فلسطين دون فلسطين ودون فلسطينيين! حول ضرورة تجنيب تونس أي تورط في جريمة أي مشروع قانون مزعوم عربي أو دولي يسقط الموقف التونسي التاريخي ولا يسقط صفقة القرن

فلسطين دون فلسطين ودون فلسطينيين! حول ضرورة تجنيب تونس أي تورط في جريمة أي مشروع قانون مزعوم عربي أو دولي يسقط الموقف التونسي التاريخي ولا يسقط صفقة القرن

بقلم صلاح الداودي |

ان أي خطة سلام بديلة لصفقة القرن من المتوقع أن يقدمها الرئيس محمود عباس إلى مجلس الأمن الدولى وأي مشروع قانون يمكن أن تقدمه تونس باسم العرب بعد التشاور مع السلطة الفلسطينية وأنظمة التطبيع العربي أو الصهيونية العربية، ستكون وسيكون ربحا صافيا للصهاينة وخسارة صافية للموقف الشعبي العربي والإسلامي والاممي. ذلك انه لن يخلص فلسطين والفلسطينيين على الأرض من أي شر صهيواميركي وصهيوعربي وإن خلق ضغطا أو مضايقة أو تعطيلا للعدو الصهيوني.

من البديهي ان نذكر بأنه لا يوجد مفهوم صهيوني للسلام بخروجه من فلسطين المحتلة وتفكيك هذا الكيان المحتل وزواله. ولا يوجد أي مفهوم للعدالة وللحق يعطي وجودا للمحتل ويصفي الوجود الفلسطيني الشرعي الوحيد. كما ولا يوجد أي معنى لأي سلام دون الانهاء التاريخي والشامل والناجز للاحتلال. وحتى على وجه التدريج، لا يسقط الكيان الا بإسقاط وجوده، من عدم الاعتراف به أصلا وحتى تجريم كل ما يقوم به وتعهيد الإنسانية جمعاء رويدا رويدا بمهمة محاسبته.

يتوجب علينا هاهنا، لإنقاذ المعنيين بهذه القضية من سائر الاوهام، أن ننبهم إلى كون تونس تقع تحت الضغط العالي الصهيوني والأمريكي والخليجي وايضا الأوروبي وغيره. وان الرئيس عباس كان قدم فى فيفري 2011 خطة سلام إلى مجلس الأمن ومن ثم عرضها على الأمم المتحدة. وربما يزيد عليها الآن أو ينقص منها. غير أنه من الثابت ان ما من شيء سيقدم عن طريق تونس العضو غير الدائم بمجلس الأمن الا وسيمر وجوبا بما يسمى وثيقة السلام العربية وموقف السلطة الفلسطينية وموقف الأمم المتحدة أو ما يسمى الشرعية الدولية وهي الضالعة من زمان في تصفية الوجود الفلسطيني وهي العاجزة دوما وبشكل متفافم على كبح جرائم العدو الصهيوني الصارخة والمتراكمة وغير المسبوقة في تاريخ البشرية، هي ومجلس الأمن وكل المنتظمات الأممية الأخرى. هذا ووجب التحذير مجددا مما يسمى الحل المرحلي والتفاوض على الوهم بين خالي الوفاض من جهة والموغل في الاغتصاب من جهة أخرى وخاصة المقولة المسمومة المعروفة بعنوان “نقبل بما يقبل به الفلسطينيون”، ليس كل الفلسطينيين طبعا.

من المهم أيضا الإشارة إلى أنه لا يتوقع شيء إلا على قاعدة الاعتراف بدولة-شبح اسمها فلسطين في الأمم المتحدة تحت خدعة كاملة العضوية دون أدنى مقومات السيادة وببقاء الاحتلال. وتوفير حماية دولية وهمية للشعب الفلسطيني تجعله يتسول الوصاية ويمنع المقاومة دون أن يحدث شيء من هذا ودون ان يتغير شيء. ما سوف يؤدي حتما إلى الإعتراف المتبادل بين فلسطين و”إسرائيل” على أساس ما يسمى حدود 67 أي حدود القبول بالاحتلال قبلا وبعدا. وأما عن إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف لمساعدة الطرفين فى المفاوضات على قضايا الحل النهائى وصولا إلى تسوية دائمة فمنتهى التصفية والتوريط والتفريط والتبعية والتطبيع حتى إذا تم ادعاء انه سيمتنع الطرفان عن أي خطوات احادية الجانب خلال فترة المفاوضات وأنه سيتم وقف الإستيطان فى أراضي ال67 بما فيها القدس الشرقية وسيتم تجميد قرارات امريكا بالإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للعدو وتنفيذ المبادرة العربية وتوقيع إتفاق إقليمي بعد التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”.

