كتبت رشا عيسى: تاريخ من التطبيع

ألقى العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن الضوء مجدداً على التحالف القائم بين بني سعود والعدو الإسرائيلي عبر انخراط الأخير بالعدوان مباشرة, لتظهر صورة جديدة للتطبيع ولأرشيف التعاون الحربي بين الطرفين والذي يبدو أنه قديم جداً لكنه لم يكن يوماً بهذا الوضوح الذي يتبدى به الآن.
تتقاطع المصالح والأولويات بين الطرفين, لتؤكد الأخبار الواردة من اليمن أن العدو الإسرائيلي لم يكن خارج هذا العدوان حتى منذ بداية انطلاقه عام 2015 وإن كان اسمه غائباً, لكن اليوم بعد سلسلة الهزائم وتخبط أهداف العدوان وجد بنو سعود أنفسهم بحاجة إلى منقذ علني يخفف وقع الهزائم, ولم يكن زج العدو الإسرائيلي بطائراته لقصف اليمنيين فقط لتجنيب حليفه السعودي مزيداً من الهزيمة والخيبة, بل للعدو الإسرائيلي مصالح حيوية على الأرض اليمنية حيث لا تزال أعينهم على باب المندب لإبقائه مفتوحاً فهم يحتاجونه لحماية خطوط تجارتهم في البحر الأحمر مروراً بباب المندب ومنه إلى بحر العرب، وصولاً إلى آسيا.
سيطرة «حركة أنصار الله» واللجان الشعبية أو أي حركة وطنية يمنية على المضيق تعني تهديداً متعاظماً لكيان الاحتلال وهذا ما يبحثه مسؤولو العدو جيداً, إضافة إلى اعتقادهم أن أحد أسلحة الحرب ضد إيران هي تثبيت أقدامهم بأي وسيلة كانت في اليمن, كما أنهم على يقين بعدم قدرتهم على الاعتماد على الطرف السعودي لأن الهزائم كانت أبرز ما حققه السعوديون من العدوان المتواصل على اليمن.
المشاركة الإسرائيلية الجديدة سترتب فواتير إضافية على بني سعود وسيضطرون إلى فتح خزائنهم بمئات ملايين الدولارات لتغطية التكاليف الباهظة, حيث كان أحد أبرز الشروط لدخول السعودية خليط التحالف مع واشنطن و«تل أبيب» تقديم المليارات وموارد الطاقة, بينما يقدم الطرفان الآخران القوة العسكرية, وعليه تحقيق مصالحهما أولاً في حين يجني بنو سعود منصة عدائية جديدة في العالم العربي ونفوذاً وهمياً.
ما ينفضح يومياً عن العلاقة السوداء بين العدو الإسرائيلي وبني سعود يؤكد أن تاريخهما معاً يتجاوز بكثير ما يقال أنه تطبيع تجاري أو سياسي أو ثقافي ينتظر اللحظة النهائية للإعلان الختامي, لأن الدور التخريبي والعدواني المشترك كشف خبايا ما يحاك ولو جزئياً وما خفي كان أعظم.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023