من تثمين التّراث اللاّماديّ إلى تشويهه في النّشاط السّياحيّ بمدينة توزر (الجنوب الغربيّ التّونسيّ)

من تثمين التّراث اللاّماديّ إلى تشويهه في النّشاط السّياحيّ  بمدينة توزر (الجنوب الغربيّ التّونسيّ)

د.فتحي بوليفه: أستاذ باحث في الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة، جامعة سوسة fathyboulifa@gmail.com

 

تمثل السياحة رافدا هاما للتواصل والتقاء وتلاقح ثقافات مجتمعات مختلفة مع المجتمع المحلي لمنطقة الاستقبال السياحي. ينتج عن ذلك التلاقح تأثيرا متبادلا يطرأ على سلوكيات السياح والسكان المحليين، لكن ربما يختلف تقييم ذلك التأثير بينهما باختلاف حدته وعمقه. رغم حداثة النشاط السياحي –على الأقل في شكله الجديد[1]– منذ بداية التسعينات من القرن العشرين وتوافد أعداد ضخمة من السياح على مدينة توزر بدأت التأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على المجتمع المحلي تبرز للعيان. لذلك سنحاول بواسطة هذا البحث، في شكل استمارات، الكشف عن الإدراك الحسي للسكان لهذه التأثيرات على التّراث اللاّماديّ لهذه المدينة.

1- ماهو مفهوم التّراث اللاّماديّ؟

التراث الثقافي غير المادي أو التراث الثقافي اللامادي هو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات -وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية- التي تعتبرها المجتمعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي. هذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه المجتمعات من جديد بصورة مستمرة، بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمّي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. يتجلى “التراث الثقافي غير المادي” بصفة خاصة في المجالات التالية:

  • التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي.
  • العروض الفنية الفلكلورية.
  • الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات.
  • المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون.
  • المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية.

2- تثمين التراث اللامادي في السياحة بمدينة توزر

الوسط البشري الواحي والصحراوي لمدينة توزر متجذر في العمق الجغرافي والتاريخي ويمثل عرضا سياحيا متميزا. رغم غزو الحداثة لهذه الربوع، لا يزال جزء كبير من السكان محافظا على نمط عيشه القديم وعاداته وتقاليده الواحية الصحراوية (حفلات الأفراح، زيارة الزوايا والأولياء الصالحين…). كلها تراث لامادي ثقافي يثير فضول السائح ويستقطبه. هذه المنظومة من العادات والتقاليد المركبة في أصولها والبسيطة في ظاهرها تعكس إرادة سكان هذه المنطقة في التأقلم مع هذا الوسط الطبيعي الصحراوي القاسي مما أفرز ثراء ثقافيا عميقا.

2-1- الاحتفالات والطقوس الدينية

الشعوب وليدة كل الحضارات (البربرية، الرومانية، البيزنطية والإسلامية) التي ميزت تاريخ هذه المنطقة أنتجت فسيفساء من العادات والتقاليد أثرت في تراثها الثقافي. من أهم مكونات هذه الفسيفساء نذكر الاحتفالات الدينية، التي تعكس هوية سكان هذه المنطقة، حول أضرحة وزوايا الأولياء الصالحين، حيث تتداخل الطقوس الدينية مع الرقصات والموسيقى الروحانية من أصول بربرية، صحراوية، أفريقية وشرقية. يلخص الجدول التالي أهم الاحتفالات الدينية بمنطقة الجريد حول مدينة توزر:

 

جدول1: الاحتفالات الدينية (زيارة أو زردة) بمنطقة الجريد حول مدينة توزر

الاحتفالات الموقع التاريخ
زردة سيدي حمادي المحاسن (كريز) نوفمبر
زردة سيدي بوعلي نفطة عيد الاضحى
زردة سيدي أحمد ميعاد نفطة أخر يوم أحد من ماي
زيارة سيدي بوهلال سدادة ديسمبر
زردة سيدي عبيد توزر أوت
زيارة سيدي مسعود الشابي توزر ماي
زردة سيدي أحمد الغوث توزر عيد الاضحى
زردة الزاوية القدرية توزر المولد النبوي الشريف

المصدر: المندوبية الجهوية للثقافة بتوزر وبحث خاص

من أهم الاحتفالات الدينية التي تستقطب أعدادا هامة من الزائرين من داخل منطقة الجريد وخارجه (من تونس والجزائر) نذكر زردة سيدي بوعلي بنفطة وزيارة سيدي بوهلال بسدادة.

صورة1: زيارة سيدي بوهلال بسدادة في شهر ديسمبر

المصدر: تصوير شخصي

2-2– الأطعمة التقليدية المحلية

التراث اللامادي لا يقتصر على الاحتفالات الدينية والفلكلور الموسيقي والرقصي، بل يشمل أيضا العادات الغذائية وتنوع الأطعمة التقليدية المحلية التي تميز سكان هذه المنطقة التي تجذب أذواق السياح الذين يزورونها، مثل المطبقة، الهريسة الجريدية، البسيسة…

من خلال البحث الميداني الذي بدأته في هذه المنطقة منذ سنة 1996 حول تطور السياحة الصحراوية وتأثيراتها، استنتجت تغاضي جل النزل المصنفة عن تقديم أطعمة تقليدية محلية وعندما استفسرت عن الأسباب برر جل المستجوبين من الطهاة في تلك النزل اكتفاءهم بتقديم المأكولات الأجنبية وخاصة المنتشرة في بلدان أوروبا الغربية بكثرة استعمال الفلفل الحار في المأكولات التقليدية المحلية. بعد تكثف عدد مراكز التنشيط والترفيه السياحي التي تتجهز بمطاعم أصبح السياح يتناولون المأكولات التقليدية المحلية في تلك المطاعم وتدعم هذا التوجه الجديد مع ظهور دور الضيافة والاقامات الريفية التي عملت أكثر على ادماج السائح في الحياة اليومية للسكان المحليين وعاداتهم الغذائية حتى الريفية البسيطة (الطهي بواسطة الحطب) التي تعتمد على المنتوجات الفلاحية الواحية البيولوجية.

2-3- التظاهرات الثقافية-الترفيهية

تحتل المهرجانات والتظاهرات الثقافية-الترفيهية، التي تثمن التراث اللامادي لمنطقة الجريد، مكانة هامة في اثراء وتنويع المنتوج السياحي واضفاء حركية اقتصادية على مدينة توزر. تعكس هذه التظاهرات تنوع الطقوس والعادات والتقاليد المتجذرة في تاريخ سكان الجريد.

لتثمين ذلك التنوع، قام المسؤولون عن السياحة بهذه المنطقة يدعمهم “الديوان الوطني للسياحة التونسية” بتوزيع المهرجانات والتظاهرات الثقافية بصفة متناسقة في الزمن على كامل فترات السنة وفي المجال المحيط بمدينة توزر وذلك للمحافظة على ديمومة تدفق السياح على طول السنة. هي إما تظاهرات ثقافية قديمة تسبق النمو السياحي وتم تحسينها وتضخيمها واطالة أمدها الزمني لتتلاءم مع أذواق السياح، أو تظاهرات ثقافية جديدة تم ابتكارها خصيصا بهدف تنويع العرض السياحي بهذه المنطقة وبالبلاد عموما. تواريخ هاته التظاهرات والمهرجانات المتجددة أو الجديدة وزعها مسؤولو السياحة في المنطقة حسب توفر الطلب السياحي بهدف استقطاب أعداد كبيرة من السياح لتكون متباعدة زمنيا.

جدول2: أهم التظاهرات الثقافية-الترفيهية بتوزر والمنطقة المحيطة بها

التاريخ الموقع التظاهرات الثقافية-الترفيهية
نهاية مارس توزر مهرجان ربيع الجريد
أواسط مارس تمغزة مهرجان الواحات الجبلية
أواسط مارس حزوة مهرجان الخيام
نوفمبر دقاش مهرجان تريتونيس (شط الجريد)
 أفريل توزر المهرجان الوطني للشعر العربي
18 أفريل-18 ماي كامل المنطقة شهر التراث
أفريل كامل المنطقة المهرجان الجهوي للموسيقى الفلكلورية
ماي توزر صالون الفنون التشكيلية
جويلية-أوت كامل المنطقة المهرجانات الصيفية
مارس توزر المهرجان الدولي للواحات
أكتوبر توزر إحياء ذكرى وفاة أبوالقاسم الشابي

المصدر: المندوبية الجهوية للثقافة بتوزر وبحث خاص

يعتبر المهرجان الدولي للواحات بتوزر من أهم التظاهرات الثقافية بالمنطقة خلال شهر ديسمبر تزامنا مع العطل المدرسية والجامعية ومع أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية عندما تصبح هذه المنطقة وجهة مفضلة لعدد كبير من السياح من داخل البلاد ومن خارجها. يقدم هذا المهرجان لزائريه عدة عروض مسرحية وموسيقية ورقصية تجسد التراث الثقافي الثري لهذه المنطقة (لوحات من الحياة اليومية وعادات وتقاليد اللباس والأفراح…)، تضفي جوا من البهجة والفرح وتساهم في مزيد استقطاب أعداد من السياح.

ينظم “المهرجان الدولي للواحات بتوزر” على أطراف المجال الواحي في مدخل المدينة ويمتد زمنيا على 3 أو 4 أيام، ينطلق ويختتم بعرض في مسرح شاسع في الهواء الطلق تمتزج فيه عروض الرقص والموسيقى والتمثيل وعروض الفروسية وصراع بعض الحيوانات البرية (الفنك والأرانب…) وسباق وصراع الجمال… تكون هذه العروض للعادات والتقاليد محلية ووطنية ودولية.

