لن يتحوّل صقر الغرب الهرِمُ إلى حمامة سلام…بقلم محمد الرصافي المقداد

لن يتحوّل صقر الغرب الهرِمُ إلى حمامة سلام…بقلم محمد الرصافي المقداد

فيما تكافح إيران بحكمة قيادتها، ووعي وجهود شعبها الصّبور المقاوم، بمؤسساته العلمية والتقنية، من أجل بلوغ مصاف الدول المتطورة علميا وتقنيا، بعيدا عن مزاعم أعدائها الكاذبة، في سعيها لامتلاك سلاح نووي، بينما أثبتت مرارا وتكرارا – وهم يعلمون جيدا أنها صادقة – تظهر بين الفينة والأخرى فقاقيع الإفتراءات عليها، من طرف تكتّل أعداء عموا وصموا، ثم عموا وصموا على حقوقها السلمية المشروعة، وأصروا على التمسّك بأوهام نسجها دهاة سياسات الغرب، المالك لترسانة من الصواريخ والقنابل والأسلحة النووية والهيدروجينية الفتاكة، زيادة على مئات القنابل التي يمتلكها الكيان الصهيوني الغير شرعي في مخازنه السرّية، والتي تشكل ومعها مخزون أمريكا تهديدا جدّيا للسلم والأمن العالميين، خصوصا وأنّ هذه الدول المالكة لترسانة الاسلحة النووية، ليس لديها وازع ديني أو أخلاقي، يردعها عن استعماله ضد أي دولة تراها معادية لها، وسياسات أمريكا وكيانها اللقيط الذي تطوعت لحمايته ودعمه، ماضية قدما في إطار توفير أكبر قدر ممكن من حظوظ البقاء، وسط اجواء تنذر حقيقة بتفككه وزواله، مع وجود محور لمقومة وجوده على الاراضي الفلسطينية، ومؤشّرات داخلية أخرى، تنذر بالبروز كداء عضال لا علاج له في الكيان.

أمريكا الغرب ومعهم الكيان الصهيوني والدول الخليجية المطبعة معه يدركون جيدا، بل ومتيقنون من أن إيران ليس لها مسعى لامتلاك سلاح نووي، وهي ستشتريه من أصدقائها إن اضطرت إليه، وهو بالنسبة لقائد ثورتها وولي فقيهها محرّم امتلاكه، لأنه فتاك لا يميز بين مدني وعسكري، وبين أخضر ويابس، وشجر وحجر، وهو باختصار ماحق للحياة دون تمييز.

ومن أجل هذا السبب القيمي الديني وقع تحريم امتلاكه، وصدرت فتوى دينية باتّة سنة 2003 (1)- وليست فتوى سياسية كما يتصورها خبثاء السياسة- من قائد الثورة الإسلامية برهن فيهخا على تميّز الاسلام أحكاما وقيما لحفظ أساسات الحياة، ودعوى سعي إيران لامتلاك السلاح النووي من خلال برنامجها السلمي، خالية من أيّ حجة بمكن أن يدلي بها المتقوّلون عليها بالإدّعاءات الكاذبة، وانما جُعلت تلك الأراجيف مبررا للضغط عليها، وإخضاعها لمشيئتهم في التحكم بمشاريعها الاخرى، خصوصا منها الصاروخية، التي بلغت فيها مراحل متطورة، بحيث أصبحت منافسا جديا في إرسال الأقمار الصناعية عبر الفضاء، ووضعها في مدارات مخصصة، ولم لا غزو الفضاء مستقبلا ومنافسة الدول التي سبقت في هذا المجال المتقدّم.

تحريض وزراء الكيان الصهيوني على إيران لم ولن يتوقف، طالما أنها ملكت دورات التخصيب وتحويلاتها، فما يهمّهم في حملاتهم المتواصلة هو عرقلة أيّ إتفاق يمكن أن ينجز معها، يضمن لها حقوقها واستفادتها الاقتصادية منه، وفي هذا الاطار التحريضي قال وزير الخارجية (يائير لابيد) (إن كيانه يحتفظ بالحق في التحرك ضد سعي إيران لامتلاك قنبلة نووية، وأن «كل تأخير في المفاوضات يجعل إيران أقرب لامتلاك قنبلة نووية».

