ماذا تريد أمريكا من الأمة العربية وإيران!؟…بقلم: د. محمد سيد أحمد

ماذا تريد أمريكا من الأمة العربية وإيران!؟…بقلم: د. محمد سيد أحمد

لا أعرف من أين تكون البداية.. هل نذهب مباشرة إلى البلطجة الأمريكية على إيران في محاولة جديدة لاستنزاف أموال بعض دول الخليج تحت حجة واهية وهي التهديدات الإيرانية لهذه الدول، على الرغم من أن إيران دائماً كانت موجودة في هذه البقعة الجغرافية من منطقتنا ولم تهدد وجود هذه الدول يوماً، بل كانت- ومازالت- هناك علاقات وطيدة معها قبل أن يلعب العدو الأمريكي بورقة الفتنة الطائفية ويشعل نيرانها في محاولة لإقناعنا بأوهام مختلقة، وبالطبع كل عاقل يدرك أن التهديدات الأمريكية لإيران تهدف في الأساس إلى وقف المشروع الإيراني المقاوم للمشروع الأمريكي– الصهيوني الذي يهدد أمن العدو الصهيوني بالمقام الأول؟.
أم نرجع للخلف خطوات للحديث عن بداية المؤامرة على سورية قلب عروبتنا النابض، وشن الحرب الكونية عليها عبر الوكلاء من الجماعات التكفيرية الإرهابية المسلحة التي تم تجييشها بعد تدريبها وتمويلها وتسليحها وإرسالها إلى الأراضي العربية السورية عبر الحدود المفتوحة مع الوكلاء الإقليميين وخاصة تركيا وغيرها التي أنشئت بها غرف عمليات حربية تديرها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية لدعم هذه الجماعات المرتزقة التي جاءت إلى الأراضي العربية السورية من كل أصقاع الأرض، كل ذلك لأن سورية رفضت الخنوع والخضوع والتبعية للعدو الأمريكي ووقفت في وجه حليفه الصهيوني وداعمة لكل حركات المقاومة في مواجهة هذا العدو الصهيوني، فكان الانتقام هذه الحرب المجرمة التي استخدمت فيها أقذر الأساليب من الادعاءات والكذب عبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تفبرك الأخبار والصور والأحداث طوال الوقت؟.
أم نعود خطوات أوسع قليلاً لنتذكر هذا العدو الأمريكي وحلفاءه الذين قاموا بغزو ليبيا بحجة امتلاكها أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيماوي الذي لم يثبت امتلاكها له، وكان الهدف الحقيقي هو تقسيمها وتفتيتها من أجل الاستيلاء على خيراتها التي في باطن الأرض.
وفي الوقت نفسه كانت تدعم الجماعات الإرهابية في تونس ومصر واليمن ومازالت تدعمهم لتلحق هذه الدول بمخطط التقسيم والتفتيت الذي رسمته للمنطقة عبر مشروعها المعروف بـ«الشرق الأوسط الجديد»؟.
أم نذهب إلى ما هو أبعد عندما قامت بغزو العراق تحت المزاعم الواهية نفسها وهي امتلاكه أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيماوي، الحجة الجاهزة والمتكررة نفسها التي تسوقها للاعتداء على كل من تشعر بأنه يمثل قوة يمكن أن تهدد مصالحها في المنطقة وتهدد حليفها الصهيوني.
أم نرجع إلى دعمها للعدو الصهيوني في حرب تشرين 1973 وإحداثها الثغرة لإجبار السادات على إيقاف الحرب والدخول بعد ذلك في مفاوضات صلح مع العدو الصهيوني الذي انتهى باتفاقية «كامب ديفيد» وسبب كل الكوارث التي تمر في الأمة العربية حتى الآن، حيث أخرجت مصر من معادلة الصراع العربي- الصهيوني.
أم نعود إلى معاداتها للزعيم جمال عبد الناصر الذي وقف شوكة في حلقها بعد أن قاد ودعم كل حركات التحرر الوطني من الاستعمار على كوكب الأرض، وساهم بتشكيل تكتل عالمي عرف بعدم الانحياز في ظل اشتعال الحرب الباردة بين الأمريكي والسوفييتي، هذا إلى جانب دعوته القوية للوحدة العربية، وبنائه تجربة تنموية مستقلة، وتحركاته الواعية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي مازالت بها أصوات مدوية على خطا جمال عبد الناصر تقف بالمرصاد في وجه الأمريكي وتقول له مثلما قالها جمال في كل مناسبة وكان دائماً ما يردد: إذا رضي عني الأمريكي فلتعلموا أنني في الطريق الخطأ.
وإذا كانت الذريعة الجاهزة دائماً للاعتداء والبلطجة الأمريكية على العراق ثم ليبيا وسورية والآن إيران هي أكذوبة «امتلاك أسلحة دمار شامل» فليتذكر العالم أجمع أن العدو الأمريكي هو الذي يمتلك كل أنواع هذه الأسلحة وهو الوحيد في العالم الذي قام باستخدامها منذ ما يقرب من خمسة وسبعين عاماً عندما ألقى بقنابله الذرية على هيروشيما اليابانية في 6 آب 1945 ثم ناغازاكي في 9 آب من العام نفسه، ما أدى إلى مصرع ما يزيد على 100 ألف إنسان ومحو مناطق بأسرها من على الخريطة، هذا هو العدو الأمريكي ليس عدونا وحدنا بل عدو للإنسانية كلها.
ونعود مرة أخرى إلى إيران التي تشكل أحد أهم القوى الاستراتيجية في منطقتنا، التي تهدد المصالح الأمريكية وتهدد أمن العدو الصهيوني، والتي تمكنت رغم الحصار والعقوبات الاقتصادية الرهيبة التي مورست عليها أن تنهض وتصبح قوة إقليمية لها وزنها، وكل تهديدات العدو الأمريكي لها لا يمكن أن تصل إلى مواجهة عسكرية، لأن الأمريكي يدرك تماماً قوة إيران ويعلم أن كل مصالحه وقواعده العسكرية في المنطقة والعدو الصهيوني سوف تكون تحت مرمى النيران الإيرانية إذا ما بدأت الحرب.
إذاً التهديدات الأمريكية لإيران تهدف في الأساس إلى استنزاف جديد للمال العربي الخليجي تحت زعم الحماية من إيران، لذلك يجب أن يفيق البعض من الغيبوبة ويدرك أن إيران دولة من دول منطقتنا وهي جارة وشريكة لنا في الجغرافيا، أما العدو الحقيقي فهو العدو الصهيوني المغتصب لأراضينا، وما يفعله العدو الأمريكي اليوم هو محاولة جديدة لخلق عدو وهمي لنا وهو إيران حتى ننسى عدونا الحقيقي، اللهم بلغت.. اللهم فاشهد!.
كاتب من مصر

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023