 

صورة2: مشهد من المهرجان الدولي للواحات بتوزر

المصدر: تصوير شخصي

خلال أيام المهرجان تنظم عروضا محلية ودولية مسرحية وموسيقية ورقص شعبي ومعرضا للصناعات التقليدية ومعرضا للتسوق، يتغير مجالهما من سنة إلى أخرى (أحيانا في مدرسة ابتدائية)… تضفي هذه العروض حيوية وحركية اقتصادية تخرج هذه المدينة من الرتابة التي تعيشها. رغم ذلك تشوب هذا المهرجان وجل التظاهرات الثقافية-الترفيهية عدة نقائص نلخصها في التكرار في محتوى العروض وافتقار هذه المدينة لمعرض شاسع وقار تنظم به معارض الصناعات التقليدية والتسوق…

رغم سعي مسؤولي هذه المدينة لتوزيع المهرجانات والتظاهرات الثقافية-الترفيهية بهذه المنطقة بصفة متناسقة، تعاب عليها ظاهرة التركز المجالي والزمني تزامنا مع فترات ذروة توافد السياح على هذه المنطقة خاصة خلال العطل المدرسية والحال أنه من الأجدى تنظيمها خلال فترات تراجع توافد السياح لاستقطاب أعداد إضافية منهم، كما يعاب عليها أيضا قصر فترة انتظامها التي لا تتجاوز في أغلبها يوم أو 3 أيام. حتى على المستوى المجالي لاحظنا تركز جلها في مدينة توزر وغيابها في جل المدن القريبة منها.

قبل انهاء هذه الفقرة المخصصة للتظاهرات الثقافية-الترفيهية، وجبت الإشارة إلى الفوضى التي تعم محتوى وطرق تقديم تلك العروض الفنية التراثية الفلكلورية أمام السياح. لا تمارس الادارات العمومية التي تهتم بالنشاطين السياحي والثقافي (المندوبية الجهوية للسياحة، نقابة المبادرات السياحية والمندوبية الجهوية للثقافة) أية رقابة على محتوى وطرق تقديم الفرق الموسيقية الفلكلورية لعروضها أمام السياح في النزل أو في مراكز التنشيط والترفيه السياحي. تتسبب هذه الفوضى في تشويه الموروث الحضاري الثقافي لهذه المنطقة نتيجة لتطويع محتواها لرغبات السياح وأصحاب المؤسسات السياحية.

في نهاية هذه الفقرة المخصصة للتظاهرات الثقافية الترفيهية سنذكر شكلا آخر من السياحة قد يساهم في تثمين التراث اللامادي لهذه المنطقة. استقطاب تصوير الأفلام السينمائية العالمية التي يرغب منتجوها ومخرجوها في توظيف المشاهد الطبيعية الصحراوية والواحية الفريدة من نوعها في العالم لهذه المنطقة في تصوير أفلامهم. كما تم تصوير بعض الأفلام التي استغل فيها مخرجوها الموروث الثقافي لهذه المنطقة في اللباس واللوحات الموسيقية الراقصة والعادات والتقاليد وحتى اللغة (اللهجات المحلية) أحيانا… تم الحديث في أواخر التسعينات عن تأسيس ستوديو سينمائي ضخم في مدينة توزر لاستقطاب أعمال سينمائية ضخمة يتم إنجازها في كل مراحلها بهذا الستوديو. يهدف هذا المشروع إلى مزيد استقطاب السياح خاصة من الممثلين المشاهير الذين يلعبون دورا هاما في التعريف بهذه المنطقة في العالم.

2-4- المواقع التاريخية والأثرية والمتاحف

يعتبر البعض أن إعادة الاعتبار للموروث الثقافي الحضاري يمر عبر المحافظة عليه وتثمينه في النشاط السياحي، مثل حماية المواقع التاريخية والأثرية وجعلها مواقعا يزورها السياح للتعرف على خبايا تاريخ المنطقة.

رغم تعدد المواقع الأثرية التي يتردد عليها السياح بهذه المنطقة سنخص “المدينة العتيقة بتوزر” في هذا البحث بعرض وجيز لمكوناتها ومشاكل تثمينها في النشاط السياحي.

تتميز مدينة توزرعن بقية المدن الصحراوية بمدينتها العتيقة التي تمّ إنشاؤها خلال الحقبة الإسلامية الأولى في شمال إفريقيا. تمثل المدينة العتيقة أكثر المواقع الحضرية هشاشة واستقطابا للسياح لأنها تمثل التراث المعماري للمدينة. يتردّد السياح على المدينة العتيقة منذ الستينات من القرن الماضي، لكن ذلك التردّد تنامى خاصة منذ التسعينات تزامنا مع تضاعف عدد السياح الوافدين على السياحة الصحراوية. دفع هذا التنامي للتردّد السياحي الأطراف المتدخلة في المجال السياحي إلى إنجاز أشغال كبرى لإعادة تهيئتها وتجهيزها مع المحافظة على طابعها المعماري الذي يميزها، خاصة بعد الفيضانات التي أضرت بها كثيرا سنة 1990.

دفع أيضا تزايد التردّد السياحي على المدينة العتيقة بعض سكانها إلى تحويل مساكنهم أو أجزاء منها إلى مشاريع سياحية (إقامات أو مقاهى للسياح) أو حرفية أو تجارية مثل مغازة بيع المنتوجات الحرفية التقليدية “دار بن عاشور” التي تتركز وسطها.

صورة3: مغازة كبرى لبيع المنتوجات الحرفية التقليدية “دار بن عاشور

المصدر: تصوير شخصي

  دفع أيضا إعجاب السياح بالطابع المعماري المميز لهذه المدينة بعض المستثمرين في النشاط السياحي إلى شراء بعض المساكن القديمة لإعادة تهيئتها وتحسينها وتحويلها إلى “إقامات ضيافة سياحية” أكثر رفاهة لاستقبال السياح في إطار حميمي شبه عائلي. نذكر من هذه الإقامات مثلا “دار توزر“، دار الكبة“، دار زهرة“…

تأوي المدينة أيضا مقر”جمعية حماية مدينة توزر” ومتحف صغير يجسد تاريخ هذه المنطقة يحتوي على بعض القطع الأثرية وعلى بعض الكتب الأدبية والعلمية القيمة كمجلد “مخطط توزيع المياه في واحات توزر” لـ “ابن الشباط” كما يحتوي على بعض المصوغ وبعض الأثاث التقليدي للتزويق وبعض الأدوات الحرفية القديمة للأنشطة اليومية الجريدية في المساكن والواحة… هذا المتحف الصغير والقديم يعاني من تدهور حالته. لاحظنا أيضا أن الولوج إلى المدينة العتيقة صعب، نظرا لغياب وتواضع تجهيزات الاستقبال والارشاد السياحي، كما تفتقر إلى أدلاء سياحيين قادرين على مد السياح بالمعلومات التاريخية المميزة للمدينة.

 

 

صورة4: تواضع تجهيزات المتحف الصغير وسط المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي

مثل كل المواقع الأثرية بالجنوب التونسي الهشة المهددة بالتقلبات المناخية القاسية (حرارة شديدة، رياح رملية قوية، فيضانات، برد شتوي ليلي صحراوي…) وبالاستغلال العشوائي ولا مبالاة “الوكالة الوطنية لتنمية واستغلال التراث الأثري والتاريخي“، تعاني المدينة العتيقة بتوزر من كل هذه المشاكل وتحتاج باستمرار لعمليات تهيئة وتحسين ظروف عيش سكانها الذين ينتمون إلى الطبقة الفقيرة والمعدمة في جلهم.كابدت هذه المدينة خسائر الفيضانات المتعددة والمتتالية (أهمها في سنوات 1969، 1975، 1990…) التي تسببت في جرف وهدم أجزاء هامة من هذه المدينة. بعد فيضانات سنة 1990 التي تزامنت مع بداية انتعاشة السياحة الصحراوية تدخلت عدة أطراف محلية وجهوية ووطنية (صندوق النهوض بالمناطق السياحية، برامج التنمية الإقليمية، الادارات الجهوية للتجهيز والإسكان والبلديات…) لإنجاز برامج ترميم وإعادة تهيئة وتحسين لحماية طابعها المعماري المميز تمثلت خاصة في تجهيزها بشبكة صرف مياه الأمطار والتطهير وتبليط أنهجها وممراتها الضيقة وإعادة إكساء واجهات منازلها بالآجر التقليدي للمدينة “القالب“رغم توسع مدينة توزر على أحياء جديدة أكثر تجهيزا ورفاهية، يتمسك بعض سكان المدينة العتيقة بمساكنهم المتداعية للسقوط والتي تفتقر في أغلبها لأبسط تجهيزات رفاهية العيش. لذلك وحتى تتمّ المحافظة على هذه المدينة وجب على السلط المحلية لمدينة توزر تحسين ظروف عيش سكانها حتى يحافظوا بدورهم على ما تم ترميمه وتهيئته.نذكر أيضا من المخاطر التي تهدد هذا الموروث المعماري التاريخي:-          انتقال بعض سكان المدينة إلى الأحياء الجديدة في أطراف المدينة وتركهم لمساكنهم التي أصبحت في حالة متدهورة،-          استعمال جل سكان هذه المدينة لمواد بناء حديثة (آجر أحمر، اسمنت، دهن، ومواد تبليط خزفية…) لا تتلاءم مع ظروفها المناخية وتشوه طابعها المعماري التاريخي.

 صورة5: استعمال مواد بناء حديثة دخيلة عن المدينة العتيقة

المصدر: تصوير شخصي

بالإضافة إلى سعي السلطات المحلية للمحافظة على الطابع المعماري المميز للمدينة العتيقة بإكساء الجدران الخارجية لبعض المساكن بالآجر التقليدي “القالب” حاول بعض السكان انجاز بعض الأشغال الخاصة لترميم مساكنهم وجعلها أكثر رفاهية وجمالية، لكن جل سكان هذه المدينة غير قادرين على ترميم مساكنهم وتحسينها، نظرا لفقرهم وارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة الآجر التقليدي “القالب“.