وفي تصريح خلال اجتماع ثلاثي مع نظيرة الأمريكي (أنتوني بلينكن) والإماراتي (عبد الله بن زايد آل نهيان)، قال (لابيد): «إيران على عتبة أن تصبح دولة نووية. كل يوم يمر وكل تأخير في المفاوضات يجعل إيران أقرب إلى إمتلاك قنبلة نووية».وأشاد الوزير بالتحالف مع من أسماهم بالمعتدلين قائلا: «نحن نكتب فصلا جديدا في تاريخنا بالتحالف بين المعتدلين، التركيز على الحياة والأمل والتفاؤل والتطلع إلى الأمام.. أشكركم على هذا التحالف وعلى الصداقة التي تجمعنا، إنه مصدر أمل للعالم كله».

المعتدلون الذين قصدهم الوزير الصهيوني، هم الحكومات العربية المطبعة، التي باعدت القضية الفلسطينية بمقابل رخيص جدا، لا يفي حقيقة بمستوى العمالة المتدنّي الذي أظهرته، وفي مقدمتها الإمارات العربية التي أصبحت تتفاخر بانتمائها الصهيوني، وتعمل على جرّ أكبر عدد من الدول العربية إليه، ويبدو أن آل زايد قد اكتشفوا بعد فوات الأوان أنّ أصولهم صهيونية فهرعوا إليه ملبّين رغباته.

وذهب لابيد إلى القول بأن الكيان الغاصب يحتفظ بحق استخدام القوة ضد إيران، معبّرا عن ذلك بالقول الدرامي السيّء «وأنا أبناء ناجين من الهولوكوست، ندرك أن هناك أوقاتاً يتعين فيها على الأمم أن تستخدم القوة لحماية العالم من الشر» فيما اكّد أكد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أن «الوقت ينفد» أمام إيران للعودة للامتثال إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، وأن واشنطن ستبحث كل الخيارات الممكنة للتعامل مع التحدي الذي تشكله طهران. » (2)

وأقول إن نهاية من يجرؤ على الإعتداء على إيران ستكون قريبة، والويل لمن يفعل ذلك أو يفتح مجالاته الجوية والبحرية والبرّية، هؤلاء (سيصيب الذين أجرموا صَغَارٌ عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون)(3)

وهنا نتساءل بتعجّب – وإن كان غير موجّه لهؤلاء الحمقى- ولكن لمن تعودت آذانهم إلى الإستماع إلى ساسة الكذب، ومخادعة شعوب العالم، مَنْ الذي يجب عليه العودة إلى الاتفاق، بعدما خرج منه، إيران أم أمريكا؟ وما الذي تشكّله إيران من خطر؟ سوى أنّها ترفض منطق الإستكبار الأمريكي الغربي، بعدما تحررت منه، ولا تعترف بوجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وتسعى لزواله بأي شكل متاح لها، نعم إن إيران تشكل خطرا على ما يسمى بإسرائيل، وهذا أمر معروف وواضح وليس على جيرانها، الذين دعوتهم مرارا وتكرارا إلى التعاون المشترك، من أجل أمن المنطقة، ودحر أي تواجد عسكري أجنبي عنها، فليس هناك خطر محدق بدوَلِها سوى ذلك التواجد العسكري، بعنوان حماية دول رسمت شعار العمالة على مواقفها، ولم تعد تمتلك إرادتها على نفسها، في ظل وجود قواعد عسكرية على أراضيها، مدججة بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، هدفها الوحيد السيطرة على منابع النفط والغاز فقط.

والسؤال الآخر الذي يتبادر إلى الذّهن يقول: هل يمكن من خلال تصريحات صقر الغرب الهرِمِ الكبير أن يتحوّل إلى حمامة سلام، وآثار جرائمه النووية والكيماوية والجرثومية لا تزال باقية موثقة، في هيروشيما، وناكازاكي، وكوريا وفييتنام، وهل ستنطلي دعايات الكيان الصهيوني على شعوب العالم، وهو الكيان العنصري الشرّير، مغتصب فلسطين وقاتل أبنائها بغير وجه حق، ومرتكب مجازرها بدم بارد؟

المصادر

1 – فتوى خامنئي حول تحريم السلاح النووي
https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – لابيد: إسرائيل تحتفظ بالحق في التحرك ضد سعي إيران لامتلاك قنبلة نووية

https://arabic.rt.com/world/1283102-

https://aawsat.com/home/article/3244161/

3 – سورة الأنعام 124

4 – تفسير الميزان ج ص 7ص341 – الصَّغَارُ: الهوان والذّلّة

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023