قُولوا  لهم…….حتَّى…!!؟

 قُولوا  لهم…….حتَّى…!!؟

 قِيل للرئيس هواري بومدين : ” الشعب يطالب بـ” كوؤس الزجاج ” فرد الرئيس بومدين مبتسما: ” قولوا لهم، أي لأبناء الشعب ، ” إيمسلو ” – أي يصنعون الكؤوس من الطين – …حتى نبني مصنعا للكؤوس الزجاجية..

– وبالفعل قام الرئيس بومدين ببناء المصنع المذكور، كما بنى مصانع للنسيج والأحذية والبلاستيك، والحدد والشاحنات…..فسياسته كانت بناء المصانع التي تنتج على أرض الوطن ، وليس استيراد المنتجات من الخارج…..ثم الإدعاء والتبجح بأننا ” درناها جزائرية “..! ؟ كما فعل المستثمرون المزيفون على مدار السنوات الماضية.

– الذين جاؤوا بعد بومدين قاموا بتفكيك كامل لكل المصانع والمؤسسات الاقتصادية بحجة أنها غير مربحة وغير ذات جدوى، وهكذا بدلا من أن يُصححوا ويطوروا طرق التسيير، قاموا بالقضاء على المؤسسات المنتجة بحجة أنها عاجزة….وهذا أمر بديهي، فمن يوافق على بيع أملاك الدولة بالدينار الرمزي لايمكنه أن يعمل على المحافظة على المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي تم بناؤها بالتضحيات والعرق والصبر في زمن الديكتاتور ” هواري بومدين ” كما يصفه البعض إلى اليوم

.وقد اتضح مؤخرا أن سياسة تفكيك المؤسسات الاقتصادية الوطنية، ووضعها تحت وطأة الإفلاس المفتعل، لم تكن مجرد سوء تسيير ناتج عن غياب الكفاءة وضعف الشعور بالمصلحة العامة فحسب، بل كان الأمر يتعلق بسياسة مقصودة ومخطط لها بدقة من أجل تدمير النسيج الصناعي للجزائر ومنعها من مواصلة التنمية في مجال التصنيع والتحكم في عوالم التكنولوجيا، وبالتالي إبقاء الجزائر في وضعية البلد الذي يعتمد على الاستيراد في كل شئ ما يخدم مصالح القوى الخارجية ووكلائها في الداخل من مستثمري البرجوازية المزيفة.

هل ستعود الجزائر إلى عهد التصنيع، وسياسة تطوير الإنتاج الوطني ؟ لمالا ، فثمة مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه، وهي المؤشرات التي نأمل بقوة أن تتجسد كحقائق ميدانية ، وتُتَرجم إلى تحولات واقعية على الأصعدة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية، ولسنا في حاجة إلى التذكير هنا أن مثل هذه التحولات المنتظرة والمأمولة تتطلب إحداث تحولات نوعية في طريقة التفكير والتحليل وكيفية الاضطلاع بمعالجة الأمور.

إن الجزائر بلد يتوفر على الكثير من الموارد البشرية في مختلف المجالات، ويتوفر على إمكانيات وقدرات ممتازة من شأنها أن تسمح لهذا البلد المغاربي الإفريقي العربي أن يكون قوة إقليمية فاعلة ليس لمصلحة الجزائريين فقط ، بل ولمصلحة الإقليم المغاربي ككل، ولمصلحة الشراكة والتعاون الإفريقي الإفريقي، وبطبيعة الحال فإن أي صعود حقيقي للجزائر سيكون في صالح الوطن العربي وسيصبُّ مثل هذا الصعود في خدمة السلام والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط.

لكن في الطريق إلى الجزائر المأمولة هناك عمل كبير ينتظر ليس لجهة التخطيط والتفكير والعمل الميداني فقط وإنما أيضا لجهة ضرورة وحتمية تحييد ومعالجة العقبات والعوائق والقوى التي لاتريد للجزائر أن تكون كما ينبغي لها أن تكون، جزائر قوية ومزدهرة ومنفتحة على العالم ومندمجة بفعالية في سياقاته الحضارية ووفية لمبادئ وقيم ثورة أول نوفمبر1954.

                                                                

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023