نظرا لتهديد التوسع الحضري المتسارع لمدينة توزر لطابعها المعماري التقليدي، عمل “صندوق حماية المناطق السياحية” على المحافظة على هذا التراث المعماري، لكن تلك المحافظة اقتصرت على المدينة العتيقة وترك عدة أحياء أخرى لا تشملها الزيارات السياحية دون عمليات ترميم وإعادة تهيئة، مما تسبب في تدهور حالتها واندثار أجزاء كبيرة منها.

تختلف زاوية رؤية صورة المدينة العتيقة بين سكانها من ناحية والسياح من ناحية أخرى. لذلك أعددت استمارتين، الأولى لاكتشاف الادراك الحسي للمدينة العتيقة من طرف سكانها والثانية لاكتشاف ذلك الادراك الحسي لدى السياح الذين يزورونها.

في الاستمارة سألت السياح عن ترتيبهم التفاضلي لخمسة (5) مواقع سياحية يتردّد السياح أكثر عليها في منطقة توزر وهي: الصحراء، الواحات، المنشآت المائية، المدينة العتيقة والشط فتحصلت على النتائج التالية: احتلت الصحراء المرتبة الأولى بتردّد 95.5 % واحتلت المدينة العتيقة المرتبة الرابعة بتردّد 55.5 %. أما رؤية السكان المحليين للمدينة العتيقة فتختلف عن رؤية السياح. حيث مثلها 91.1 % من المستجوبين في العينة في الاستمارة الأولى كمشهد تاريخي أو تراث، بينما مثلها 54.2 % منهم كموقع سياحي.

جدول3: تمثيل المدينة العتيقة من طرف سكانها

التمثيل عدد السكان التردّد
مشهد تاريخي (تراث) 263 91.1 %
موقع سياحي 157 54.2 %
إطار عيش 227 78.5 %
مجموع العينة 289 100 %

المصدر: استمارة خاصة

استنتجنا أن كل المستجوبين الذين مثلوا المدينة العتيقة كموقع سياحي مثلوه أيضا كمشهد تاريخي أو تراث، وهو ما يعكس تأثير النشاط السياحي على الادراك الحسي للسكان لمدينتهم. يبدو أيضا أن هذا الاستقطاب السياحي جعلهم يولون أكثر أهمية لمدينتهم.

يتوسط المدينة العتيقة متحف صغير يحفظ بعضا من التراث المادي واللامادي لمدينة توزر. رغم أن المتاحف تمثل أحد أعمدة السياحة الثقافية، لا يزال قطب السياحة الصحراوية يفتقر لمتحف ضخم يتماشى وحجمها السياحي وثراء مخزونها التاريخي والحضاري. يبدو أن انجاز الخواص للمركب الثقافي-الترفيهي “دار شريط” جعل مسؤولي هذه المدينة يكتفون به كإنجاز ثقافي سياحي ولا يسعون لإنجاز متحف يليق بها. يبدو أيضا أن هؤلاء المسؤولين يعتبرون ذلك المتحف الصغير القديم في المدينة العتيقة كافيا لحفظ ذاكرة هذه المدينة.

تحدّت المدينة العتيقة بتوزر منذ عصور الظروف الطبيعية القاسية واستغلالها سياحيا واهمال ولامبالاة سكانها لتصمد حتى اليوم. لا تزال تمثل نخوة سكانها، رغم عدم وعي عدد كبير منهم بأهميتها التاريخية وجهود السلط المحلية والوطنية لحمايتها والمحافظة على طابعها المعماري المميز. لكن هل يتحتم التحكم في تدفق السياح نحو هذه المدينة الهشة واحترام طاقة تحملها لأعداد متزايدة منهم؟

2-5- دور مراكز التنشيط والترفيه السياحي في تثمين التراث الثقافي اللامادي

تلعب مراكز التنشيط والترفيه دورا كبيرا في تنويع العرض السياحي، حيث تشغل فترة إقامة السياح وتطيلها وربما تمثل عاملا من عوامل عودة السياح إلى نفس المنطقة. تتجهز مدينة توزر بعدد كبير من هذا النوع من المراكز التي تثمن التراث اللامادي الثقافي للجريد مثل مركب “دار شريط” الثقافي الترفيهي على أطراف الواحة ومراكز أخرى داخل الواحة كـ”كوكب الواحة” (Planet Oasis)، “الدوار“، “توزرية“، “شاق واق“… تساهم هذه المراكز في مزيد استقرار سياح العبور الذين يمثلون القسم الأكبر من السياح المقيمين بهذه المدينة واطالة اقامتهم. فيما يلي سنخص المركب الثقافي الترفيهي “دار شريط” بتعريف موجز يكشف عن دوره الهام في تثمين التراث الثقافي اللامادي في السياحة بهده المدينة.

2-5-1- المركب الثقافي-الترفيهي “دار شريط

تم اختيارنا لدراسة هذا المركب لأنه يمثل الأكثر صيتا سياحيا وطنيا ودوليا والأكثر استقطابا للسياح بالمدينة. يقع في مدخل المنطقة السياحية غير بعيد عن مركز المدينة يمتد على مساحة 12 هك ويتكون من نزل 5 نجوم (3هك)، متحف للتراث (3.3 هك) وفضاء للألعاب “مدينة الأحلام ألف ليلة وليلة” (4.5 هك) ومتحف ألعاب “دار زمان” (1.2 هك).

جدول4: المركب الثقافي الترفيهي “دار شريط

المكونات الثقافية المساحة م2 نوع النشاط تاريخ الافتتاح
متحف التراث والعادات التونسية 33000 ثقافي 1990
مدينة الأحلام ألف ليلة وليلة 45000 ترفيهي-ثقافي 1992
دار زمان 12000 ثقافي-ترفيهي 1998

المصدر: إدارة دار شريط

شيّد هذا المركب على النمط العربي الإسلامي باستعمال الآجر التقليدي “القالب” وخشب النخيل الذي يساهم في العزل الحراري في هذه المنطقة الحارة كما ينتشر النخيل في كامل أرجائه.

يجسد متحف التراث والعادات التونسية قصرا لثري من أعيان العاصمة تونس في عهد البايات (القرن التاسع عشر) مؤثث على النمط الباياتي يصور بعض الملابس والمصوغ والأنشطة والعادات والحرف التقليدية التونسية بتفاصيلها. ما يعاب على هذا المتحف، حسب سكان المدينة وزواره من السياح هو اهتمامه بعرض تراث مدينة تونس عوض الكشف عن تاريخ الجريد ومدينة توزر التي لا تحتوي إلا على متحف صغير متداعي للسقوط في المدينة العتيقة “الهوادف“.

يحتوي مركب دار شريط أيضا على فضاء ترفيهي-ثقافي “مدينة الأحلام ألف ليلة وليلة” وهو أول فضاء من نوعه بالبلاد التونسية يختلط فيه الثقافي بالترفيهي حيث يمر السائح في هذه المدينة بمحطات تشبه مواقع وشخصيات كتاب “ألف ليلة وليلة” بالمجسمات والإضاءة والصوت في شكل مغامرات متسلسلة.

أما “دار زمان” فيغلب فيها الطابع الثقافي عن الطابع الترفيهي وتجسد كل الفترات التاريخية للبلاد التونسية من خلال مجسمات وشخصيات ومواقع ولوحات فنية ميزت أهم أحداث تاريخ البلاد باستعمال تقنيات ضوئية وصوتية حديثة. يعاب على هذا الفضاء الذي يشبه المتحف أيضا اهماله للتاريخ الثري لمنطقة الجريد.

 

 

 

 

صورة6: “دار زمان”: مشهد يجسد الحقبة القرطاجية من تاريخ البلاد التونسية

المصدر: تصوير شخصي

رغم هذا الإهمال للتاريخ المحلي لسكان مدينة توزر، يستقطب هذا المركب الثقافي-الترفيهي أعدادا هامة من سياح المدينة وأصبح يميزها بصيته داخل البلاد وخارجها.

2-5-2- بقية مراكز التنشيط الترفيه

تم انجاز جل هذه المراكز تزامنا مع انجاز المنطقة السياحية بتوزر منذ النصف الثاني من تسعينات القرن العشرين. تتموقع جلها وسط الواحة غير بعيد عن وسط المدينة وتحتوي على مقاهي ومطاعم وألعاب للأطفال وتقدم عروضا فلكلورية للموسيقى والرقص تسعى لتقديم الموروث الثقافي الموسيقي لهذه المنطقة. نذكر من هذه المراكز المركز الترفيهي “Planet Oasis” الذي يتميز بخيمتة الضخمة المخصصة لتنظيم سهرات فنية فلكلورية للموسيقى والرقص والمسرح، كما يحتوي هذا المركز على مسرح في الهواء الطلق منفتح على الواحة للعروض الفنية التي تصاحبها مؤثرات تقنية صوتية وضوئية ثلاثية الابعاد ويحتوي أيضا على معرض لبيع منتوجات الصناعات التقليدية المحلية والأجنبية…

صورة7: الخيمة الضخمة بالمركز الترفيهي “Planet Oasis

المصدر: تصوير شخصي

2-6- تثمين منتوجات الصناعات التقليدية

تساهم الصناعات التقليدية، خاصة في المناطق الفقيرة والمهمشة تنمويا، في تنشيط اقتصادها والمحافظة على موروثها الحرفي وتنويع العرض السياحي (في البلاد التونسية تشرف وزارة مشتركة على السياحة والصناعات التقليدية). شهدت الأنشطة الحرفية التي تمتد جذورها في العصور التي ميزتها عدة حضارات مرت بهذه المنطقة، ازدهارا نسبيا تزامنا مع النمو السياحي الذي ميز مدينة توزر منذ بداية التسعينات.

