صحيفة هآرتس الإسرائيلية: ترامب ونتنياهو وبن سلمان مشغولون بمشاكلهم…وإيران تعزز موقفها

صحيفة هآرتس الإسرائيلية: ترامب ونتنياهو وبن سلمان مشغولون بمشاكلهم…وإيران تعزز موقفها

الزعماء الثلاثة الذين قادوا الخط المناهض لإيران في السنوات الأخيرة، غارقون هذا الأسبوع، كل واحد على حدة، في أزمات صعبة داخلية. الرئيس الأمريكي ترامب تورط في قضية الفساد الجديدة في أوكرانيا التي ستكلفه للمرة الأولى محاولة عزل من قبل خصومه الديمقراطيين في الكونغرس. ومحامو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مثلوا الأربعاء للمرة الأولى لجلسة استماع بشأن لوائح الاتهام الثلاث التي تنتظره. أما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فغارق في ورطة معينة بشأن موت غامض لحارس والده الشخصي، إضافة إلى تجدد الانتقادات الدولية للمملكة في الذكرى السنوية لقتل الصحافي المعارض للنظام، جمال الخاشقجي.

القيادة الإيرانية في المقابل، تمر بفترة معقولة رغم ضغط العقوبات الأمريكية والضائقة الاقتصادية في الدولة. الهجوم المحكم والمدمر لمنشآت النفط السعودية في الشهر الماضي مر بدون رد عسكري من قبل أمريكا أو السعودية، بل إن الرياض توضح بأنها تؤيد حواراً سياسياً مع طهران. بعد بضعة أيام على الهجوم ذهب الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى المؤتمر السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك واستقبل هناك بحماسة شديدة. وفي هذا الأسبوع نشر موقع “بوليتيكو” أن روحاني وترامب توصلا إلى تفاهم يتكون من أربع نقاط بشأن استئناف المفاوضات بين الدولتين بوساطة فرنسية، وكانا على وشك الالتقاء في القمة. حسب التقرير، روحاني، وليس ترامب، هو الذي ألغى اللقاء في اللحظة الأخيرة.

في هذه الأثناء ثمة تقارير حول هزيمة محلية تعرض لها السعوديون وحلفاؤهم من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في الحرب الأهلية باليمن. هذا يحدث بعد وقت قصير من قيام الإمارات باتخاذ إجراء لتقليص مشاركتها في حرب اليمن. أما على الحدود العراقية – السورية فقد فتح من جديد معبر بوكمال بصورة تعزز سيطرة إيران على “الممر البري” نفسه الذي ينظم الحركة بين إيران ولبنان. هذا نتيجة أخرى لانتصار نظام الأسد (بمساعدة طهران) في الحرب الأهلية السورية.

وجدت طهران نفسها في موقف متدن بعد القرار ترامب الإشكالي حول الانسحاب من الاتفاق النووي في أيار السنة الماضية. الأزمة الاقتصادية ظهرت غير محتملة، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عرض خطة من 12 نقطة لخلق ضغط شديد على إيران، الذي اعتبره كثيرون عملية استهدفت تغيير النظام هناك.

بعد سنة ونصف تقريباً، تبدو الأمور مختلفة قليلاً: ترامب يخشى من تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران، وبحق هو يخشى من التورط في حرب إقليمية في الشرق الأوسط، وهو يلاحق روحاني على أمل عقد لقاء معه ربما يتمخض عنه اتفاق نووي بشروط جديدة. إضافة إلى التشوش الأمريكي ضعف أوروبي وضعف سعودي. في المقابلة التي أجراها محمد بن سلمان مع قناة التلفزيون الأمريكية “سي.بي.اس” حذر من ارتفاع آخر على أسعار النفط، وحاول أن يبرر عجز الرياض في الدفاع عن نفسها ضد هجمات إيران، وأعرب عن دعمه للقاء بين ترامب وروحاني.

بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي أكثر نتنياهو من التفاخر بعلاقته القريبة مع الرئيس. احتفل مشجعوه بتأثيره على الرئيس الأمريكي وتحمسوا من اللقاءات الكثيرة مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وطرحوا كدليل على حسن العلاقة بينهما تعهد موسكو بإبعاد إيران عن الحدود الإسرائيلية – السورية بعد استكمال سيطرة نظام الأسد على جنوب الدولة.

عملياً، تبين أن النجاح محدود في أفضل الحالات. وفي الأسابيع الأخيرة، صادق نتنياهو، بصورة غير مباشرة، على توجه ترامب لاستئناف المفاوضات مع الإيرانيين. ولكنه فسر ذلك بأنه من الأفضل أن يكون في موقع تأثير على الرئيس الأمريكي وليس منافسه رئيس الأركان السابق بني غانتس. لم يتم إبعاد القوات الإيرانية في سوريا عن حدود إسرائيل. إضافة إلى ذلك، يعمق حزب الله نفوذه في هضبة الجولان، واستمر جهد حرس الثورة الإيراني للتمركز العسكري في أرجاء سوريا إلى جانب تهريب السلاح لحزب الله ومحاولة إنشاء خطوط إنتاج للصواريخ الدقيقة في لبنان.

صورة حزينة

من مجمل المقابلات مع الشخصيات العسكرية في فترة الأعياد، برزت مقابلة مع رئيس لواء الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، العميد درور شالوم، مع صحيفة “إسرائيل اليوم”. ظهر شالوم متشائماً جداً. “الصورة أكثر حزناً بكثير”، قال شالوم للصحافي يوآف ليمور. “في نهاية المطاف، كل شيء يتمحور حول إيران في كل الملعب – بجهود تمركز إيران في سوريا والعراق، ومحاولة نقل السلاح المتطور لحزب الله. نحن أمام إيران في جولة خطيرة ويجب الإمساك جيداً بالدفة”.

شالوم ذكر بضعة سيناريوهات محتملة حول الاتفاق النووي، منها المفاوضات بين أمريكا وإيران، واستمرار التصعيد العسكري الذي سيجر إسرائيل بصورة أكبر، وإلى انتهاكات أكثر شدة للاتفاق من جانب طهران. وأشار رئيس لواء الأبحاث إلى أن إيران نقلت إلى سوريا والعراق صواريخ “كروز”. واعتبر “احتمالاً معقولاً جداً” إمكانية إطلاق إيران صواريخ كروز وصواريخ أرض – أرض أو طائرات بدون طيار من غرب العراق نحو إسرائيل كردّ على الهجمات الأخيرة ضدها. إزاء القدرة التي أظهرها الإيرانيون في الهجوم الأخير في السعودية، يبدو هذا تحذيراً ذا علاقة.

العميد شالوم وصف عملية إسرائيلية متعمدة ومحسوبة لتوسيع نطاق الهجمات ضد إيران وضد الأهداف المتماهية معها في الجبهة الشمالية. ولكنه لم يُسأل عن الدور المتراكم لإسرائيل في التصعيد الأخير أمام إيران، وإذا جرى ذلك لاعتبارات موضوعية أو مرتبطة أيضاً بجهود محاولة بقاء رئيس الحكومة.

عندما تسلم التفويض لتشكيل الحكومة من رئيس الدولة قبل أسبوع، برر نتنياهو الحاجة إلى تشكيل حكومة وحدة بالتوتر مع إيران. وقد وصف تهديد إيران بـ “تحد أمني كبير يقترب منا بسرعة كبيرة، بل أصبح موجوداً هنا”. حسب أقواله: “من أجل مواجهته، علينا دمج القوى؛ لأن الشعب يجب أن يكون موحداً”. قد يبدو الافتراض الأساسي الذي ساد لزمن طويل، وهو أن ما كان هو ما سيكون لأن نتنياهو بقي حذراً بالنسبة لأخطار الحرب، لا يسري بالقوة نفسها التي كانت لديه في السابق.

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023