رسالة إلى مدير المعهد الوطني للتراث حول تحطيم آخر بقايا سور طبلبة التاريخي

رسالة إلى مدير المعهد الوطني للتراث حول تحطيم آخر بقايا سور طبلبة التاريخي

من : عادل بِالْكَحْلة، باحث أنثروبولوجي، ورئيس جمعية زهرة المدائن بطبلبة:

إلى السيـد مدير المعهد الوطني للتراث.

المـوضوع: كارثة تراثية جديدة بطبلبة (تحطيم آخر بقايا سور طبلبة).

تحية طيبة،

سيدي الكريم،

…بين عامي 1999 و2002 كُنت قد قُمتُ ببحث معمَّق ومُرْهق في تراث طبلبة (ولاية المنستير) وثقافتها وتاريخها. وذلك بمساعدة ذاكرة إسمها: رمضان بن ريّانة، ورسَّامين ساعدوني في البحث وفي تنفيذ ما اندثر أو طُمِس من تراث ماديّ ورمزي، عِلاوة على الأستاذ بالأزرق- مدير متحف لمطة..

ومِن بين اكتشافاتنا، تقرير الجاسوسَيْن المالْطِيّين (لَنْفْرِيدُوتْشي و بُوصْيُو) عن سُور طبلبة بالقرن السادس عشر. فتَعِب هذا الفريق ليجد في الإرث الشفوي والعقود، وعلى الأرض، ذلك السور وآثاره. ولقد عَرضْتُ على الزميلَيْن: محمد حَسَن وناجي جلُول عام 2002 نتائج عمل فريقي فأقرَّا بسلامته، ليُنشر ذلك العَرْض في الكتاب الذي جمع أعماله الدكتور محمد حسن: «المُزَاق القديم وبلاد الساحل: التمدين والتعمير»؛ الصادر عن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس عام 2005.

*-*-*

لكنْ من سوء الحظ أن المجلس البلدي بطبلبة حطّم آخر بقايا ذلك السور بمكان يُدعى «غَار المُسَمّع» (أي غار المُسْتَنَفِر) بتعلة تهيئة «بَرْكِينْغ» للسيارات، بعد أن تغافل عن تحْطيم الفرع المحلي للبنك الوطني الفلاحي لجزء منه. ويتمثل المحطَّم في «نافذتين» يَنْفَذَان إلى أنفاق «طبيعية» تصل إلى السبخة (طريق المكنين- نحو 4 كيلومترات) وإلى البحر، من أجل الالتفاف على المُحَاصِرِين.

سيدي الكريم…

من غير المعقول، أن أجد هذا الاستخفاف بالقانون، وهذا الاستهتار بالتراث الماديّ، رغم أنني راسلتُ ذلك المجلس البلدي في مقال بعنوان «المطلوب من المجلس البلدي بطبلبة» على صفحات الجريدة الإلكترونية «تونس الفتاة»، مُودِعًا ذلك المقال / المَطْلَب بمكتب الضبط بالبلدية، في الوقت نفسه.

*-*-*

رجائي تدخلكم العاجل، العاجل، العاجل، مِن أجل إعادة بناء النافذتيْن بنفس المكان، تقليدًا من سوء الحظ، فذلك لن يضرّ في شيء راحة سيارات «البَرْكِينغ». ولقد حطَّم الرئيس بورقيبة في بداية الاستقلال السور الغربي من مدينة المنستير، ثم أعادَ بناءَهُ مُحاكاةً بعد 8 سنوات.

هذا مع العلم، أن البلدية (المجلس البلدي) ما زال صامتًا على طلبي إنْقاذ «المُنْقَالة» (الساعة الشمسية) للجامع العتيق بإعادة تركيبها بإشراف المعهد الوطني للتراث، وعلى طلبي إعادة المنبر التاريخي لذلك الجامع (عمره حوالي 4 قرون) الذي احتفظ به أحد السكان «تبرّكًا» (!) بعد تحطيم ذلك الجامع وصومعته.

*-*-*

أرجوكم، سيدي الكريم…. نريدُ منكم استعمال صلاحيّاتكم لإعادة بناء نافذتيْ هذا السور تقليدًا… وذلك أدنى ما يمكن أن يفعله المجلس البلدي للتكفير عن ذنبه في حق هذا السور وحق التراث المادّي للبَلْدة…

مع امتناني لكم

*د.عادل بالكحلة، رئيس جمعية “زهرة المدائن” للعمل المحلي بطبلبة

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023