لماذا تراجع ترامب عن ضرب إيران؟…بقلم: د.اسامه اسماعيل

لماذا تراجع ترامب عن ضرب إيران؟…بقلم: د.اسامه اسماعيل

يُذكر أن قرار الهجوم على إيران قد جاء في نقاش بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  ومستشار الأمن القومي جون بولتون، مع وزير الخارجية مايك بومبيو  ونائب الرئيس مايك بينس ووزير الدفاع المرشح مارك إسبير، في البيت الأبيض يوم 20 يونيو الجاري.

من جانبه، أشار “فريد فليتز” المستشار السابق لجون بولتون، إلى أن تأجيل ترامب للهجمات في الوقت الحالي يخلق الفرص لحل سلمي، فهو رئيس تم انتخابه لإخراج الولايات المتحدة من الحرب، لذا، فهو لا يريد الحرب مع إيران.

وفي وقت سابق من يونيو الحالي، ترك بومبيو، وهو من الصقور القوية بالولايات المتحدة، المجال مفتوحًا لإجراء محادثات مع إيران في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من ادانته لإيران بزعم تنظيمها سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز. حيث أكد للصحفيين يوم 13يونيو بعد استهداف الناقلتين النفطيتين في خليج عمان، على أن السياسة الأمريكية ما هي إلا مجهودًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات في الوقت المناسب، لتشجيع التوصل إلى اتفاق شامل يستوعب كم التهديدات المحيطة. وكانت إدارة ترامب قد ألقت باللوم على إيران في تلك الهجمات، وهو تأكيد يدعمه بعض الحلفاء الأمريكيين، بينما نفت إيران أي تورط لها.

وبالتالي، عكس النقاش الأمريكي الداخلي الذي أدى إلى إلغاء الهجمات على إيران إلى حالة من التمزق لفريق الأمن القومي الأمريكي في اتجاهين معاكسين، حيث قيل أن المتشددين مثل “بولتون” يحثون على التحرك، في حين دعا المستشارون العسكريون إلى توخي الحذر، ومع إجهاض ترامب للهجمات، انهزمت صقور الإدارة أمثال بولتون.

فلقد أوضحت تلك الأزمة أن اتجاه ترامب المتشدد إزاء إيران يدعم من هدفه بانسحاب الولايات المتحدة من الصراعات الباهظة في الشرق الأوسط، وهو ما أكدته إدارة ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، ما آثار شبح الحرب بين الطرفين وأدى إلى عزل الحلفاء الأوروبيين الداعمين لإيران التي باتت محاصرة بعقوبات تعجيزية.

على صعيد آخر، ذكرت سوزان مالوني، الخبيرة في شؤون إيران بمعهد بروكينجز، أن ترامب لديه أهداف متطرفة ولكنه غير مستعد ليدفع ثمنًا باهظًا لتحقيقها، فالأزمة قد تستمر مع احتفاظ الولايات المتحدة بتضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني بفرض العقوبات. وتابعت مالوني، أن الإيرانيين لا يمانعون ببساطة من توجيه ضربة عسكرية لهم، وإنما كل ما يريدونه هو ردع ترامب عن فرض ضغوط اقتصادية فهذا هو هدفهم النهائي، إلا أنه لم يتحقق في الوقت الحالي.

وجاء الموقف في اللحظة الأخيرة وسط تقارير متنازع عليها حول التواصل الدبلوماسي بين واشنطن وطهران لتجنب الحرب، فقال مسؤولون إيرانيون لرويترز، أن ترامب بعث برسالة إلى طهران عبر عمان مساء الخميس 19 يونيو، قائلًا إنه يريد بدء المحادثات وتجنب الصراع. ولكن نفى مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية ذلك الأمر موضحًا لصحيفة واشنطن بوست، أن هذا غير صحيح  وهي دعاية من إيران.

وفي إشارة إلى أن طهران تتجه نحو التراجع، أوضح مسؤولون إيرانيون أنهم امتنعوا عن إسقاط طائرة عسكرية مأهولة كانت ترافق الطائرة المسيرة التي اُسقطت يوم 20يونيو، ويقال أنها كانت طائرة دورية بحرية تحمل طاقمًا من تسعة أفراد وتكلف أكثر من 250 مليون دولار، وهو ما أكدته وسائل الإعلام الإيرانية نقلًا عن أمير علي حجي زاده، رئيس فرقة الحرس الثوري، بأن الطائرة الدورية البحرية دخلت المجال الجوي الإيراني وكان بإمكان إيران اسقاطها لكنها لم تفعل. وبذلك أحجمت إيران عن تصعيد دراماتيكي وتجاوزًا للخط الأحمر الذي وضعه ترامب للقيام بعمل عسكري، لو كانت قد أسقطت تلك الطائرة.
وهناك من رأى أنه قد يكون من المحتمل أن تكون تلك الطائرة الأمريكية المسيرة قد دخلت بالفعل المجال الجوي الإيراني لذا تم إسقاطها، ومن القائلين بهذا الاحتمال “روبرت بيب” الأستاذ بجامعة شيكاغو والمتخصص في شؤون الأمن الدولي، والذي ذكر أن نطاقات الدفاعات الجوية الإيرانية أكبر مما يتوقعه الجيش الأمريكي.

أن القادة في المنطقة قد يطلبون الآن الحصول على أصول حرب إلكترونية إضافية لقمع الدفاعات الجوية المعادية، فالحادث يوحي بأنه سيكون هناك حاجة إلى إعادة التفكير في تشغيل أنظمة المراقبة المحمولة جواً ضمن مجموعة من الدفاعات الجوية الإيرانية، فضلاً عن الأسئلة الأوسع نطاقًا حول إمكانية بقاء هذه الأنواع من المنصات في البيئات المتنازع عليها.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023