في الأبعاد الاستراتيجية لإرسال ناقلات النفط الايرانية لفنزويلا…محمد النوباني

في الأبعاد الاستراتيجية لإرسال ناقلات النفط الايرانية لفنزويلا…محمد النوباني

يبدو ان ايران قد اتخذت قراراً استراتيجيا بالرد على الاستفزازات التي تتعرض لها من قبل إدارة ترامب عبر بوابة فنزويلا التي تتعرض هي الاخرى مثل إيران لحصار امريكي خانق وعقوبات إجرامية تطال مختلف جوانب الحياة بشقيها المدني والعسكري.

فمنذ بعض الوقت تقول إدارة ترامب أن ايران تقوم بإرسال طائرات شحن تحمل على متنها قطع غيار وخبراء وفنيين متخصصين بإصلاح الاعطال التي لحقت بمصافي تكرير البترول إلى فنزويلا لتمكين كاراكاس من إستئناف العمل بمصافي تكرير النفط التي توقفت عن العمل بسبب العقوبات الامريكية.

وتشير تلك المصادر إلى ان ما يدور الحديث عنه هو إتفاق تم ابرامه بين الحكومتين الإيرانية والفنزويلية تقوم بموجبه طهران بإعادة تأهيل مصافي النفط الفنزويلية للعمل مقابل سبائك من الذهب الخالص تدفعها حكومة مادورو للخزينة الإيرانية.

وتفيد تلك المصادر بأن فنزويلا دفعت لايران بموجب هذه الإتفاقية تسعة أطنان من الذهب الخالص بلغت قيمتها 500 مليون دولار تم نقلها جواً من كاراكاس الى طهران على متن طائرات ايرانية تابعة لشركة “ماهان اير” المدرجة على قائمة العقوبات الامريكية بحجة انها تابعة للحرس الثوري الايراني.

ومؤخراً فقد قررت الحكومة الإيرانية في خطوة مدروسة ومخطط لها بعناية أن ترسل شحنة من البنزين الإيراني إلى فنزويلا على متن خمس ناقلات نفط لا لكي تساعد الشعب الفنزويلي على مواجهة العقوبات الامريكية الظالمة فحسب وإنما لكي تمرغ أنف ترامب في التراب وتظهر محدودية القوة الامريكية عندما تصطدم مع دولة قوية مثل إيران.

بكلمات اخرى فإن طهران التي ضاقت ذرعاً من العقوبات الامريكية وارادت من خلال إرسال ناقلاتها الى فنزويلا وضع ترامب أمام خيارين لا ثالث لهما إما ان يقوم بإعطاء الأوامر لسفنه الحربية التي أرسلها إلى الكاريبي بإعتراض ناقلات النفط الإيرانية واجبارها بالقوة على تغيير مسارها بإتجاه الشواطئ الامريكية وفي هذه الحالة فإن ايران سوف ترد وبشكل سريع هذا الانتهاك الامريكي لحرية الملاحة في المياه الدولية بإحتجاز سفن امريكية في مياه الخليج واقتيادها الى احد الموانئ الإيرانية في تكرار لنفس السيناريو الذي اعتمدته طهران مع بريطانيا حينما احتجزت طهران بموجب حق التعامل بالمثل إحدى ناقلات النفط البريطانية واجبرت بريطانيا عن الأفراج عن ناقلة النفط الإيرانية التي كانت في طريقها إلى سوريا العام الماضي والتي كانت محتجزة بمضيق جبل طارق.

أما الخيار الثاني وهو الاكثر ترجيحاً فهو ان يقوم ترامب: بلحس تهديداته وإعطاء الاوامر للقوة البحرية التي أرسلها إلى الكاريبي لأعتراض الناقلات الإيرانية بالعودة من حيث أتت وعندها فإن النتيجة ستكون وبالا عليه وإنتصاراً معنوياً مدوياً لكل من ايران وفنزويلا.

لا اريد ان استبق الاحداث ولكنني استطيع القول بكل ثقة ان ايران قد ضاقت ذرعاً من العقوبات الامريكية المفروضة عليها ولذلك فإنها قررت تحدي الولايات المتحدة في امريكا اللاتينية التي تعتبرها واشنطن حديقة خلفية لها حتى لو ادى الامر الى حدوث صدام مسلح كبير بينها وبين واشنطن  إندلاع حرب إقليمية كبرى تشمل الشرق الاوسط برمته.

ولذلك فإن الإعتقاد يساورني بان ايران قد انتصرت سلفاً في هذه المواجهة وخسر ترامب الذي لن يغامر بالدخول في مواجهة مع طهران في الوقت القاتل بلغة كرة القدم لان خسارته لتلك المواجهة في وقت تشير فيه إستطلاعات الراي العام الامريكي الاخيرة الى ان المرشح الديمقراطي جو بايدن يتقدم عليه بثماني نقاط تعني الإجهاز على مستقبله السياسي تماماً..

لقد سبق لي ان قلت في مقالة سابقة ان ايران سوف تجبر ترامب على تعلم اللغة الفارسية وها أنا اقول اليوم بان ايران القوية والمقتدرة سوف تجبره على تعلم السباحة في مياه الكاريبي ..

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023