فلسطين غدا أفضل رغم الأعداء والمتآمرين…بقلم محمد الرصافي المقداد

فلسطين غدا أفضل رغم الأعداء والمتآمرين…بقلم محمد الرصافي المقداد

يمكن القول بعد مرور 45 سنة من قيام وانتصار الثورة الإسلامية في إيران أننا دخلنا عصرا من التحدّي، تحدّ فرضته حركة المستضعفين من قوم سلمان المحمّدي، بلا مقدّمات ودون سابق انذار، انخرط فيه طلبة الثوريون من جامعة طهران، ليذلّوا أكبر قوّة من قوى الإستكبار العالمي، بصورة غير متوقعة ولا مألوفة من قبلُ، كان ذلك باقتحام السفارة الأمريكية بطهران(1) – التي كانت حقيقة وكر تجسس أمريكي متقدّم شمل بنشاطه الشرق الأوسط وإيران وجنوب الإتحاد السوفييتي- وأخْذُ من فيه من موظفين رهائن، وكان ذلك العمل الكبير والهامّ، بمثابة ضربة استباقية، لقطع يد أمريكا في التدخّل في شؤون إيران، المتحوّلة ثوريا من نظام ملكي، إلى نظام إسلامي حقيقي غير مزيّف، أو عنوان بلا محتوى، وكان اقتحاما غير محسوب العواقب، عند رجال آمنوا بحكمة ورشد قيادتهم، فوضعوا أنفسهم رهن اشارتهم وهكذا تكون الكتلة الصالحة الناهضة بشعبها.

ولم يكن يجرؤ على الحط من مقدار أمريكا حينها سوى قوم سلمان المحمّدي.

تلك الضربة التي وجهها الإمام الخميني بواسطة أبنائه المؤمنين بنهجه الربّاني، سجّلها التاريخ كسابقة لم تحدث من قبلُ، بحيث يمكن القول، بأنّ عصر الجرأة على قوى الاستكبار، قد بدأ منذ ذلك الحين، وقد تمكن الطلبة المقتحمون من الحصول على عشرات آلاف الوثائق السريّة، حتى تلك التي عمل الموظفون الأمريكيون على فرمها بآلة إعدام الوثائق، ونظرا لأهميّتها في كشف الأدوار التجسّسية الأمريكية في إيران والمنطقة، ومع ذلك فقد أعيد الصاقها بعناية فائقة وصبر، من طرف الشابات الثوريات الإيرانيات، وقد نُشِرت تلك الوثائق جميعها(2)(3) لكشف وفضح الأدوار الخبيثة التي كانت تقوم بها أمريكا عبْر سفاراتها، ليس في طهران وحدها، بل في العالم بأسره.

واليوم وبعد مسيرة دامت45 سنة، حقق النظام الإسلامي الإيراني نسبة كبيرة من مشروعه الكبير في تحرير فلسطين، من بوّابة إعلان يوم القدس يوما عالميا لمقارعة المستضعفين للمستكبرين، لقد بدأ ذلك اليوم في ايران بزخمه المليوني، كمظهر ثوري توعويّ أدار اليه اهتمام أحرار العالم فأولوه عنايته التي يستحق، وهو كحدث حقوقي بدأ ينمو وينتشر من شعب الى شعب ومن بلد إلى آخر، فلم يخلو منه شرق ولا غرب، وكان يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك من كل سنة، محطّة فلسطين الإعلامية والتعريفية، لشعب مسالم اعتدى عليه الغرب، بواسطة جذاذ الآفاق من اليهود الصهاينة، فقتلوا وشرّدوا أهله واحتلوا أرضه، مظلمة لم تحدث من قبل سجلها التاريخ المعاصر.

واستتبع الإعلان العالمي للقدس، عمل كبير وجاد في متابعة حركات المقاومة ورعايتها وتجهيزها حسب ما اقتضاه الحال، فلم يبخل بشيء من الإمدادات، من أجل أن تكون تلك الحركات في مستوى مواجهة العدوّ الصهيوني ومن يقف معه، وها نحن اليوم نشاهد الدول العربية والإسلامية، تقف متفرجة على ما يجري في غزّة، ومع ما لديها من جيوش وأسلحة وقُدُرات، لم تحرّك ساكنا لوقف أعمال الإبادة والدمار في غزّة، وهذا عار ينضاف إلى ما سبق من خذلان للقاضية وتآمر عليها.