من خلال بحثنا الميداني، تبيّن أن جل محلات بيع منتوجات الصناعات التقليدية بهذه المدينة تبيع منتوجات جلب جلها من بقية مناطق البلاد. أما أهم المنتوجات التي صنعت في ورشات المدينة من مواد أولية محلية فتتمثل خاصة في النسيج (مرقوم، زربية، برنس، أغطية من وبر الجمال…) والفخار والمنحوتات الحجرية وصناعة الجلود (الأحذية، الحقائب…) والمنتوجات من سعف النخيل (القفاف، المظلات، الحقائب، المروحة…) ومن عصي جريدها (كراسي، طاولات، رفوف مكتبة…).

جدول5: أهم منتوجات الصناعات التقليدية المعروضة في محلات مدينة توزر

المنتوجات المحلية المنتوجات من خارج منطقة الجريد المصدر
النسيج: مرقوم، زربية، برنس، أغطية من وبر الجمال… المرقوم قفصة
منحوتات الحجرية وعظام الحيوانات منتوجات من النحاس ومن الجلد… تونس
منتوجات النخيل، من السعف: القفاف، المظلات، الحقائب، المروحة… من عصي الجريد: كراسي، طاولات، رفوف مكتبة…    منتوجات من الفخار والخزف ومن البلور ومن النحاس… الوطن القبلي
خشب منقوش عين دراهم
صناعة الجلود: الأحذية، الحقائب… ملابس تقليدية مثل الشاش الجزائر
الفخار: كل المنتوجات الفخارية مصوغ وتحف بلورية المغرب وسوريا

المصدر: بحث خاص

من خلال استفسارنا من أصحاب هذه المحلات، اكتشفنا أن الحرفاء من السياح يحبذون خاصة المنتوجات المحلية المصنوعة من سعف النخيل وفسروا ذلك بانخفاض سعرها وبثنائية صلاحيتها للاستعمال اليومي وللتزويق. من خلال استمارة قمنا بها عند اعداد أطروحة الدكتوراه[2] تبيّن أن 89 % من العينة المستجوبة من السياح اشتروا منتوجات الصناعات التقليدية، 78 % منهم فضلوا المنتوجات التي صنعت من جريد النخيل.

يساهم تنوع منتوجات الصناعات التقليدية المعروضة في مدينة توزر في اثراء عرضها السياحي الموازي وابراز ثراء تراثها اللامادي. قد تكون هذه المساهمة في اثراء المنتوج السياحي أكثر جدوى لو نجح ذلك القطاع في تجاوز المشاكل العديدة التي يعاني منها التي سنعود لدراستها لاحقا.

تعتبر الصناعات التقليدية أنشطة مكملة ومرتبطة بالنشاط السياحي وتساهم في الناتج الداخلي الخام للبلاد التونسية بنسبة 3 %، حيث يصدر 80 % من انتاجها اما مباشرة وعن طريق شراءات السياح. ساهم نمو النشاط السياحي في مدينة توزر في انقاذ الصناعات التقليدية التي كانت في طور الانهيار واندثار عدة حرف تقليدية. لإعادة رسكلة وإحياء أنشطتها قامت الدولة بخلق مراكز للتكوين وللإنتاج في إطار مختلف برامج للتنمية كـ “برنامج التنمية الريفية” و”برنامج العائلة المنتجة” وعن طريق الديوان الوطني للصناعات التقليدية الذي يساهم في تمويل وتزويد الحرفيين بالمواد الأولية وتكوينهم وتأطيرهم. رغم كل تلك الجهود، لم تواكب الصناعات التقليدية بهذه المدينة الازدهار السياحي الذي شهدته، رغم تزايد عدد محلات البيع. يلخص الحرفيون والباعة أسباب ذلك الوضع في تواصل ضعف الاستثمارات، فشل جهود إحياء ورسكلة بعض الحرف وتبعية هذه المنطقة في التزود بالمواد الأولية نحو مناطق أخرى بالبلاد أو نحو الخارج.

خلال الفترة 1986-2001، التي تزامنت مع الازدهار السياحي بهذه المدينة، تضاعف عدد محلات بيع منتوجات الصناعات التقليدية، لكن بعد ركود ذلك النشاط منذ سنة 2002 (الهجوم الإرهابي على المعبد اليهودي بجزيرة جربة المصدر الأساسي للسياح بمدينة توزر، في شهر أفريل)، تراجع عدد تلك المحلات إلى 54 سنة 2022. يفسر تجار تلك المنتوجات ذلك التراجع أيضا بتواضع شراءات السياح من بضائعهم لأن اغلبهم قد تزود بتلك المنتوجات من المدن الساحلية قبل قدومه إلى مدينة توزر. نفسر ذلك التراجع أيضا بعزوف المستثمرين عن مشاريع الصناعات التقليدية لضعف جدواها المالية. أكدت الاستمارة تفسير التجار لتراجع مبيعاتهم، حيث صرّح 50.7 % فقط من المستجوبين أنهم اشتروا منتوجات من الصناعات التقليدية، في حين اشترى 93.3 % منهم التمور.

جدول6: تطور عدد محلات بيع منتوجات الصناعات التقليدية بمدينة توزر

2022 2006 2001 1986 السنة
54 75 78 37 العدد
146 203 211 100 المؤشر

المصدر: المندوبية الجهوية للتجارة بتوزر

نفسر ضعف تنوع منتوجات الصناعات التقليدية بمدينة توزر بعدم توفر المواد الأولية وتواضع عدد مراكز التكوين في الحرف (باستثناء النسيج). كشفت لنا الاستمارة أن جل المواد الأولية مصدرها من خارج هذه المنطقة، خاصة في صناعات المصوغ والملابس والتطريز وجل التحف. لذلك وجب على حرفيي هذه المنطقة تثمين المواد الأولية المحلية في حرفهم لتحافظ على طابعها التراثي ولتكون أكثر ربحية. كما كشفت أيضا أن 76.2 % من الحرفيين ينتجون في منازلهم، بينما ينتج البقية (23.8 %) في ورشات صغيرة.

جدول7: مصادر المواد الأولية الأساسية في الصناعات التقليدية بمدينة توزر

المواد الأولية من المنطقة من خارج المنطقة المصدر
الجريد والسعف *
الخشب * عين دراهم
الطين *
مواد النسيج (مرقوم، زربية…) * * تونس-المنستير-سيدي بوزيد
مواد النسيج للملابس (جبة، شاش…) * تونس-المنستير
مواد التطريز * تونس-المنستير-نابل
الجلود * * تونس-المنستير-سوسة-نابل

المصدر: استمارة خاصة

رغم ثراء التراث الحرفي لسكان الجريد، يعرض جل محلات الصناعات التقليدية منتوجات وافدة من المناطق الأخرى بالبلاد أو من الخارج، مما جعل المنتوجات المحلية غير قادرة على منافسة تلك المنتوجات أو تحاكي تلك المنتوجات في شكلها ومادتها الأولية حتى فقدت هويتها المحلية المتجذرة في التراث الحرفي لهذه المنطقة. كما بيّنت الاستمارة أن 94.8 % من الحرفيين ينشطون في حرف النسيج بعد ترك عدد كبير منهم الحرف الأخرى لعدم جدواها المالية.

بيّنت الاستمارة أيضا تهرّم الحرفيين وعزوف الشباب عن التكوين في ذلك القطاع والبحث عن عمل في النشاط السياحي الذي يعتبرونه أكثر راحة وأجوره أفضل من العمل الحرفي. كما كشفت معطيات “الديوان الوطني للصناعات التقليدية” أن 52.9% فقط من الحرفيين في مدينة توزر تحصلوا على بطاقة احتراف، مما يجعل جزء كبير منهم لا يستفيد من دعم المؤسسات العمومية المستثمرة والمكونة في الصناعات التقليدية وغير مراقب من طرف تلك المؤسسات التي تعجز بذلك عن التخطيط لتنمية ذلك القطاع الذي يبقى من أقل القطاعات هيكلة في البلاد. حسب بحثنا، نفسر ضعف نسبة الحرفيين المتحصلين على بطاقة حرفي بنشاط عدد كبير من الحرفيين في أنشطة أخرى واعتبار الحرف نشاطا ثانويا أو موسميا (أثناء موسم توقف النشاط الفلاحي كجمع التمور في الواحة) أي خلال فترة البطالة ولا يصرحون بذلك ليتم احتسابهم من طرف السلط المحلية ضمن العاطلين عن العمل.

يمثل تهرم الحرفيين وعزوف الشباب عن العمل الحرفي ومحدودية مراكز التكوين الحرفي مخاطر كبرى تهدد مستقبل الصناعات التقليدية والتراث الحرفي المتجذر واندثار عدة حرف تميّز هذه المنطقة. حتى الشباب الذين يعملون في محلات بيع المنتوجات التقليدية لا يرغبون في اكتساب المهارات الحرفية، بل عبروا عن رغبتهم في استغلال ذلك الشغل لربط علاقات مع السياح بغرض أن يسهلوا لهم الهجرة إلى البلدان الأوروبية.

يتمثل تثمين السياحة للصناعات التقليدية في المحافظة على الموروث اللامادي وتحديثه وانقاذه من الاندثار، خاصة بعد تهرم الحرفيين وعزوف الشباب عن العمل الحرفي. في المقابل تساهم الصناعات التقليدية في تنويع المنتوج السياحي بالمنطقة وتنشيط اقتصادها وخلق مواطن الشغل. رغم ذلك استنتجنا من خلال بحثنا الاستهانة بدور هذه الأنشطة الحرفية وضعف نصيبها من الاستثمارات ومواصلة تهميشها.

