مستشفى الشفاء….صورة “النصر” الوهمي الفاشل…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

مستشفى الشفاء….صورة “النصر” الوهمي الفاشل…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

. رفع علم الكيان الصهيوني على مجمع مستشفى الشفاء ان دل على شيء يدلل على الهمجية والسقوط الأخلاقي والانساني التي يتمتع بها هذا الكيان المغتصب المؤقت الى جانب ن ا ز ي ة جيشه الذي اتضحت لكل العالم. الكيان يريد ان يصور ان السيطرة على هذا المشفى على انه انتصارا. انتصار على من على الأطباء والممرضين والجرحى والمرضى والأطفال والخدج واللذين نزحوا من المدنيين طلبا للأمان في محيط المستشفى. هذا هو الانتصار لهذا الجيش العاجز وبعد 40 يوما من تحقيق أي انتصار عسكري ميداني والذي يدعى أنه الجيش الذي لا يقهر.

. خابت آمال الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية والأمريكية لأنه وبعد التفتيش الدقيق ولساعات من قبل الجنود اللذين اقتحموا المستشفى لم يعثروا على أي دليل او مؤشر على وجود مختطفين ولا عن أي مقاوم ولا عن إنفاق ومراكز قيادة وسيطرة للمقاومة لا في المستشفى ولا في محيط المستشفى. وهذا شكل صفعة قوية لكل القيادة السياسية والاستخباراتية والأمنية في الكيان الصهيوني وأدى الى مزيد من النقمة على نتنياهو وزمرته داخل الكيان كما هي للمايسترو الأمريكي الذي تبنى ويتبنى كل ما يدعيه الكيان الصهيوني من روايات منذ بدء الحرب للان.

. من الواضح أيضا ان بعض الدول الغربية التي أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني بدأت على ما يبدو مراجعة مواقفها على الأقل العلنية مثل اسبانيا وفرنسا وكندا وحتى الولايات المتحدة بدأت تنأى بنفسها وتتراجع الى الوراء في محاولة للتنصل من حرب الإبادة التي تقوم بها أداة الامبريالية في المنطقة. وهذا نابع من الصور التي يتم تناقلها على شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت حول الابادة الجماعية في غزة بالإضافة الى حجم وعدد المظاهرات التي عمت جميع المدن الرئيسية في الدول الغربية على وجه التحديد. الى جانب ان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة التي تدير الحرب بدأت تخسر وبشكل متسارع الراي العام العالمي والسقوط المدوي للرواية الصهيونية على الساحة الدولية. ما رأيناه وما زلنا نراه هو تحول نوعي وكمي في الراي العام العالمي وتضامن أممي غير مسبوق للشعب الفلسطيني وحقوقه ومقاومته المشروعة للاحتلال الصهيوني.

. بالرغم من حجم الدمار وتوغل القوات الإسرائيلية تحت غطاء ناري كثيف من البر والبحر والجو واستخدام كل أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا التي يتم تزويدها على مدار الساعة من قبل الولايات المتحدة ما زالت الصواريخ المقدسة وليست العبثية تنطلق من غزة الى داخل أراضي فلسطين المحتلة. وما زال المقاومون يتصدون لقوات العدو المتوغلة وتكبده الخسائر البشرية وخسائر في الياته ودباباته. وهنالك مجازر واستهداف للدبابات الإسرائيلية من قبل المقاومة التي تعرضه بالصوت والصورة بين الحين والأخر كان آخرها بالمنطقة القريبة من مجمع الشفاء وبالتحديد عند دوار د. عبد الشافي.

. ويبقى الدور الغائب الفاعل أو المغيب استجابة للبيت الأبيض هو الدور العربي الفاعل على الأرض وخاصة من قبل الدول المطبعة مع الكيان او التي كانت على قاب قوسين من إعلان التطبيع معه بشكل رسمي وعلني. هذا في الوقت التي اتخذت العديد من الدول في أمريكا اللاتينية وكذلك جنوب أفريقيا خطوات جريئة بطرد السفراء الإسرائيليين من ارضها واستدعاء سفرائها من دولة الكيان. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ستمتلك هذه الدول العربية وكذلك الدول الإسلامية بمقاطعة الكيان الصهيوني بعد كل هذه المجازر ام أنها تنتظر ارتكاب مزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني؟ ويبدو ان البعض ينتظر وما زال يأمل في نجاح القوات الصهيونية في أهدافها المعلنة بسحق المقاومة الفلسطينية في غزة. لن نستغرب ان كان هذا هو ما تنتظره بعض الدول العربية فلقد استعدت دولة عربية على الأقل بدفع مليارات للكيان الصهيوني في عدوانه عام 2006 “لسحق” المقاومة اللبنانية آنذاك.

. كل يوم يمر يؤكد ان الحرب الدائرة في غزة هي حرب كونية تقوم بها الأداة الامبريالية في المنطقة بقيادة وإدارة الولايات المتحدة ضد الشعب الفلسطيني. وهذه الحرب هي جزء من الحروب العالمية التي تقودها الولايات المتحدة على جميع الأصعدة بأدواتها كما هو الحال هنا وفي اوكرانيا على سبيل المثال أو بشكل تدخل عسكري مباشر سافر كما هو الحال في سوريا لضمان مصالحها واستراتيجيتها في محاولة الهيمنة والسيطرة على العالم ومنع القوى الصاعدة كالصين وروسيا على وجه التحديد من منافستها وتقليم أظافرها على الساحة الدولية.

كاتب وأكاديمي فلسطيني

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023