عندما تكون كلمة المقاومة هي العليا…بقلم محمد الرصافي المقداد

عندما تكون كلمة المقاومة هي العليا…بقلم محمد الرصافي المقداد

لا يمكن الحديث عن تحقيق انجاز على الساحة الفلسطينية، وفي قطاع غزة تحديدا، يفضي إلى وقف العدوان الصهيوني عليها، من دون أن يكون هناك تأثير، ودفع ومؤازرة من حزب الله في الشمال، وأنصار الله في الجنوب، وفصائل المقاومة في الشرق والشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، فما صرّح به وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) إلى وسائل الإعلام الصهيونية، أنه إن لم يحصل وقف لإطلاق النار في غزّة، فمسعاه الذي جاء من أجله إلى المنطقة لن يمكّنه من تسوية سياسية في الشمال(1)، ويقصد به هنا لبنان وما وراء لبنان من محور المقاومة.

لقد كان في ظنّ محور الشر الصهيو أمريكي، أن عدوانه على غزّة، سيمُرّ دون أن يكون هناك انخراط لبقية عناصر المقاومة المحيطة بفلسطين المحتلة، وسياسة قضم حركات المقاومة التي خطط لها قادته، اعتمدها أخيرا تكون المرحلة الختامية التي ستفضي – حسب تصوّرهم – إلى إستقرار وأمن الكامل والنهائي لن يتحقّق، الا بانتهاج سبيل القضم المنفرد الواحدة تلو الأخرى، لكن هيهات أن يحصل أعداء محور المقاومة على ما يريدون، وقادة هذا التكتّل المبارك أوفياء لعهودهم، صابرون ثابتون من أجل تحقيق هدفها النهائي المتمثل في تحرير فلسطين وما بعد فلسطين، من كل أثر للصهيونية والعمالة في المنطقة.

فيما يستعد مجلس الأمن لإصدار قرار وقف اطلاق نار، يكون ملزما للجانب الصهيوني، بدفع أمريكي، تفاديا لما هو أسوأ بالنسبة للكيان، بعدما وقفت الإدارة الامريكية على إصرار الجانب الإسلامي الممثّل في حركات المقاومة ومعها إيران، على عدم التخلّي عن غزة، مهما كانت التكاليف والتضحيات، ولو بلغت الدّخول الكامل في حرب برّية وبحرية على أوسع نطاق، لتشمل دولا ومناطق أخرى.

وقد فهم الجانب الأمريكي – بعد أن وقف على هذه الحقيقة – أن الأمور بدأت تخرج عن دائرة سيطرته وهيمنته، وأنّ الكيان الذي أعلن بصراحة عن حمايته الكاملة – ومعه دول غربية أخرى كبريطانيا وفرنسا – ودعمه بكل الوسائل العسكرية والاقتصادية والسياسية، بدأت أعراض إنهاكه تلوح، وعليه يجب تعديل مخططه المعلن في قطاع غزّة، وإلا فإن الأوضاع العسكرية لم تعد تعمل لصالحه، وقد انقلبت حملته على قطاع غزة عليه رأسا على عقب ميدانيا هناك، فضلا عن تأثيراتها السلبية في العالم عامة، وعلى المجتمع الأمريكي خاصّة، حيث بدأ يعبّر عن رفضه في بقاء بلاده على موقفها الداعم للمعتدي الصهيوني لها، وهو بتلك الحال من الوحشيّة المفرطة.

وإنه لو واصل سياساته المناصرة للكيان الصهيوني، فسيخسر مواقعه وتأثيره في المنطقة نهائيا، كما أن أوضاعه الداخلية المتمثلة في الحركة الطلابية المتنامية، والمناصرة للحق الفلسطيني، ستكون في أسوا حال، بل لعلّها بداية ظهور مؤشّر حقيقي لتفكك داخلي في الولايات الأمريكية، ونتيجة لهذه السياسة الرعناء الظالمة، لن يُبقِي أمريكا ذلك القطب الذي يدير العالم كما يحلو له، في ظلّ هذه الصحوة الإنسانية الشاملة في العالم، والتي حصلت من آثار بشاعة الجرائم، التي ارتكبتها عمدا وبإصرار القوات الصهيونية، بحق المدنيين الغزّاويين، من أطفال ونساء وشيوخ ومرضى في القطاع.

