/26/shiraz-iran-nine-people-killed-terrorist-attack

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023