2-7- السياحة الريفية قد تثمن التراث اللامادي لمدينة توزر  

السياحة الريفية التي نجحت في البلدان ذات التقاليد السياحية كفرنسا وحديثا المغرب الأقصى، تتمثل في تنظيم رحلات لمجموعات صغيرة من السياح نحو ضيعات فلاحية أو لدى عائلات ريفية أو بدوية صحراوية مستقرة أو متنقلة. تدوم إقامة هذه المجموعة يوما أو يومين يتعايش خلالها السياح مع أفراد الضيعة أو العائلة المستضيفة ويحاول السياح التأقلم مع ظروف عيش الريفيين في حياتهم اليومية بعاداتها وتقاليدها. يصنف البعض هذا الصنف من السياحة ضمن السياحة الإيكولوجية (السياحة الخضراء أو سياحة الطبيعة)، لكن يمكن اعتبارها أيضا صنفا مستقلا بذاته ضمن السياحة الثقافية.

قد يساهم هذا الصنف في تثمين نمط العيش التقليدي للريفيين وقد يساهم أيضا في تحسين ظروف عيشهم مما قد يدفعه السياح من مال للتمتع بتلك الظروف المعيشية التي تختلف كليا عن معيشتهم في بلدانهم. كما أن المنطقة الصحراوية التي تزخر بالتنوع المشهدي والبشري الريفي والبدوي ستستفيد كثيرا من هذا التنوع السياحي.

تختلف السياحة الريفية عن السياحة الإيكولوجية لأنها تعتمد عن الاتصال المباشر بين السياح والريفيين، وقد تكون مفيدة للطرفين، وقد تتسبب في تصادم ثقافتين يتضرر منها خاصة الأكثر هشاشة أي الريفيون. كما تمثل السياحة الثقافية اليوم منتوجا سياحيا مربحا ومثمنا للتراث اللامادي للشعوب، لأنها تستقطب أصنافا جديدة من السياح شغوفين بالثقافات الكونية واكتشاف الآخر كما تساهم هذه السياحة في تثمين ذلك التراث والمحافظة عليه.

3- الإدراك الحسي للسكان المحليين للتأثيرات الاجتماعية و الثقافية للسياحة

3-1- الادراك الحسي العام للسكان المحليين للتأثيرات الاجتماعية للسياحة

في نطاق هذا البحث، شملت الاستمارة 289 ساكنا لمدينة توزر لتقييم ادراكهم الحسي لتأثيرات النشاط السياحي على التراث اللامادي لهذه المدينة. بينت هذه الاستمارة أن 78.9 % من العينة المستجوبة أجازت التأثيرات الاجتماعية للنشاط السياحي، لكن تلك النسبة تختلف حسب الانتماء الجندري والمستوى الدراسي والمهني للمستجوبين.

يبدو أن 63.4 % من الإناث ترفض تأثيرات النشاط السياحي على مجتمعهن. يمكن تفسير تلك المعارضة برفضهم الشديد لتأثير ذلك النشاط على القيم الأخلاقية لمجتمعهن المحافظ. هن يخلطن بين مفهوميْ “السياحة” و “التحرر” ” libertinage“.

في المقابل 84  % من الذكور يجيزون تأثير النشاط السياحي على مجتمع مدينتهم (43.2  % موافق جدا و 40.8  % موافق). يمكن تفسير ذلك القبول بربطهم اللاوعيي بإجازة التأثيرات الاقتصادية بالتأثيرات الاجتماعية (في استمارة موازية تخص التأثيرات الاقتصادية للسياحة كانت نسبة الذكور التي أجازتها هامة جدا 92 %) كما يبررون اختيارهم بضرورة “التضحية” ببعض القيم الأخلاقية والثقافية عموما من أجل تعصير مدينتهم وتجهيزها وتنويع اقتصادها.

أما حسب الشرائح العمرية فقد أبرزت الاستمارة أن 54.5 % من المستجوبين الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة يجيزون تأثيرات النشاط السياحي على مجتمعهم. يمكن تفسير هذا الرأي بتطابق فترة عمر هؤلاء مع فترة بداية ازدهار ذلك النشاط بهذه المدينة منذ بداية التسعينات. لاحظنا أيضا أن المسنين الذين تفوق أعمارهم 60 سنة يخالفونهم الرأي حيث عبّر أكثر من 62 % منهم عن رفضهم لتلك التأثيرات.

تجدر الإشارة إلى أن جل دراسات التأثيرات الاجتماعية للنشاط السياحي قد أثبتت أن الشباب هم أكثر قبولا من الشيوخ لتلك التأثيرات ويمكن تفسير ذلك بقدرة الشباب على التأقلم مع كل جديد أو أجنبي بدعم من انفتاحهم على العالم من خلال وسائل الاعلام وشبكة الانترنت (تطبيقات التواصل الاجتماعي…) وقدرتهم على تعلم اللغات الأجنبية، حيث بينت الاستمارة أن 82.6 % من المستجوبين من ذوي المستوى العلمي العالي يجيزون تلك التأثيرات وتصل تلك النسبة حتى إلى 86.4 % لدى المستجوبين ذوي المستوى التعليمي الثانوي. تجدر الإشارة أيضا أن جل الدراسات قد أثبتت أن الشباب هم الأكثر عرضة لتأثيرات النشاط السياحي إيجابيا وسلبيا، خاصة في المجتمعات المحافظة.

يبرز تأثير المستوى العلمي أيضا في التأثر بالنشاط السياحي من خلال أهمية نسبة الذين يرفضون ذلك التأثر من ذوي المستوى التعليمي الابتدائي (42.5 %) والأميون (44 %). يمكن تفسير رفضهم ذلك بتأثرهم بالأفكار المسبقة للمسنين وغيرهم حول تلك التأثيرات دون التعمق في فهمها وتفسيرها. جل هؤلاء ليست لهم علاقة مباشرة بالسياح مثل الذين هم من مستوى تعليمي عالي وثانوي. لفت انتباهنا أيضا ارتفاع نسبة الأميين (40 %) الذين أجازوا تلك التأثيرات التي يمكن تفسيرها برغبة هؤلاء بإرضائنا كنوع من “المجاملة” اعتقادا منهم أننا نمثل السلط المحلية أو المركزية المشرفة على القطاع السياحي.

 

جدول8: تقييم سكان مدينة توزر حسب مستواهم التعليمي لتأثيرات السياحة على المجتمع

التقييم موافق جدا موافق  غير موافق المجموع
المستوى العدد % العدد % العدد % العدد %
عالي 34 49.3 23 33.3 12 17.4 69 23.9
ثانوي 74 47.7 60 38.7 21 13.5 155 53.6
ابتدائي 9 22.5 14 35 17 42.5 40 13.8
أمي 4 16 10 40 11 44 25 8.7
المجموع 121 41.9 107 37 61 21.1 289 100

المصدر: استمارة خاصة

من ناحية أخرى يفسر المستوى التعليمي والبراغماتية الاقتصادية لدى بعض المستجوبين الذين يستفيدون بصفة مباشرة أو غير مباشرة من النشاط السياحي، بقسط كبير، توزع آراء المستجوبين حسب الانتماء المهني. حيث عبّرت الإطارات وموظفو المهن الحرة العليا والمتوسطة والأعراف والمستقلون في الصناعة والخدمات والطلبة والتلاميذ عن موافقتهم عن التأثيرات الاجتماعية للنشاط السياحي بنسب تفوق المعدل العام (41.9 %).

في المقابل، برزت نسب كبيرة من الأجراء والمستغلين الفلاحيين والأجراء غير الفلاحيين رافضة لتلك التأثيرات، حيث فاقت المعدل العام للرافضين ووصلت حتى إلى 52.2 % لدى المستغلين الفلاحيين. تجدر الإشارة أيضا إلى أهمية نسبة الموظفين المستجوبين الذين عبروا عن موافقتهم عن تلك التأثيرات التي وصلت إلى 44.9 % متجاوزة بكثير المعدل العام للموافقين عليها (37 %).

جدول9: تقييم سكان مدينة توزر حسب انتمائهم المهني لتأثيرات السياحة على المجتمع

التقييم موافق جدا موافق  غير موافق المجموع
الانتماء المهني العدد % العدد % العدد % العدد %
الإطارات والمهن الحرة العليا 26 50 19 36.5 7 13.5 52 18.1
الإطارات المهن الحرة المتوسطة 22 43.1 20 39.3 9 17.6 51 17.7
الموظفون الآخرون 19 38.8 22 44.9 8 16.3 49 16.8
الأعراف في الصناعة والخدمات 9 50 7 38.9 2 11.1 18 6.1
المستقلون في الصناعة والخدمات 12 46.2 9 34.6 5 19.2 26 9.3
الأجراء غير الفلاحيين 10 32.2 12 38.7 9 29 31 10.7
المستغلون الفلاحيون 5 21.7 6 26.1 12 52.2 23 7.9
الأجراء الفلاحيون 4 27.7 5 33.3 6 40 15 5.4
الطلبة والتلاميذ 14 58.3 7 29.2 3 12.5 24 8
المجموع 121 41.9 107 37 61 21.1 289 100

المصدر: استمارة خاصة

3-2- خلاصة التأثيرات الاجتماعية للسياحة حسب الادراك الحسي للسكان المحليين

في أغلب الإجابات (كانت حرة دون تحديدها) التي تخص مزايا وسلبيات ولوج السياحة إلى مدينتهم، ركز المستجوبون على المهن التي هي في علاقة مباشرة مع النشاط السياحي وعلى مختلف أشكال تقليد السياح. بعد تجميع هذه الأجوبة، سندرسها من خلال جدولين إحصائيين يقسمها حسب ترددها إلى مزايا وسلبيات.