ببلوغ حركات المقاومة مستوى المواجهة بندّية للعدو الصهيوني، بدأت مرحلة جديدة من الصراع، فبعد سنوات الدفاع وتلقي اعتداءات قوّاته، تفاجأ العالم بطوفان الأقصى الذي لم يكن ليتمّ لولا جهود إيران، وما قدّمته من أجل أن تبلغ المقاومة هذا المستوى من التحدّى والقوّة والمواجهة، وبه يمكننا القول بكلّ تأكيد، أنه أحدث زلزالا داخل الكيان الصهيوني، ستكمون له تداعيات خطيرة على وجوده، فما نراه في هذه الاثناء ينبئ بتفكك قريب بين مكوناته، الشرخ الحاصل هنا، تمثل في زعزعة الثقة بين المستوطنين وقواهم الأمنية والعسكرية، ما حدا بهم الى هجران مستوطناتهم في شمال فلسطين وحول قطاع غزّة، وغدا سوف لن يجدوا مكانا في فلسطين يأمنون فيه من صواريخ المقاومة، وصليات قذائفها وطائراتها المسيّرة، من هنا بدأ الوهم الذي كان مسيطرا على عقول المستوطنين يتبدّد، وإذا حلم إسرائيل الكبرى توقّف عند طوفان الأقصى، وتحوّل بين عشية وضحاها إلى نظريّة مفلسة غير قابلة للتحقيق، وأصبح المشهد الصهيوني الداخلي مرتبكا، بين مستوطنين مختلفين فيما بينهم، يكاد ينجلي عن تفكّك قاعدي ليس باستطاعة حكومتهم المتطرّفة ترقيعه، والذي سيفوز من هؤلاء من سيقرّر ويتمكّن من الفرار خارج فلسطين، وقد وصل به الطريق المسدود إلى حقيقة أنه لا يمكن بأيّ حال سلب حق شعب من أرضه، مهما تكالب عليها الأعداء.

دولة الكيان الصهيوني أصبحت اليوم في عسرة من إدارة شؤونها، والحفاظ على وجودها في ظل المتغيّرات المتتابعة والمتنامية حولها، فهي عسكريا مربكة بفعل جاهزية حركات المقاومة، واصرارها على المضيّ بعيدا في هذه المعركة، قد يكون القشّة التي قصمت ظهر البعير، ويبدو الجيش الصهيوني في أسوا حالاته فهو يخوض الحرب بمعنويات في الحضيض، وقد تلقى خسائر في عدده وعتاده، لم يسبق أن تلقاها من قبل، أمّا اقتصاديا، فهو على أبواب الإفلاس الإقتصادي، بين قطع الممر البحري لسفنه من باب المندب، بواسطة رجال الله في اليمن السعيد، وبين تعرّض مصانعه ومواقعه التخزينية إلى ضربات تجهز عليه، فلا ينفعه شيء من دعم غربي ولو كان عسكريا، وعبثا يفعل الغربيون بلدانهم، فيعرضوها مع الكيان الصهيوني إلى الانهيار الاقتصادي.

فلسطين إذا نقولها بتفاؤل كبير غدا أفضل، وليس هذا تهيئا تراءى لنا ولكنه حقيقة وحتمية تاريخية، لا يمكن ان تنقلب على طلّابها، فما ضاع حقّ وراءه طالب.

المصادر

1 – في ذكرى السيطرة على وكر التجسس في طهران .. ويستمر الصراع

https://www.alwelayah.net/post/print/16911

2 – وثائق وكر التجسس تتحدث عن مؤامرات أمريكا الجزء الأول

https://irdc.ir/ar/news/66/

3 – وثائق وكر التجسس تتحدث عن مؤامرات أمريكا الجزء الثاني

https://irdc.ir/ar/news/67/

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023