د. عبد الستار قاسم..وداعاً…بقلم محمد النوباني

د. عبد الستار قاسم..وداعاً…بقلم محمد النوباني

غيّب الموت أمس الإثنين جراء مضاعفات الإصابة بفايروس كورونا المستجد،كوفيد-19 الاكاديمي والمفكر والباحث الإستراتيجي والمناضل الفلسطيني الكبير والصلب والشجاع والمحلل السياسي الدكتور عبد الستار قاسم بعد حياة أكاديمية وسياسية حافلة بالنضال والعطاء من أجل فلسطين وشعبها  وتحريرهما من الإحتلال والظلم والإضطهاد.

لقد ترك البروفيسور  عبد الستار قاسم عشرات المؤلفات والابحاث والاف المقالات السياسية المنشورة في الصحف العربية والعالمية واعتبر واحداً من افضل 100كاتب مقال في العالم كما ترك إرثاً لا ينضب من المواقف النضالية الصلبة والشجاعة،سواء في مقارعة المحتل الإسرائيلي او في رفض مشاريع الحلول السياسية التي تنتقص من حق شعبنا في تقرير مصيره وتحرير وطنه من الإحتلال الإسرائيلي وفي مقدمها إتفاق آوسلو، ودفع ثمن ذلك فترات طويلة من المعاناة والاعتقال وكاد اكثر من مرة ان يقتل بسبب شجاعته بقول الحق  ولذلك اعماله الفكرية ستخلده كما أن سيرة كفاحه ستبقيه حياً في وجدان الناس وفي ضمير الشعب بعد وفاته ،إلى ان يرث الله الارض ومن عليها .
لقد كان الدكتور عبد الستار قاسم يؤمن بالمقاومة خياراً وحيداً لتحرير فلسطين وإستعادة الحقوق المسلوبة لاصحابها ورفض المفاوضات العبثية،ورآى بأن  امريكا هي العدو الأساسي للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية والإسلامية وبأن الرجعية العربية هي حليفة الصهيونية والإمبريالية وبالتالي فهي ليست حليفة للشعب الفلسطيني كما يدعي البعض بل هي جزء لا بتجزأ من معسكر الاعداء.
لقد رفض عبد الستار قاسم  العدوان الثلاثيني على العراق عام ١٩٩١ كما رفض حرب إحتلال العراق  عام ٢٠٠٣ والعدوان الاطلسي على ليبيا عام ٢٠١١ وتضامن مع سوريا ضد الحرب الكونية الصهيو-امريكية الرجعية العربية التي شنت وتشن ضدها متذ عشرة اعوام ورآى فيها مؤامرة لتحطيم الدولة السورية وتدمير الجيش العربي السوري خدمة لإسرائيل ،كما ساند بلا هوادة نضال الشعب اليمني الشقيق بقيادة حركة انصار الله ضد العدوان السعودي الاماراتي  المستمر عليه رافضاً الموقف الرسمي الفليطيني بهذا الخصوص
وفي إطار رؤيته الوطنية والقومية الثاقبة فقد رفض الدكتور عبد الستارقاسم بأن كل المحاولات الرامية  إلى إحداث فتنة طائفية سنية-شيعية ورآى فيها محاولة مشبوهة ومرفوضة لتقويض نضال الشعوب العربية ضد الامبريالية والصهيونية ولإحداث تجزئة في التجزئة
كما إعتبر د. قاسم  بأن جمهورية ايران الإسلامية هي طليعة محور المقاومة وتقف في مقدمة الصفوف في النضال ضد المشروع الصهيوني في المنطقةرافضاً كل المحاولات المشبوهة والمحمومة التي بذلتها وتبذلها الرجعية العربية لإستبدال الخطر الإسرائيلي الحقيقي  على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بخطر ايراني مزعوم.
وفي إطار رؤيته المتكاملة لطبيعة الصراع مع إسرائيل فقد رفض الدكتور عبد اليتار قاسم  التطبيع مع الإحتلال بكل اشكاله ومظاهره  واعتبره خيانة للقضية الفلسطينية ودعا إلى تجديد الفكر الإسلامي وتحريره من القوالب الجامدة ومن محاولات تشويهه من خلال الدفاع عن الحكام الظلمة وقصره على مفاهيم الحرام والحلال بعيداً عن الجهاد.
ولذلك فإن رحيل قائد شعبي فلسطيني بمستوى الدكتور عبد الستار قاسم في هذا الوقت الصعب والحساس الذي نجتازه ليس خسارة لعائلته الصغيرة ولاهالي بلدته دير الغصون ولشعبنا في محافظتي نابلس وطولكرم فقط بل للشعب الفلسطيني برمته ولكل احرار الامتبن العربية والإسلامية والعالم ايضاً.

فلمثل عبد الستار قاسم يجب ان يعلن الحداد وتنكس الإعلام وترفع القبعات،لروحه السلام ولذكراه العطرة الخلود.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023