اذا بالإمكان القول، بأنّ وقف العدوان على القطاع، وسحب القوات الصهيونية مرحليا، كما خطط له في نهاية الأمر إلى خارج القطاع، يعتبر هزيمة نكراء، لكيان لم يسبق له أن تكبّد خسائر فادحة بهذا الحجم من القتلى والجرحى، ما يُعتبر مؤشّرا جدّيا لحقبة زمنية، كانت الدعاية الأمريكية الغربية، وخذلان الحكام العرب قد حوّلت الكيان الصهيوني من قوّة عسكرية ممكن مناجزتها والتغلب عليها إلى قوة لا تُقْهر، وكان لا بد من نصاعة هذا الوهم من خلال حرب حزيران 67 فيما عُرِف بحرب الأيام الستة، وأكتوبر 73 فيما عُرف بثغرة الدبريسوار.

واليوم ليس كالأمس، عندما تتولّد عزيمة رجال صادقين، على ساحة المواجهة مع أعداء الأمّة الإسلامية، وزمن بقاء الكيان الصهيوني محتلّا على أرض فلسطين، قد اقترب من نهايته، بعد طوفان الأقصى وبرهنة الفصائل الفلسطينية داخل القطاع على مقدرة وقوّة أوقفت جيشا مدجّجا بأحدث الأسلحة، وسبّبت لمستوطنيه صدمة وآثارا نفسية ليس من السهل تجاوزها، وزاد الوعد الصادق في تغيير معادلة الكيان الذي يُعربد خارج فلسطين ولا يُمَسّ بسوء، فكسر المعادلة القديمة – التي كان يعتقدها قادة الكيان – ووضع قانونا جديدا هو الأحدث اليوم في مواجهة العدوان، بردّ حاسم وصاعق، لقد برهنت إيران الإسلامية أوّلا على نجاح كبير في دعم وترشيد فصائل المقاومة، وهذه آثارها العسكرية الواضحة قد لاحت على ساحة المواجهة، وبرهنت ثانيا على أن حاضنتها لها إمكانات عسكرية واسعة وعالية القيمة، بإمكانها أن تحدث الضرر الفادح، ليس بالكيان الصهيوني وحده، بل وحتى أمريكا ومن يقف معها في ذلك الحلف العدواني العاطل.

ومهما فعل هؤلاء الأعداء جميعا، من أجل استعادة السيطرة على المنطقة، فلن يفلحوا في تحقيق أهدافهم، لقد ولّى زمن استعباد الشعوب، وانتهت دعايات حماية ورعاية حقوق الإنسان في أمريكا والغرب، فهي بعد قمع المظاهرات الأمريكية المنادية بوقف العدوان على غزّة بكل قسوة، واعتقال المئات من المتظاهرين، لم تعد تساوي الحبر الذي كتبوا به بنودها، لقد سقطت الأقنعة سقوطا مدوّيا، وظهر وجه أمريكا والغرب على حقيقته، وهو وجه واحد، وحشيّا حقودا بدون زينة وتمويه، ومهما يكن من أمر هذا الاتفاق الذي سيبرم، فإنه يعتبر في حدّ ذاته انجازا، ينضاف إلى سلسة الإنجازات التي حققها محور المقاومة المبارك، في لبنان واليمن والعراق، وغدا سيكون دور سوريا أكبر، ودور إيران أكبر وأكبر، وإنّ غدا لناظره لقريب.

المراجع:

1 – الاعلام الإسرائيلي عن بلينكن/ إن لم يحصل وقف لإطلق النار في غزة لن نتمكن من التوصل الى تسوية سياسية في الشمال الإعلام الاإسرائيلي عن بلينكن: إن لم يحصل وقف لإطلاق النار في غزة لن نتمكن من التوصل إلى تسوية سياسية في الشمال | الميادين (almayadeen.net)

 

 

 

 

شارك على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023