3-2-1- أهم المزايا الاجتماعية-الثقافية لتأثيرات السياحة حسب الادراك الحسي للسكان المحليين

المستجوبون الذين أجابوا “موافق” و “موافق جدا” عن التأثيرات الاجتماعية للسياحة على مجتمعهم لخصوا مزايا تلك التأثيرات دون تراتب على النحو التالي:

  • انفتاح المجتمع والثقافة المحليتين على العالم الخارجي
  • مساهمة السياحة في تعصير تجهيزات المدينة ومزيد تحضر السكان
  • تحسن دخل شريحة هامة من المجتمع وتعدد وتنوع فرص الشغل، خاصة للعاطلين عن العمل
  • تحسن الاستهلاك وممارسة الأنشطة الترفيهية
  • تحسن التجهيزات وظروف عيش بعض الطبقات الاجتماعية
  • بناء علاقات مع السياح مكن عدد كبير من الشبان من الهجرة
  • الشغل السياحي أقل مشقة من الشغل الفلاحي والصناعي
  • دعم وتنويع أنشطة ومنتوجات الصناعات التقليدية وحماية بعضها من الاندثار
  • تثمين التراث الثقافي (الفلكلور) التاريخي والآثار

جدول10: الادراك الحسي لسكان مدينة توزر للمزايا الاجتماعية-الثقافية لتأثيرات السياحة

المزايا الاجتماعية-الثقافية التردّد
انفتاح المجتمع والثقافة المحليتين على العالم الخارجي 66.8 %
مساهمة السياحة في تعصير تجهيزات المدينة ومزيد تحضر السكان 58.8 %
تحسن دخل شريحة هامة من المجتمع وتعدد وتنوع فرص الشغل، خاصة للعاطلين عن العمل 73.7 %
تحسن الاستهلاك وممارسة الأنشطة الترفيهية 77.2 %
تحسن التجهيزات وظروف عيش بعض الطبقات الاجتماعية 65.7 %
بناء علاقات مع السياح مكن عدد كبير من الشبان من الهجرة 61.3 %
الشغل السياحي أقل مشقة من الشغل الفلاحي والصناعي 68.8 %
دعم وتنويع أنشطة ومنتوجات الصناعات التقليدية وحماية بعضها من الاندثار 75.9 %
تثمين التراث الثقافي (الفلكلور) التاريخي والآثار 67.5 %
العينة المستجوبة (289 ساكن) 100.8 %

المصدر: استمارة خاصة

عموما، قدّر السكان المستجوبون أن النشاط السياحي قد ساهم في تحسين دخل عدد كبير منهم وفي تحسين التجهيزات والبنية التحتية لمدينتهم ومستوى عيشهم بتحسن الاستهلاك والتمتع بممارسة وسائل الترفيه… كما ساهم في المحافظة على موروثهم التاريخي والثقافي.

3-2-2- أهم السلبيات الاجتماعية-الثقافية لتأثيرات السياحة حسب الادراك الحسي للسكان المحليين

المستجوبون الذين أجابوا ” غير موافق” عن التأثيرات الاجتماعية للسياحة على مجتمعهم لخصوا سلبيات تلك التأثيرات دون تراتب على النحو التالي:

  • التفسخ الثقافي acculturation للمجتمع
  • استعمال السياح لأحسن التجهيزات واستهلاكهم لأفضل الأطعمة… يتسبب في نشر نوع من الكراهية تجاه الأجانب (xénophobie)
  • تأثر الشباب بنوع من الكسل (oisiveté) اعتقادا منهم السياح يقضون وقتهم في الترفيه فقط
  • انتشار الجريمة والإدمان على الكحول والدعارة أنواع أخرى من الجريمة كتجارة وتعاطي المخدرات
  • التأثر بالسلوكيات الجنسية المنحرفة كالمثلية (homosexualité) والولع الجنسي بالأطفال (pédophilie)
  • استدراج بعض السائحات المتحررة جنسيا بعض الشبان
  • استخفاف بعض النساء بأخلاق السكان المحليين بلباسهم المغري جنسيا
  • تقليد السلوك الاستهلاكي للسياح البذخ يهدد بتجاوز السكان لقدراتهم المادية
  • الشغل السياحي تمييزي لا يوظف إلا أصحاب الشهادات العليا المختصة الذين يجيدون اللغات الأجنبية
  • المواقف والتصرفات المذلة (servilité) للعاملين في السياحة
  • بروز مركب نقص لدى السكان المحليين يمكن ان يساهم في الإحباط الثقافي
  • تمسخ (dénaturation) الثقافة المحلية والصناعات التقليدية
  • التحول الوظيفي لدى بعض العمال ربما عاجزين عن مجاراة نسق العمل السياحي
  • تهديد العمل السياحي بانقراض العمل الفلاحي
  • عجز النشاط السياحي عن الحد من البطالة
  • استغلال أصحاب النزل لليد العاملة في العمل الشاق ولعديد الساعات
  • الشغل السياحي غير مستقر وغير مضمون
  • منافسة السياح للسكان المحليين في تجهيزات الترفيه واستهلاك كل المواد

جدول11: الادراك الحسي لسكان مدينة توزر للسلبيات الاجتماعية-الثقافية لتأثيرات السياحة

السلبيات الاجتماعية-الثقافية التردّد
التفسخ الثقافي acculturation للمجتمع 66.8 %
استعمال السياح لأحسن التجهيزات… يتسبب في نشر نوع من الكراهية تجاه الأجانب 65.7 %
تأثر الشباب بنوع من الكسل (oisiveté) اعتقادا منهم السياح يقضون وقتهم في الترفيه فقط 54 %
انتشار الجريمة والإدمان على الكحول والدعارة وتجارة وتعاطي المخدرات 60.9 %
التأثر بالسلوكيات الجنسية المنحرفة كالمثلية والولع الجنسي بالأطفال 77.8 %
استدراج بعض السائحات المتحررة جنسيا بعض الشبان 58.3 %
استخفاف بعض النساء بأخلاق السكان المحليين بلباسهم المغري جنسيا 68.8 %
تقليد السلوك الاستهلاكي للسياح البذخ يهدد بتجاوز السكان لقدراتهم المادية 88.9 %
الشغل السياحي تمييزي لا يوظف إلا أصحاب الشهادات العليا 67.1 %
الخنوع والمواقف والتصرفات المذلة (servilité) للعاملين في السياحة 70.9 %
بروز مركب نقص لدى السكان المحليين يمكن ان يساهم في الإحباط الثقافي 77.5 %
تهديد العمل السياحي بانقراض العمل الفلاحي 89.6 %
عجز النشاط السياحي عن الحد من البطالة 73.7 %
استغلال أصحاب النزل لليد العاملة في العمل الشاق ولعديد الساعات 75.8 %
الشغل السياحي غير مستقر وغير مضمون 86.8 %
منافسة السياح للسكان المحليين في تجهيزات الترفيه واستهلاك كل المواد 61.9 %
المجموع 100 %

المصدر: استمارة خاصة

في نهاية هذا العرض لمزايا وسلبيات تأثيرات النشاط السياحي الاجتماعية والثقافية حسب الادراك الحسي لسكان مدينة توزر خلصنا بالاستنتاجات التالية: يمكن حصر سلوك تعامل هؤلاء السكان مع السياح في أربعة أصناف:

  • سلوك تعاطف وارتباط بالسياح: يهم خاصة المتعاملين مع السياح منذ فترة طويلة جدا
  • سلوك يستقبل ويقبل بالسياح
  • سلوك التسامح التجاري: يهم السكان الذين يتسامحون مع التأثيرات الاجتماعية-الثقافية من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية مادية…
  • سلوك عزلة وكراهية تجاه الأجانب: يهم السكان الذين لا يستفيدون تجاريا من السياح لكنهم في المقابل يكابدون سلبيات السياحة…

يرى جل الباحثين في علم الاجتماع أن الاختلاط الثقافي بين السياح والمجتمع المحلي يتسبب في التدهور الثقافي لهذا الأخير بسبب اختلاف دوافع العملية السياحية وأحيانا تضاددها. التساؤل الذي يطرح في هذا الوضع هو ماهي العوامل التي تؤثر جوهريا في العملية السياحية؟

يمكن تفسير وطأة التأثيرات الاجتماعية والثقافية للسياحة على المجتمع المحلي بتوفر الشروط التالية:

  • كلما كانت المنطقة السياحية المستقبلة للسياح صغيرة، كلما كان التأثير سلبيا أكثر من المناطق الممتدة.
  • كلما كان الفرق شاسعا بين مستوى عيش السياح ومستوى عيش السكان المحليين كلما كانت سلبيات الالتقاء أكبر وأكثر وأسرع.
  • كلما كانت ثقافة المنطقة السياحية غنية ومتجذرة في أعماق مجتمعها وتاريخه، كلما كانت التأثيرات بطيئة وأقل حدة.
  • كلما شهدت المنطقة السياحية العملية السياحية بسرعة وبكثافة، كلما كانت التأثيرات سريعة وسلبية.

4- الادراك الحسي للسكان المحليين للتثمين السياحي للتراث اللامادي لمدينة توزر

في عصر عولمة الأنشطة البشرية، تبرز مسألة الهوية والتلاقح والتفسخ الثقافي محورية في إشكالية التأثيرات الاجتماعية والثقافية للسياحة على المجتمعات المستقبلة للسياح. رغم كل محاولات بعض علماء الاجتماع والجغرافيين جعل كل تلك التأثيرات حتمية، يبقى التأثير على الهوية شاملا وكونيا وليس بمنأى عن عولمة السياحة.

