همسات مسلكية على تصريحات بن سلمان المرئية…بقلم د. أنور العقرباوي

همسات مسلكية على تصريحات بن سلمان المرئية…بقلم د. أنور العقرباوي

دعونا في البداية بالإقرار، على أن محمد بن سلمان شخصية طموحة، التي طالما تثير الفضول سلوكياته وتستدعي التمحيص فيها بدقة وإمعان، في محاولة للتوصل إلى فهم أعمق لطبيعة شخصيته، التي تعكسها مضامين فكره ومفاهيمه، وإلا فسوف نبقى ندور في دائرة من التخمينات والإجتهادات، التي قد تؤدي بنا إلى مزيد من التندر، من منطلق أننا أمة واحدة يجمعها المصير والهم المشترك!

يشير مفهوم الصحة العقلية، الذي يطلق في الولايات المتحدة الأمريكية عليه وصف الصحة المسلكية، إلى صحة الأفكار والسلوك والحالة النفسية، الذي يستخدم عادة للإشارة إلى غياب أي اضطراب أو مرض عقلي. التي على النقيض منها قد تؤثر على الحياة اليومية للفرد، من أنماط في السلوكيات التي لا تستتني، أسلوب العيش والتفكير وحتى في إتخاذ القرارات المهمة المصيرية. أما في المقابل فيقول المختصون بالبحث عن صفات الكاريزما والنرجسية، أنها في الحالة الأولى فهي التي تشير إلى قوة الجاذبية وفي إستقطاب الآخرين والتأثير بهم، بينما في الحالة الثانية  فهي السمة التي تشير إلى شعور أصحابها، بالتفوق والتركيز الذاتي والأهمية إلى حد الإفراط!

وإذ لسنا هنا في معرض تقدير القدرات الذهنية لأي أحد، لكن ذلك لا يحول عموما من جلب الإنتباه، إلى نمط تفكير وسلوك بعض البشر، خاصة الذين يتبوأون مراكز متقدمة في الحكم والسلطة، التي سوف نحاول من جانبنا إستعراض ما يخصنا فيها ولو من جانب واحد، بعد أن تابعنا مقابلة الأمير على محطة “فوكس نيوز” الأمريكية، وهي تلك “الجزئية” كما وصفها من ضمن سلم أولوياته، التي حصرها في توفير “حياة أفضل” للشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يدرك فيه لو كانت الرفاهية مبلغ همهم الوحيد، لما ضحى من أجلها الآلاف من الشهداء الذين ارتقوا على مذبح هذا الوطن، والذي يشهد عليه كذلك الآلاف الأخرى من الأسرى في المعتقلات الصهيونية، حتى كدنا ونحن نشاهد ونستمع، كأننا في معرض المساومة على حق تقرير مصير شعب ليس ملكه، على أرض لا حق في الوجود عليها، لمن لا حق لهم فيها، الذي يذكرنا بوعد بلفور المشؤوم، حتى لا نقول وعد بن سلمان المشبوه، الذي يجيد المناورة حتى على المكشوف، كما عودنا عليه الكثيرون من زعماء العرب، في عملية تطبيع علاقاتهم مع عدو الأمة الصهيوني، التي سوف تشكل طعنة حقيقية في ظهر الفلسطينيين وكل العرب، وعلى الرغم منه من جانب آخر فإن ذلك لن يمنعنا، من الإشارة إلى الإنجازات الإقتصادية وغيرها الكثير، ناهيك عن الإنفتاح على العالم، حتى ولو كان ذلك على مضض منا في بعض أوجهه، عندما خالف عادات بلاده وتقاليدها، وحين لا تزال السجون تعج بأصحاب الرأي الحر والفكر فيها!

وفي النهاية، دعونا أن لا نقلل من مكر ودهاء الملك الغير متوج بن سلمان، الذي استطاع في وسط التجاذبات والتحديات الدولية، في توظيف شعوره بالتفوق ومن التركيز على ذاته، دون أن تنال منه الأمواج المتلاطمة بظفر، حتى حين لم تفلح شخصيته في إستقطاب أمة العرب أو التأثير فيها، كما استقطبت شخصية القائد الخالد، جمال عبد الناصر جماهير الأمة العربية من محيطها حتى خليجها، الذي سوف تمر بعد أيام ذكرى وفاته، ونحن نضرع إلى الله العلي القدير، أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته.

 

فلسطيني واشنطن

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023