سورية تستردّ الجولان ولواء اسكندرون…بقلم: د. محمد سيد أحمد

لقد بدأت الحرب الكونية على سورية العربية منذ مطلع العام 2011، ومع بداية الحرب كان العدو الصهيوني لا يزال يحتل الجولان الواقع تاريخياً في بلاد الشام, والتابع إدارياً لمحافظة القنيطرة والذي يقع بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال, والجولان بكامله يقع ضمن الحدود الجغرافية للدولة السورية وفقاً لترسيم الحدود الدولية الذي قامت به القوى الاستعمارية في عام 1923 أثناء الانتداب البريطاني والفرنسي على بلاد الشام استناداً إلى اتفاقية «سايكس- بيكو»سيئة الذكر, ويبعد الجولان 60 كيلو متراً إلى الغرب من العاصمة دمشق, وتقدر مساحته الإجمالية بـ1860 كيلو متراً مربعاً, وتمتد على مسافة 74 كيلو متراً من الشمال إلى الجنوب, من دون أن يتجاوز أقصى عرض له 27 كيلو متراً, وقام العدو الصهيوني باحتلال 1260 كيلو متراً من مساحة الجولان (الثلثين تقريباً) في حرب 1967 بما في ذلك مدينة القنيطرة.
وفي حرب تشرين التحريرية 1973 تمكن الجيش العربي السوري من تحرير مساحة 684 كيلو متراً مربعاً من أراضي الجولان المحتل، لكن للأسف الشديد، عندما أُعلن وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية كثّف العدو هجومه على الجبهة السورية وأعاد احتلال هذه المساحة مرة أخرى قبل نهاية الحرب, وفي عام 1974 حررت سورية مساحة 60 كيلو متراً مربعاً من الجولان المحتل تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد, وقد عاد إلى هذا الجزء بعض سكانه آنذاك باستثناء مدينة القنيطرة المدمرة والتي كانت ولا تزال ترفض الدولة العربية السورية إعادة بنائها وإعمارها حتى انسحاب العدو الصهيوني إلى حدود 4 حزيران 1967 , حيث اتهمت الدولة السورية العدو الصهيوني بالتدمير المتعمد للمدينة قبل انسحابه منها, وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الموقف العربي السوري في قرارها رقم 3240 فعبّرت عن قناعتها بأن قوات العدو الصهيوني المحتلة كانت مسؤولة عن التدمير المتعمد الكامل لمدينة القنيطرة, في خرق للبند 53 من معاهدة جنيف لعام 1949 تحت البند 147, وقامت الدولة العربية السورية ببناء مدينة صغيرة في ضواحي القنيطرة أطلقت عليها مدينة البعث, وأعادت إعمار القرى الجولانية التي حررتها.
وكان العدو التركي يحتل لواء اسكندرون العربي السوري الذي يطل على خليجي اسكندرون والسويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط, ويتوسط شريطه الساحلي رأس الخنزير الذي يفصل بين الخليجين, وتبلغ مساحة اللواء 4800 كيلو متر مربع, وخلال الاحتلال العثماني كان اللواء تابعاً لولاية حلب, ومع بدء الانتداب الفرنسي على سورية تبع اللواء ولاية حلب, حيث جاء اللواء في اتفاقية «سايكس -بيكو» داخل «المنطقة الزرقاء» التابعة للانتداب الفرنسي بمعنى أن الاتفاقية عدّته أرضاً عربية سورية, وهذا يدل على أن هذه المنطقة جزء من الدولة العربية السورية, وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها الاستعمار الفرنسي, ضُمّ لواء اسكندرون إلى السلطة المركزية السورية, وفي 29 أيار 1937 أصدرت عصبة الأمم قراراً بفصل اللواء عن سورية، وعُيِّن للواء حاكم فرنسي, وفي 15 تموز1938 دخلت قوات العدو التركي إلى مدن اللواء واحتلتها, وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية وكانت مؤامرة حيكت بين فرنسا وتركيا, ضمنت بموجبها فرنسا دخول تركيا إلى صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1939 أشرفت الإدارة الفرنسية على استفتاء عن انضمام اللواء إلى تركيا فاز فيه الأتراك نتيجة التلاعب في عمليات التصويت من ناحية، ورفض قطاع كبير من العرب المشاركة في هذه العملية الباطلة, حيث كان الإجراء الفرنسي بإعطاء اللواء إلى تركيا مخالفاً لصك الانتداب نفسه, حيث نصت المادة الرابعة من صك الانتداب على إلزام الدولة المنتدبة باحترام وحدة البلاد الموكلة إليها والحفاظ على سلامة أراضيها, وهو ما لم يتقيد به الفرنسيون, ويسكن الإقليم الآن حوالي مليون نسمة ولا يوجد أي تعداد للنسبة العربية السورية من سكانه بسبب السياسة التركية القمعية, ومحاولات التتريك الكامل للواء, وإجبار سكانه على النزوح، حيث نزحت أعداد كبيرة هرباً من الاحتلال التركي إلى دمشق وحلب وحمص واللاذقية, وهناك تواصل مستمر في المناسبات كالأعياد بين سكان اللواء وبين أقاربهم في الأراضي السورية الأخرى المجاورة, ومازالت الدولة العربية السورية تعد لواء اسكندرون جزءاً محتلاً من ترابها الوطني.
وخلال سنوات الحرب الكونية على سورية استطاع الجيش العربي السوري تفكيك المؤامرة التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الجديدة في العالم, وشارك فيها بشكل أساس العدو الصهيوني المحتل للجولان والعدو التركي المحتل للواء اسكندرون, ووفقاً لموازين القوى الجديدة في المنطقة بعد انتهاء الحرب الكونية على سورية, فسوف يضطر العدو الصهيوني إلى الانسحاب الكامل من الجولان السوري من دون اتفاقيات سلام مزعومة على غرار «كامب ديفيد» و«أوسلو» و«وادي عربة» بل سيكون الانسحاب على غرار الانسحاب الصهيوني من الجنوب اللبناني عام 2000 من دون شروط نظراً للخوف الشديد من دخول العدو الصهيوني في حرب مباشرة مع الجيش العربي السوري الذي تطورت قدراته القتالية بشكل كبير خلال الحرب ما أذهل العدو الصهيوني وخاصة أن العدو قد حاول أكثر من مرة اختبار قدرات الدفاعات الجوية العربية السورية واكتشف أنها تطورت بشكل كبير ما يعني أن سورية على استعداد تام لدخول الحرب وتحرير الأراضي العربية المحتلة في الجولان.
وبالطبع، تفرض المعادلات الجديدة نفسها على العدو التركي الذي سيجبر على الانسحاب أولاً من الأراضي العربية السورية التي قام باحتلالها أثناء هذه الحرب الكونية, لأن الجيش العربي السوري وحلفاءه لن يقبلوا إلا بتحرير كامل التراب العربي السوري الذي تم احتلاله بوساطة الدول المعتدية والتي تشكل الأصيل في هذه الحرب أو التي تم احتلالها من الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل بالوكالة لدى هذا الأصيل, وبعد ذلك سيكون على التركي أن ينسحب من لواء اسكندرون المحتل تاريخياً والذي لن تقبل الدولة السورية بقاءه محتلاً, وإلا فالجيش العربي السوري جاهز لدخول معركة تحريره, اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

*كاتب من مصر

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023