أشكال التفسخ الاجتماعي والثقافي معقدة ومتعددة خاصة عندما تلتقي مجتمعات غنية ومتحررة مع مجتمعات فقيرة منغلقة ومحافظة مثل مجتمع مدينة توزر. بينت الاستمارة سابقة الذكر أن 66.8 % من المستجوبين قدروا أن السياحة قد ساهمت في “انفتاح المجتمع والثقافة المحليتين على العالم الخارجي“، لكن آراءهم تختلف بين من يجيز مزايا ذلك الانفتاح ومن يعارض سلبياته. يبرز هذا الاختلاف مثلا في تقليد السكان المحليين للسلوك الاستهلاكي للسياح، لكن من الصعب التعميم بالقول ان وفود السياح على مدينة ما هو المتسبب الرئيس في تغيير السلوك الاستهلاكي للسكان المحليين. يبدو من الصعب تقييم وقيس تأثير السياحة على استهلاك المواد الغذائية مثلا، لكن بالإمكان تقييم التطور العام للاستهلاك وممارسة الأنشطة الترفيهية، خاصة أن قسما كبيرا من التجهيزات الترفيهية التي يتردّد عليها السكان المحليين تم إنجازها خصيصا للسياح. نسبة كبيرة من المستجوبين (77.2 %) نسبوا ميلهم للترفيه والسياحة إلى تقليد السياح.

توزر مدينة صحراوية رتيبة خاصة في فصل الصيف المضجر نتيجة لطول النهار شديد الحرارة. جل المستجوبين لاحظوا وسائل ترفيههم كانت تقتصر على التلفزيون وبعض الألعاب الرياضية، لكن مع ازدهار السياحة في مدينتهم توفرت لهم مراكز ومرافق للترفيه موجهة أساسا للسياح أصبحوا يرتادونها. هذا التوجه الجديد للتردّد على مرافق الترفيه اقتصر على السكان ذوي الدخل المرتفع، نظرا لارتفاع أسعار التمتع بخدماتها، وبقي جزء كبير من سكان هذه المدينة غير قادر على التمتع بها. هو ترفيه تمييزي.

تقليد السياح في التردّد على مرافق الترفيه أشاع أيضا نوعا من الكسل والتحولات المهنية-الاجتماعية، تمثلت خاصة في اعتقاد البعض من السكان أن هؤلاء السياح يخصصون جل وقتهم للسفر والترفيه ولا يعملون بجد في بلدانهم. كما هجر عدد كبير من الشبان خاصة العمل الفلاحي الشاق والصناعات اليدوية التقليدية للعمل في الأنشطة السياحية وهو ما يهدد توارث المهارات المهنية في هذه الأنشطة التقليدية.

تبرز التحولات المهنية-الاجتماعية أيضا في ظهور مهن جديدة لها علاقات مباشرة أو غير مباشرة بالسياحة، وهي غالبا هامشية وغير مستقرة وغير منتجة. 89.6 % من المستجوبين يعتبرون ترك الشباب العمل الفلاحي للعمل في النشاط السياحي أخطر سلبيات التأثيرات الاجتماعية-الثقافية للسياحة. هذه التحولات المهنية-الاجتماعية قلبت رأسا على عقب الموروث المهني التقليدي خاصة الفلاحي الذي يمثل فخر سكان هذه المدينة بظهور أنشطة سهلة أقل مشقة وأكثر مردودية مادية.

تسببت الاستقلالية المادية للنساء والشبان الذين يعملون في النشاط السياحي في تغير نمط إنفاق هؤلاء وتغيّر مكونات وقيمة استهلاكهم تأثرا بإنفاق واستهلاك السياح.

من أكثر سلبيات تأثيرات السياحة على سلوك السكان التي ذكرها المستجوبون (70.9 %) تسبب الشغل السياحي في ظهور الخنوع (servilité) والمواقف والتصرفات المذلة امام السياح. يذهب بعض علماء الاجتماع حتى الى اعتبار هذه الظاهرة بـ”الاستعمار الجديد“. تولد السياحة عن طريق الخنوع مركب نقص لدى السكان المحليين يؤدي بدوره إلى الإحباط الثقافي. 77.5 % من المستجوبين قدروا ان السياحة تتسبب في “ظهور مركب نقص لدى السكان المحليين“. حسب بعض علماء الاجتماع قد تتسبب أيضا في ظهور “مجتمع خادم” (larbin).

من خلال دراسة أنجزتها وكالة التعاون الدولي اليابانية (JICA) سنة 2000 في القطاع السياحي للبلاد التونسية ومن خلال استجواب لعينة من سكان 4 مدن سياحية تونسية حول إرادتهم لتقديم بعض الخدمات للسياح بمقابل مالي كإيوائهم وبيعهم الأطعمة وعرضهم للموسيقى والرقص أمامهم، تبيّن أن مدينة توزر تسجل نسبا مرتفعة من السكان الذين يقبلون بتقديم هذه الخدمات للسياح بمقابل مالي، رغم أنها أقل بكثير من النسب التي سجلت في مدن الحمامات وسوسة ومطماطة.

جدول12: إرادة السكان تقديم بعض الخدمات للسياح

المدينة الإيواء بيع الأطعمة الموسيقى والرقص الفلكلوري
الحمامات 94 % 85 % 79 %
سوسة 87 % 94 % 94 %
توزر 76 % 69 % 57 %
مطماطة 100 % 100 % 75 %

المصدر: JICA 2000

تبدو هذه الاستمارة التي انجزتها هذه الوكالة غير ذات معنى لأنها تخص خدمات بمقابل مالي لا يمكن ان يؤدي تقديمها إلى الخنوع. لو قمنا بنفس الاستمارة في بلد متقدم رأسمالي لتحصلنا على نسب أكبر بكثير من تلك التي سجلناها في هذه المدن التونسية. حتى تكون هذه الاستمارة أكثر جدوى وجب اشتمالها على عدد كبير من الخدمات تكون مجانية. نقدنا لهذه الاستمارة لا يعني ان أشكال خنوع السكان المحليين للسياح ليست واقعية.

4-1- السياحة وتمسخ و توحيد الصناعات التقليدية

لا تقتصر التأثيرات الاجتماعية-الثقافية للسياحة على التدهور الأخلاقي والقيمي وتمسخ الهوية، بل تؤثر أيضا في موروثها من الصناعات التقليدية. السؤال الذي يطرح: هل ساهمت السياحة في تثمين الصناعات التقليدية أم في تمسخها؟

منتوجات الصناعات التقليدية التي تمثل للحرفين مصدرا هاما لأسرهم، تمثل للسياح الطابع المميز للمدينة السياحية الذي يفردها ويميزها عن بقية المدن أو ذكرى لزيارتها يزوقون بها منازلهم في بلدانهم. هذه الازدواجية لقيمة هذه المنتوجات تتجاهل قيمتها الحقيقية حيث تمثل تراثا حضاريا يحفظ المهارات التي تتوارث عن الأجداد.

حتى تتلاءم منتوجات الصناعات التقليدية مع العصر و”الحداثة” ومع أذواق السياح، يجبر الحرفيون على استعمال المواد الاصطناعية عوض المواد الطبيعية في حرفهم وعلى تغيير طرق ووسائل وأشكال صناعتها. تسبب هذا التمشي في تمسخ وتوحيد تلك المنتوجات.

عدد كبير من المستجوبين (68.8 %) أدرك ربط ذلك التمسخ بالتمسخ الثقافي الذي تسببت فيه السياحة. كما فسروه أيضا باستسهال تجار منتوجات الصناعات التقليدية جلب منتوجات أخرى شبيهة بتلك التي يصنعها حرفيو المدينة بأقل سعر مما أجبر عدد كبير من حرفييها على ترك الصناعات التقليدية للعمل في أنشطة أخرى منها النشاط السياحي.

من خلال بحثنا في محلات بيع الصناعات التقليدية بمدينة توزر، اكتشفنا أن جل المنتوجات المعروضة، إما تم جلبها من مناطق أخرى بالبلاد أو تو تقليد صناعتها من قبل حرفيي المدينة. سياح هذه المدينة الذين يرغبون في شراء منتوجات من الصناعات التقليدية التي تميز هذه المدينة، عندما لا يجدوا الا المنتوجات التي تشبه مثيلاتها في المناطق الأخرى يعرضون عن شرائها بأسعار مرتفعة في هذه المدينة. يفسر عزوف السياح عن شراء هذه المنتوجات ضعف مداخيل المحلات التي شملها بحثنا وتذمر أصحابها من تدهور أوضاعهم المالية.

كما يهدد استنساخ منتوجات الصناعات التقليدية للمناطق الأخرى بالبلاد وعزوف الشباب عن تلك الصناعات بعض الحرف بالانقراض بهذه المدينة. بإمكان المشرفين المحليين عن قطاع الصناعات التقليدية إعادة إحياء ودعم الحرف التي تميز هذه المدينة بتركيز مراكز للتكوين، خاصة في الحرف التي قاربت على الانقراض والتي تعتمد في صناعتها على المواد الأولية الطبيعية المميزة لهذه المدينة التي توفرها الواحة كسعف النخيل…

4-2- السياحة وتدهور الفلكلور و العادات و التقاليد

حتى نحد من رتابة المدن السياحية وحتى لا يضجر السياح، يسعى أصحاب النزل إلى توفير وسائل وعروض الترفيه لهؤلاء، إما في تشابه مع ثقافتهم كالملهى الليلي والكازينو…، أو من خلال تحويل الموروث الثقافي المحلي حسب رغباتهم.