فما الذي سوف يعنيه عندئذ ما يدعى الإلتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما فيها القرارات ”242_338″ والقرار 2334 القاضي بأن المستوطنات غير شرعية، وما الذي سوف يعنيه ما يزعم انه مبادرة عربية للسلام واتفاقات موقعة، وما الذي سوف يعنيه ما يسمى بهتانا مبدأ حل الدولتين المشؤوم على أساس الرابع من حزيران 67 واقرار القدس الشرقية عاصمة لفلسطين المزورة أو لفلسطين دون فلسطين وفلسطين دون فلسطينيين؟

ثم، ما معنى طرف دولي ثالث يضمن الأمن للدولتين مع عدم المساس بإستقلالهما وسيادتهما، وما معنى حل قضية اللآجئين على أساس القرار 194، وما معنى الإستمرار فى تمويل وكالة الغوث” الأونروا” اذا كان العالم يرى حصيلة كل سنوات الجريمة الصهيونية والدولية هذه؟

هاهنا أيضا نلفت انتباه المتطلعين إلى أي تغيير في سياسة تونس تجاه الوجود الفلسطيني ان الاعتراف بما يسمى اوسلو هو الذي اتى بالتطبيع إلى تونس وكل الدمارات الأخرى وان هذه القرارات الدولية التي يزعم انها مرجعيات شرعية كانت في قلب سياسات تونس طوال عقود ونحن بهذا الطرح أعلاه لم نبرح ابدا حشر الزاوية التي تركها نظام بن علي.

ونذكر بأن التطبيع هو العدوان الاعظم وهو المطلب الصهيوني الأهم عربيا وبالنظر إلى دولة مثل تونس. وتلك حصيلة المراجعات الصهيونية التي خلصت إلى ان كيان العدو فاشل شعبيا وغير معترف به شعبيا لانه لم يبدأ بالتطبيع مع الشعوب وعجز عن ذلك أبدا. وان الصهيونية خيانة، الصهيونية في حد ذاتها خيانة بينما التطبيع عدوان. الصهيونية الحديثة خيانة لأنها لم تقم على اليهود بل كانت مشروع جامعة أكسفورد وصدرت من بؤرة تصنيع المعتقدات التي اتت بالكارتية والبهائية وغيرهما ولقد نفذت إلى كل فكر ولا تسمح بأن يكون الإنسان يهوديا وصهيونيا في نفس الوقت طبق العهد الجديد.

وفي آخر الأمر، يجب أن يكون واضحا للجميع وبلا أي لبس ان المذكور أعلاه لا يمكن أن يكون اساسا لأي شيء. فلا شيء بعد الصهيونية سوى الصهيونية لا شيء قبلها سوى نفسها كما كانت تقول نخبة العرب، فلا يمكن أن نتناولها من داخلها ولا يمكن أن نعطيها ما لا تستحق ونعطي أنفسنا معها. وبالتالي فإن توفير أساسات مضروبة من الأصل لاوهام لا طائلة منها لا يمكن إلا أن يكون غسيلا للإرهاب الصهيوني وتبييضا للإرهاب الأكبر في العالم وتشريعا لتواصل كيان العدو.

لا سياسة الحمائم ستنفع ولا الحمل الكاذب سيثمر ولا تدوير الألفاظ العبثي سيأتي بجديد بل يضرب امل الشعب، خاصة ضعفاء الإيمان بالتحرير وسوف يؤدي إلى الاحباط والاستسلام وهذا رأس سرطان التطبيع كعدوان أعظم كما قلنا ونلح على ضرورة ادرتك ذلك. وهكذا تكون اي مبادرة من هذا القبيل بوابة لجريمة التطبيع الصهيونية ونافذة للخيانة الوطنية المحققة وثقبا شيطانيا لاعادة تأهيل الصهيونية وإعادة تأهيل التطبيع وإعادة تأهيل أوسلو باثواب جديدة.

ستبدو وكانها صدمة الحقيقة ولكنها الحقيقة بعينها وواقع الإقرار بالتطبيع ذاته. وتطبيعا قانونيا وحقوقيا يفتح كل مداخل التطبيع الثقافي والاكاديمي الثابت بطبعه على مصراعيه. يسمى ذلك تطبيعا مؤتلفا يخصص فيه مقعد للعدو وتلتقي فيه الضحية بالجلاد ويحق لهذا ويحق لذاك. ماذا إذن بعد التقاء الصهيونية والمطالبين بدولة لها ودولة لنا وماذا بعد الجمع بين روايتين أو بين حقيقة ورواية بالأحرى؟ اليس ذلك مساومات قانونجوية وتزييفات عملية وخدمات مجانية للعدو وتسوية-تصفية مركبة للقضية ومسايرة استسلامية للأمر الواقع وانصاف المواقف حتما خيانات…!

يوجد من الصهاينة الاقحاح من يقول ان القومية الصهيونية لا تستطيع البقاء بلا حدود ومن يقول ان الصهيونية حركة تحرير صهيونية ومن يقول ان الصهيونية عدالة، كل هذا اذا أعادت نفسها من جديد على طريقة الدولتين وهو وهم محض لا يريده في الحقيقة أي صهيوني في العالم.

هؤلاء الذين يراهنون على القانون الدولي وما شابه كمن يقول: “إن الصهيونية لا تحمل ادعاء الكمال وهي أعطت للفرد دخلا يوميا ومقدارا من العمل”.

انه الطابور الخامس الصهيو-عربي!

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023