عام 2020 كما تراه بعض مراكز الأبحاث في الكيان الإسرائيلي…بقلم تحسين الحلبي

معهد «جروزليم – JISS» للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب نشر في 15 كانون الأول الجاري دراسة تحت عنوان «إسرائيل عام 2020: التحديات والفرص المتوقعة» طرحت احتمالات بشأن ما يمكن أن يقع من أحداث وتطورات في معظم دول المنطقة وطبيعة تأثيرها في الكيان الصهيوني.
بشأن سورية توقع المعهد أن «يجري في عام 2020 استكمال انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سورية لأسباب عدة منها لاستغلال ذلك في حملة ترامب الانتخابية، وهذا ما قد يفتح الباب لتسوية تتوصل لها المجموعات الانفصالية في تلك المنطقة مع القيادة السورية، لكن التوتر سيظل قائماً بين سورية وتركيا» وتتوقع الدراسة أن «يحرز الجيش السوري تقدماً في معركته في إدلب، وفي المجال السياسي أن يظهر حوار أوروبي مع سورية.
ويرى المعهد «أن تأثير هذه الاحتمالات في النشاط الإسرائيلي العسكري ضد ايران وسورية سيدفع تل أبيب إلى زيادة الاعتماد على الحوار مع روسيا» ويتوقع أن «تزداد الاحتمالات التي تدفع تل أبيب إلى شن حرب (وقائية) ضد حزب الله لأن استمرار الأزمة في لبنان سيصب في مصلحته، وهذا ما لا تريده تل أبيب» بل إن الدراسة ترى أن المقاومة اللبنانية هي «المستفيدة من عودة الاستقرار للنظام السياسي اللبناني إضافة إلى حلفائها سورية وإيران».
ومع ذلك، يصبح السؤال المطروح:هل ستسلم تل أبيب بمثل هذه التطورات التي تتوقعها الدراسة، وما الوسائل والعمليات التي ستلجأ إليها من أجل تحقيق أهدافها؟
على المستوى المحلي، من المتوقع أن تزيد تل أبيب اهتمامها وتوظيفها للتنظيمات الإرهابية التي قدمت لها الدعم والإسناد أثناء الحرب الإرهابية على سورية وخاصة في المنطقة الجنوبية عند تخوم الجولان، وفي شمال شرق سورية مع بعض قادة المجموعات الانفصالية التي التقى بها موردخاي كاهانا رجل الأعمال الأميركي- الإسرائيلي الذي ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل أسابيع أنه سيتولى تسويق النفط الذي احتلت منطقة آباره قوات الاحتلال الأميركية وبعض المجموعات المسلحة المرتبطة بها.
ومن المتوقع أن تُعد القيادة الصهيونية مجمل ما يُتاح لها – من صلات مع المتعاونين معها- لمرحلة تتوقع فيها أن تنشأ ظروف تتأزم بموجبها العلاقات التركية- الروسية- الإيرانية وخاصة عندما تضع سورية على جدول عملها بعد التحرير المرتقب لإدلب موضوع وجود القوات التركية التي احتلت أراضي سورية وضرورة انسحابها من هذه الأراضي.
فالكيان الصهيوني ما زال يقوم ببعض الغارات العدوانية على بعض الأماكن السورية لأهداف تكتيكيه منها إعطاء رسائل دعم وإسناد مُعلنة للمجموعات الإرهابية في إدلب، وكذلك للمجموعات المسلحة الخارجة على القانون في منطقة شمال شرق سورية، ولاشك في أن أنقرة يَسرُّها استمرار عمليات عسكرية إسرائيلية ضد سورية ما دامت تحمل رسائل الدعم من تل أبيب لكل المجموعات الإرهابية المسلحة.
ولا شك في أن تناقض المصالح الاستراتيجية لموسكو وطهران مع مصالح أردوغان، حول دوره المعادي لسورية وما يقوم به في المنطقة، سيبلغ نقطة حادة قد تنقل العلاقات إلى مرحلة لا يتوقعها أردوغان، وقد تضعه أمام خيارات صعبة غير قابلة للتأجيل تفرض عليه الاختيار بين: سحب قواته من سورية واستمرار توافقه مع موسكو وطهران.. أو الامتناع عن التجاوب مع هذا الاستحقاق وتحمل نتائج هذا الموقف ومضاعفاته الشاملة على تركيا.
أما الاحتمال الذي يشير إليه المعهد حول لجوء تل أبيب إلى شن حرب (وقائية – استباقية) على المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان فهو مجرد محاولة إيصال رسالة، يريد المعهد منها إبلاغ رسالة «ردع».. لأن الكيان الصهيوني يدرك ويعترف بأن أي حرب إسرائيلية على طرف من أطراف محور المقاومة لن تنحصر في جبهة واحدة بل سيجري انتقالها إلى جبهات أخرى وخاصة على جبهة الشمال كلها، وامتداداتها إلى جميع حلفائها في المنطقة.
ولذلك، توقع غادي آيزنكوت رئيس أركان الحرب الصهيوني في 10 كانون الأول الجاري- في لقاء أعده رئيس معهد أبحاث مايسمى «الأمن القومي» عاموس يادلين- أن تزداد «قوة إيران العسكرية في العامين المقبلين وتحقق تطوراً ستعمل على نقله إلى سورية وحزب الله وهذا ما نحاول منعها من تحقيقه» ويعترف آيزنكوت بأن واشنطن لا تفضل في هذه الظروف المخاطرة بمجابهة عسكرية مباشرة مع إيران، وتكتفي بالعقوبات الاقتصادية لعلَّ إيران تبلغ درجة ضعف تجبرها على قبول الشروط الأميركية بشأن الاتفاق النووي، وهذا ما يؤثر سلباً في ميزان القوى في المنطقة.
وبالتقدير العام، لن تتمكن كل القوى التي تتطلع للعدوان في سورية وحلفائها من امتلاك الجرأة على شن حرب شاملة.. أما ما يحدث من اعتداء هنا وهناك فالرد عليه جاهز دوماً ومن دون أن يحقق هذا الاعتداء أهدافه أمام تصاعد القدرات العسكرية السورية.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023