استغلال الفلكلور والعادات والتقاليد والمواقع التاريخية لمدينة توزر في السياحة يمثل احدى المخاطر التي تهدد بتدهور موروثها الحضاري. 67.5 % من المستجوبين في الاستمارة قدروا أن السياحة ساهمت في تثمين التراث اللامادي. في المقابل يرى البعض الآخر الثراء الفلكلوري مثلا لهذه المدينة يهدده هذا التثمين، حيث أن ما يقدم من موسيقى ورقص امام السياح لا يمت بصلة للفلكلور الحقيقي لهذه المدينة.

أغلب العروض الفلكلورية المقدمة للسياح في النزل والمطاعم ومراكز التنشيط والترفيه السياحي متكررة ورتيبة وتفتقر للأصالة الفنية المميزة للمدينة ولا تعكس التراث الفلكلوري الحقيقي للسكان المحليين. عوض أن يقدّم تلك العروض من طرف فنانين، يقدمها أفراد ليس لهم أية صلة بالفنون، هم في الغالب إما عاطلين عن العمل أو عملة في قطاعات أخرى يقدمون تلك العروض كعمل إضافي في المساء لتحسين دخلهم المادي. هؤلاء الدخلاء عن الفن الشعبي الفلكلوري لا يقومون إلا بتقليد أغاني ورقصات شائعة في هذه المنطقة دون تدريب صوتي أو كورغرافي ولا يرتدون أزياء تقليدية مميزة في عروض تسودها الفوضى والارتجال وتستعمل آلات موسيقية صاخبة تزعج السامعين. هم بذلك يشوهون صورة فلكلور هذه المنطقة وينشرون أصناف جديدة من الغناء والرقص لا تمت بصلة للفلكلور المحلي.

على المؤسسات التي تهتم بالأنشطة السياحية والثقافية في هذه المنطقة مراقبة وتنظيم هذه العروض للحد من تشويه ذلك التراث الفني ولتقديم صورة تكشف للسياح أصالة ذلك التراث المتنوع والثري.

التظاهرات والاحتفالات الدينية الصوفية (زردة) التي تمثل عادات وتقاليد السكان المحليين تستغلها السلطات المحلية للمدينة كعروض فلكلورية للسياح. هذه التظاهرات التي تتخذ أحيانا شكلا ضخما وإشعاعا وطنيا ودوليا، تمثل للسكان المحليين طقوسا دينية إسلامية يسعون للمحافظة عليها بمنأى عن الأجانب الذين يعتنقون أديانا أخرى، لا تمثل للسياح سوى عروض فلكلورية في شكل ضخم.

 

صورة8: عرض فلكلوري موسيقي راقص بالخيمة الضخمة بالمركز الترفيهي “Planet Oasis

المصدر: تصوير شخصي

اقتحام السياح للخصوصيات الثقافية للسكان المحليين يتسبب، حسب سيد أحمد، في تهوين أماكن العبادة. ” من هذه الرؤية السياحة تدمر وتفقد قيمة الثقافات المحلية، تؤدي لتمسخ الأعمال الفنية وانحطاط الرقصات والفلكلور الشعبي وتهوين أماكن العبادة“.

حسب الاستمارة، عدد كبير من المستجوبين (70.9 %) يقدرون أن السياحة قد تسببت في تثاقف (acculturation) السكان. ولوج السياحة لهذه المنطقة دفع السلط المحلية والمشرفين على النشاط السياحي لاستعمال كل الوسائل المتاحة لإرضاء أهواء السياح، حتى لو كان على حساب المحافظة على الثقافة والتراث المحلي.

المنتوج الثقافي منذ أن يصبح قيمة اقتصادية في وجود الطلب السياحي في منظومة اقتصادية ليبرالية، يتخذ كل الأشكال الممكنة لمنتوج يعرض في السوق. تصبح المدينة متحف كبير يزينه السكان وأنشطتهم اليومية وعاداتهم واحتفالاتهم الدينية.

« Dans ce processus, une région et ses habitants deviennent un but et un décor de vacances, un objet désiré et partiellement consommé par des visiteurs extérieurs, préparé, modelé, mis en scène à leur destination… avec toutes les conséquences environnementales mais aussi culturelles qui peuvent en découler. » (3

في عدة دراسات اقتصادية-اجتماعية، تمثل السياحة كخطر كبير يهدد ثقافة وهوية السكان المحليين يخفي مزايا هذا النشاط على المجتمع والثقافة. بإمكان السياحة أن تلعب دورا ايجابيا في حماية الموروث الثقافي والمحافظة عليه. اهتمام السائح بالثراء الثقافي والتاريخي لبلد أو لمنطقة ما يكون له أثر هام في المحافظة على المعالم التاريخية والتراث الثقافي اللامادي.

على عكس بعض علماء الاجتماع الذين يعتبرون السياحة تهدد هوية السكان المحليين، يعتبر البعض الآخر منهم هذا النشاط فرصة لالتقاء وتفاعل وتلاقح ثقافتين مختلفتين. من خلال هذا التلاقح يمكن توصيف منطقة استقبال السياح لا كوسط جامد يكابد التأثيرات السلبية للسياحة، بل كمنطقة تفاعل بشري يستفيد فيها الطرفان من اللقاء الذي قد يساهم في دعم هوية السكان المحليين بالحرص على حمايتها من التأثيرات الأجنبية.

حسب الاستمارة، 58.8 % من المستجوبين يعتقدون أن للسياحة تأثيرات إيجابية على هوية السكان المحليين، بل ويعتبرونها وسيلة لتحديث المجتمع المحلي وتحضره. هذه الحداثة التي أضفتها السياحة على مجتمع الاستقبال يمكن ملاحظتها من خلال قدرته على التفاعل معها مع الحافظة في آن واحد على هويته وتراثه الثقافي الذي ربما يستفيد من الحركية الاقتصادية-الاجتماعية التي تميز النشاط السياحي.

خاتمة

أصبح بعض الجغرافيين يتحدثون اليوم في دراساتهم عن عولمة الثقافات وانفتاحها وعن ضرورة تحلي الباحثين بالحذر في تفهم وفهم غموض مكانة السياحة بين عادات وتقاليد مجتمع الاستقبال وحداثية السياح التي تمليها العولمة. في عدة دراسات اقتصادية-اجتماعية، تمثل السياحة كخطر كبير يهدد ثقافة وهوية السكان المحليين يخفي مزايا هذا النشاط على المجتمع والثقافة. بإمكان السياحة أن تلعب دورا ايجابيا في حماية الموروث الثقافي والمحافظة عليه. اهتمام السائح بالثراء الثقافي والتاريخي لبلد أو لمنطقة ما يكون له أثر هام في المحافظة على المعالم التاريخية والتراث الثقافي اللامادي.

على عكس بعض علماء الاجتماع الذين يعتبرون السياحة تهدد هوية السكان المحليين، يعتبر البعض الآخر منهم هذا النشاط فرصة لالتقاء وتفاعل وتلاقح ثقافتين مختلفتين. من خلال هذا التلاقح يمكن توصيف منطقة استقبال السياح لا كوسط جامد يكابد التأثيرات السلبية للسياحة، بل كمنطقة تفاعل بشري يستفيد فيها الطرفان من اللقاء الذي قد يساهم في دعم هوية السكان المحليين بالحرص على حمايتها من التأثيرات الأجنبية. 

ورقة بحثية مشاركة في “الملتقى العلمي التاسع للسياحة: السياحة والتبادل الثقافي والتراث اللامادي” بمدينة مراكش المغربية

 

Références bibliographiques :

 

1- BAILLY (A) ; 1977 : La perception de l’espace urbain : théories et modèles. CEDEX, 272p

2- BOULIFA (F) ; 2010 : Le tourisme saharien et le développement régional dans le Sud-Ouest Tunisien. Thèse de doctorat, F.S.H.S. Tunis, 619 p.

3- CAZES (G) ; 1992 : Fondements pour une géographie du tourisme et des loisirs. AMPHI.

Géographie, Bréal, 189 p.

4- FENDRI (M) ; 1976 : La protection des villes anciennes face à l’expansion du tourisme culturel en Tunisie. Séminaire. Tunis, 14 p.

5- GUAY (P-Y) & LEFEBVRE (S) ; 1998 : Les impacts sociaux du tourisme international : Univocité ou variabilité. In Tourismes, touristes et sociétés, p 169.

6- LACOSTE (Y) ; 1977 : A quoi sert le paysage. In Hérodote n° 7.

7- LEMAITRE (A) ; 1996 : Réflexion sur le paysage : paysage et patrimoine historique.

In Information géographique. n° 60, pp 117- 183.

8- MATTEUDI (E) ; 1998 : Le tourisme, développement et anthropologie. In Tourismes, touristes et sociétés,

p 153.

9- MICHEL (F) & Groupe ; 1998 : Tourismes, touristes, sociétés. Harmattan, p 15.

10- MIOSSEC (J-M) ; 1973 : L’image touristique comme introduction à la géographie du tourisme.

In Annales de géographie n° 454. pp 55-70.

11- PUIG (N) ; 1997 : Territoires et formes d’organisation collective à Tozeur. In Maghreb-Machrek,

n° 157, pp 78-88.

12- SID AHMED (A) ; 1987 : Industrie touristique et développement : Quelques enseignements. In Revue « Tiers Monde » T XXVIII, n° 110. p 401.

 

[1]  تستقبل توزر منذ الستينات من القرن العشرين أعدادا صغيرة من السياح في عدد صغير من النزل في إطار جولات سياح المناطق الساحلية في المناطق الصحراوية. خلال تلك الفترة كانت التأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على المجتمع المحلي محدودة.

[2] BOULIFA (F) ; 2010 : Le tourisme saharien et le développement régional dans le Sud-Ouest Tunisien. Thèse de doctorat، F.S.H.S. Tunis, 619 p

3 – Guay (P-Y) & Lefebvre (S) : Les impacts sociaux du tourisme international : Univocité ou variabilité. In Tourismes, touristes et sociétés (1998), p 169.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023