شماعة “معاداة السامية” وتقليعة “التطبيع” العربية

شماعة “معاداة السامية” وتقليعة “التطبيع” العربية

د. أنور العقرباوي-فلسطيني واشنطن |

لا يفتأ الكيان الصهيوني وجماعات الضغط الموالية له عند كل مناسبة، يتم فيها توجيه الإدانة أو النقد إليه من قبل أي جهة كانت أو مجموعات حقوقية، نتيجة الإنتهاكات القمعية اليومية التي يمارسها كيانه اللاشرعي بحق أهل فلسطين، حتى يسارع نتيجة مغالطاته التاريخية المتعمدة في نسب الأجناس البشرية، إلى توجيه الإتهام لمنتقديه بوصفهم أعداء للسامية، اللذي يشكل حسب زعمهم عمل عدائي وتحيز ضد اليهود أينما وجدوا، إلى الدرجة التي أصبح فيه هذا المفهوم، يضع الكيان الصهيوني في كفة والبشرية كافة في كفة أخرى!

إلهان عمر ورشيدة طاليب هما أول سيدتين من الجالية المسلمة تنجحان في الوصول إلى مقاعد الكونغرس الأمريكي في الإنتخابات الأخيرة، ومنذ حينه وحتى حاضره وكلتاهما تحت المجهر، على كل شاردة أو واردة وكل تصرف أو تعليق يصدر عنهما، لما يمثلانه من جرأة في توجيه الإنتقادات المباشرة للكيان الصهيوني، ودعواتهم العلنية إلى مقاطعته وسحب الإستثمارات منه، وفرض العقوبات عليه نتيجة الإنتهاكات اليومية لأبسط حقوق الإنسان الفلسطيني!

في الأمس القريب تحدثت إلهان عمر عضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي مستهجنة، عن المفارقة الدارجة في طبيعة العمل السياسي في أمريكا، اللتي لا تمانع بل وتحث الناس على الولاء إلى دولة أجنبية، التي لا يخفى على أحد أنما المقصود من حديثها كان الكيان الصهيوني.

وما لبثت أن تناقلت الأخبار تصريحات إلهان عمر، حتى سادت موجة من الإستنكار والتنديد الشديدين بوصف عباراتها وجها من أوجه معاداة السامية، حيث امتدت كي تشمل ديمقراطيين وجمهوريين، اللذين قلما توحدهم مشاكلهم الداخلية منذ عقود ولا يزالون، في الوقت اللذي لم يتوانى الرئيس الأمريكي بدوره، في وصف تصريحاتها “باليوم المظلم” للكيان الصهيوني، بينما راحت الجماعات الصهيونية في الإلحاح على ضرورة إزالتها من لجنة الشؤون الخارجية، والطلب من الكونغرس بصياغة مشروع يدين معاداة السامية! إلا أن المفاجأة كانت في حجم التضامن مع السيدة عمر، سواء من قبل أعضاء بارزين من تجمع النواب السود، وأقرانهم من الكتلة التقدمية وفي مقدمتهم المرشح للإنتخابات الرئاسية القادمة، بيرني ساندرز، حيث تم إرجاء البت في أي مشروع مقترح حتى يصار إلى تضمينه، الإدانة الصريحة في أي تعد على الديانة الإسلامية وأتباعها، أو النيل كذلك من الشعوب اللاتينية.

تصريحات البرلمانية اللاجئة الصومالية المسلمة، التي كانت تعكس قناعاتها وقاعدتها الإنتخابية، وما أعقبها من ردود أفعال عليها وواكبها من تهديدات وصلت حد التوعد بالقتل، جاءت تزامنا مع إنعقاد مؤتمر البرلمانيين العرب اللذي عقد مؤخرا في الأردن، اللذي لم يتردد بعض الانهزاميين من خلاله، في المحاولة دون إدراج بند “رفض التطبيع” مع عدو شعوبهم التاريخي، في الوقت اللذي يفترض أنهم لسان حالهم و قناعاتهم، التي ترفض كل أشكال التطبيع معه، اللهم أن تكون تقليعة “التطبيع” في عرف أولئك المستعربين، درأ لهم من تهمة الشماعة “معاداة السامية”، تمهيدا لما يبيتونه من خطوات قادمة على درب فرض وصايتهم على قضية العرب الأولى، وتصفيتها من جذورها على الطريقة الترامبية الفوقية المادية، التي بفضل الله ووعي جماهيرنا العربية، لن يسمحوا لكل مؤامرتهم بالمرور، أو أن تتعظوا يا “أشباه الرجال” على نهج النساء من بنت طاليب وبنت عمر؟!

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023