رغم جراحاته اليمن لن يتخلى عن القدس

بقلم: محمد بن عمر |
ليس بمقدور شعب معتدى عليه، ومهدّد بالمجاعة والأوبئة والإبادة، في حرب لم يسبق لغيره من الشعوب أن ذاق ويلاتها، وابتلي بها، وهو يسعى لتحقيق مطالبه الثورية، أن يتوفّق في السيطرة على أوضاعه والتّحكم فيها، وادارتها بشكل يدعو الى الاكبار والتقدير، سوى الشعب اليمني المظلوم عربيا واسلاميا ودوليا. ذلك أن ما يتعرض له الشعب اليمني من انتهاكات يومية، من طرف تحالف اجتمع فيه عملاء أمريكا والكيان الصهيوني، من أجل إعادته الى بيت الطاعة السعودي، باستئصال شأفة حركة انصار الله الاسلامية الوطنية والثورية من اليمن، بعدما تبينت أهدافها جليّة، في معاداة أمريكا الإستكبارية، والكيان الصهيوني الغاصب، وعملاؤهما في المنطقة. وما أثار إعجاب المؤمنين بعدالة القضية اليمنية، ومظلومية أهلها، هذا الاصرار الكبير على تمسك غالبية الشعب اليمني بأهداف حركة انصار الله، رغم قوة وشراسة العدوان، وتنوع جنسيات المعتدين ودولهم، وأدواتهم الكبيرة المتطورة، بما فاق ما في أيدي المدافعين عن اليمن، من أهل الشرف والنخوة والعزة أضعافا مضاعفة، فذلك كله لم يثنهم عن الوفاء للقضية المركزية لأشقائهم في فلسطين، وبقوا على عهدهم عليها…. لم تنجح حرب الثلاث سنوات ونيف في اعادة استرقاق اليمنيين من جديد، بعد أن أخذت حركة انصار الله بزمام الثورة، ورأى فيها أحرار اليمن، انها السبيل الوحيد للخلاص من التبعية، وبلوغ عزة اليمن، وخروجه النهائي من دائرة الاطماع الأمريكية الغربية الخليجية، فاتّجهت قوى العدوان الى تجويع شعبه، بفرض حصار خانق عليه برّا وبحرا وجوّا، وتبدو أهداف معركة الساحل الغربي لمدينة (الحُدَيدَة)، استكمالا للطّوق الحديدي الذي خطط له الأعداء، لإجبار الجيش الوطني اليمني ولجانه الشعبية الرديفة على الاستسلام. قد يستغرب القارئ عندما يسمع وصف العدوان، بأنه حرب كونية على اليمن، تحالف فيها العرب مع الغرب، ومرتزقة من مختلف الجنسيات، مع ما كنا ندركه من تواجد وتمركز لتنظيمات ارهابية (القاعدة / داعش) شرق اليمن (حضرموت/ شبوة /أبين)، تعمل جميعها على هدف واحد، وهذا من أعجب ما رأيناه، وقد تكررت هذه الحالة على الاراضي السورية والعراقية، حيث لا تزال بقايا داعش تحت رعاية وحماية أمريكية، وتجمعات النصرة تحت رعاية وحماية أردوغان، تعملان على استعادة وجودها. رغم فقر وقلة ذات اليد لدى الشعب اليمني فقد أصرّت دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين والامارات المتحدة والكويت وقطر(انسحبت بعد حصول أزمة مع السعودية والامارات)على مواصلة العدوان عليه مستعينة في ذلك بالاردن، والسودان، والمغرب، ومصر، وباكستان، والسنغال، وغيرها من الدول، التي لم تجد طريقا للاستجداء عند أعتب النظام السعودي بغير هذا الأسلوب القذر، والدول فاقدة الشرعية والكرامة أصبحت في زماننا كثيرة، ولا تتردد في المتاجرة بأروح ودماء شعوبها، مقابل حفنات من المال أو وعود قد لا تتحقق، ووضع الاردن اليوم، يخبرنا بأن تجارة السفاهة والطمع هذه، لا تأتي بخير على الدول المعتدية. وكان الاعتقاد السائد في بداية العدوان على أنّ المشاركة الامريكية – وهي صاحبة المصلحة الأولى فيه – لا تتجاوز الجانب اللوجستي والتقني، لكن مع اعتراف البنتاغون، بتواجد ميداني لعدد من قواته الخاصة، والمشاركة بقصف مواقع محددة في اليمن بصواريخ كروز وتوماهوك، برزت صورة اخرى مخزية من العدوان على اليمن، ولم يتخلف الكيان الصهيوني عن المشاركة بغارات جوية، اعترف بشنّها على مواقع يمنية معادية له، ومن مصلحته انهاء وجود حركة انصار الله اليمنية، التي تدعو الى زوال اسرائيل. الشعب اليمني الذي قرن مصيره بشقيقه الفلسطيني، ورغم كل جراحاته ومعاناته المتفاقمة، أصرّ على مواصلة وفائه للقضية المركزية للامة الاسلامية، فكانت جماهيره المناضلة والمقاومة، حاضرة بكثافة في يوم القدس العالمي، وسجّلت باعتزاز الرجال الصادقين – في زمن قل فيه الرجال وغلب اشباههم على عالمنا- تواجدا قياسيا، مقارنة ببقية الشعوب، باستثناء ايران الاسلامية، مؤسسة وراعية المشروع التحرري، والتي بدأت منها دعوة التخلّص من الغدة السرطانية اسرائيل، وبها سيكون اجتثاثها من على الارض الفلسطينية نهائيا. تضحيات يمنية ووفاء شعب، رفض مسلكا غير طريق العزة والكرامة، وهو يدفع بسبب مبادئه وشعاراته، واهدافه المعلنة ثمنا باهظا، يصعب أن يتحمّله شعب آخر، ومع ذلك لم ينثني عن طريقه الذي اختاره، ولا تخلى عن شعاراته واهدافه، مواصلا تحدّيه لقوى العدوان، مؤمنا ايمانا راسخا بأنه على بيّنة من أمره، وعلى الحق يمضي، متوكلا على خالقه، توكلا قلما نجده في شعب آخر. يمن المبادئ الاسلامية الأصيلة، ومضرب الامثال في الأصالة والثبات وعلوّ الهمّة، سوف تنكسر تحت أقدامه أدوات العدوان، وسيحقق نصره الالهي بعد كل هذا الصمود الاسطوري، مؤمنا بأن الوعد الالهي يستحقه بما قدّم من تضحيات جسام، ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023