#ما أسوأ أن تعيش في وطن لا يُحبّك..!!

#ما أسوأ أن تعيش في وطن لا يُحبّك..!!

بقلم: #الناشط الحقوقي محمد البراهمي |

إلى السادة :
رئيس الجمهورية
رئيس الحكومة
رئيس مجلس الشعب
المنظمة الدولية لحقوق الإنسان

لقد قررت الإعتراف لسيادتكم بأني أعلن العصيان المدني الفردي جراء غياب رؤية واضحة توقف النزيف الحاصل جراء السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، و سياسة التهميش و اللامبالاة بمعاناة المواطنين أبناء هذا البلد “منطلق الثورات العربية “و كما أني لم أعد أحتمل العيش في هذا الوطن العزيز، بعد الشعور بالغربة في بلدي و غياب الثقة ، تلك الثقة التي فُقدت منذ زمن بعيد، والتي حين تغيب، وبعد أن يستنفذ المواطن محاولاته المتكرّرة في استجداء وطنه، يكون قد وصل لمرحلة اليأس والإحباط في وطن أنجبه دون أن يمنحه حقوقه في العيش بكرامة كما يستحق.. لذى أطلب من سيادتكم ان تنفذوا في حقي النفي خارج دولة تونس..

إن أهم ما يمكن أن يدفع الإنسان لإتخاذ قرار مغادرة وطنه و تأجيل موته على الاستمرار في الحياة هو انعدام الكرامة، فبغياب الكرامة تغيب قيمة الشخص، وتغيب حضوره في عيش حياة كريمة كأي إنسان في هذا العالم.

ويظل التساؤل المطروح، ما معنى أن نحب الوطن.. وما معنى أن يحبنا الوطن.. أي علاقة تربط الإحساس بالوطنية والانتماء.. ما الذي سيدفع شخصا أن يحب وطنه إن كان يرى أن لا مستقبل له فيه، ما الذي يجعل الوطن محبوباً للذين يعيشون على أرضه، لطالما تغنت الأجيال السابقة بأناشيد وطنية كان من المفترض أنها تبعث على الفخر والاعتزاز، والإحساس بالانتماء الذي لا يضاهيه أي إحساس في الكون، فما الذي دفع بنا نحن أبناء هذا الزمن إلى التخلي عن هذا الإحساس الجميل، هل نستطيع العيش حقا دون وطن؟ أو هل نستطيع العيش في هذا الوطن العزيز.. ؟

في وطني : لم تفلح جميع برامج التنمية وخلق فرص التشغيل التي ما لبثت الحكومة الحكومات المتعاقبة في إطلاقها منذ عشر سنوات، في امتصاص الكم الهائل من أزمات البطالة و التهميش ، حيث أن أعداد العاطلين يزداد كل سنة وذلك راجع إلى انعدام رؤية واضحة لدى الدولة في وضع حد لهذه الظاهرة المجتمعية التي تزيد من نقمة الشباب على ساسة وطنه وحكوماتها المتعاقبة، كيف يمكننا ان نحب هذا الوطن !!؟
عندما نقول أننا صادقون في حب وطننا ونحبه حباً خالصاً، وليس إدّعاء للحصول على مطامعنا الشخصية أو سبيلاً لنيل أهدافنا الذاتية، فنحن نحبه من دون رفع الشعارات الجوفاء التي ظاهرها الولاء والحب وباطنها حاجة في نفس يعقوب، وحبنا له يكون بالانتماء الحقيقي إليه، والسعي على نشر السلام في هذا البلد ، والمساعدة على إقامة الأمن فيه من أجل التعايش بين جميع أطياف أبناءه، مع الحرص على النضال والتضحية في سبيل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ونصرة المظلوم ورفض الظلم، ونبذ كل صور التسلط و الإستبداد الممارسة فيه، بوسائل حضارية، لتحرير الوطن من الفساد الذي يعد العدو الحقيقي له بعيداً عن فتح الثغرات والجبهات الجانبية التي تخدم مصلحة الذين يريدون السوء والشر له.. في بلدي نريد فقط العدالة الاجتماعية التي هرمنا أجل ان تتحقق أهدافها ..

كما أن المطالبة بالحقوق ليست مؤامرة وانفصالاً عن الوطن وخيانته، والتطبيل والتضليل أيضا لا يعني الوفاء والإخلاص للوطن، وحبنا لوطننا لا يمنعنا من إدراك أنه يدار لحساب نخبة وليس لحساب عامة المواطنين، لكن هذا لا يُحجم من قدراتنا على التضحية من أجله والانصراف للبحث عن مصلحتنا الخاصة، وتنازلنا عن أشياء جد مهمة لنا مقابل أن يحيا الوطن ناهضاً ليس من الضعف في شيء بقدر ما هو نابع من حب صادق ووطنية متينة، ويبقى حب الوطن خير معين على استمرار جذوة الوطنية متوقدة، وهو من أهم الأسباب التي تجعلنا مصرين على حقنا في حياة كريمة، فلا وطن بدون وطنية حقيقية قائمة بذاتها،

إننا نمر بمرحلة حرجة من عمر الوطن،وللأسف مازال البعض لا يؤمنون بالوطن ولا بالإنسانية،ويحاولون بشتى الطرق المشروعة والغير المشروعة للحصول على مصالحهم الضيقة على حساب حقوق الشعب،ويريدون أن يجردونا من هويتنا التي هي فعلا أغلى ما نملك في هذا زمن،ومنهم من يبعون الوطن من أجل الحصول علي منافع شخصية آنية ..

يا سادة لم أطلب سوى الكرامة و العدالة الاجتماعية في بلدي..
و بإسم دولة القانون و المؤسسات :
وطبقا لعلوية الدستور التونسي :

الفصل 21 – المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم.

الفصل 22 – الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون.
الفصل 23 – تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي. ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم.
الفصل 26 – حق اللجوء السياسي مضمون طبق ما يضبطه القانون، ويحجر تسليم المتمتعين باللجوء السياسي..

من هذا المنبر أناشد السلطات المعنية و الحقوقيين و النشطاء السياسيين والبرلمانيين و الإعلاميين و المنظمة الدولية لحقوق الإنسان لرفع المظلمة عني ، قبل أن أُغادر هذا الوطن مُكرهاً و كل ذنبي في الدولة التونسية بكل نخبتها السياسية..
و إن لم تتفاعل الجهات المعنية من رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة بعد قرار العصيان المدني الفردي فأني سأقوم بالتصعيد و أمام عموم الشعب ليكون شاهداً على تخلي الدولة على أحد أبنائها.. “والله على ما أقول شهيد”

“و إن كُنت شجاعاً عند تمسّكي بحقوقي عليّا أن أكون أشجع عند دفع الثمن”

“و ما أعظم ان تُغادر او تموت مدافعاً عن كرامتك وعن حقك فى وطنك وما أسوأ أن تعيش في وطن لا يُحبك ”

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023