وبعد هذا هل يجرؤ قتلة الانبياء؟؟… بقلم محمد الرصافي المقداد

كتبت الصحفية ناتالي جويبير Nathalie Guibert ، بتاريخ 28سبتمبر 2019 ، على أعمدة صحيفة
لوموند le monde، تحت عنوان: (صواريخ إيران الدقيقة تحد كبير للجيش الإس را ئي لي)
فتحدثت عن الهجوم الذي شنته القوات المسلحة اليمنية، بعدد من الطائرات المسيرة، على مجمع المنشآت النفطية السعودية، التابعة لارامكو الامريكية، ناقلة انطباعات عسكرية صهيونية عنه كهجوم”جريء” و “مثالي”بحسب تعبير ضباط وخبراء مقربين من قيادة الجيش الصهيوني، ناسبين الغارة التي شنت في 14 سبتمبر على المنشآت النفطية السعودية الى إيران كذبا. مصرحين”قد فاجأنا الهجوم، لقد كانت مفاجأة كبيرة ايضا للولايات المتحدة، على الرغم من وجودها العسكري في المنطقة، وصنف نوعيا جريئا مثاليا من وجهة نظر عسكرية صرح بها خبراء عسكريون صهاينة، بينهم رون بن يشاي Ron Ben-Yishai المراقب البارز في تل الربيع، الذي جاء تعليقه على الهجوم في كلمة ألقاها أمام جمعية الصحافة الأوروبية الصهيونية، EIPA ، تلبية لدعوة وجهتها اليه: “لم نعتقد أن الإيرانيين وصلوا إلى هذا المستوى”. وأضاف قائلاً: “حتى لو احتفظت (إس رائ يل) في الشرق الأوسط بالتفوق في مجالات الاستخبارات والقوات الجوية والتقنيات مثل الإنترنت” ، فإن هذه الحلقة تمثل نقطة تحول.
يضيف رون بن يشاي: “لقد نجحت السلسلة العسكرية الإيرانية برمتها، وهي عملية استخباراتية دقيقة للغاية بشأن الأهداف، والتخطيط الناجح ، والسرية تبقى حتى النهاية. وبحسب ما ورد، نفذت الغارة التي أنكرتها طهران، تحت قيادة القوات الجوية ، بالتعاون مع حراس الثورة. عشرون طائرة بدون طيار تحمل كل منها حوالي عشرين كيلوغراماً من المتفجرات، أضرت بمصنع أبقيق لتجهيز الخام. لكن صواريخ كروز الأربعة التي دمرت حقل خريص، هي التي تنبه الجيش (الإس رائ ي لي) لها.
اما العقيد جوناثان كونوريكوس، المتحدث باسم قوات الدفاع الصهيونية، فقد انحى باللائمة في الهجوم الى القوات الايرانية قائلا:
“الغارة تحمل بوضوح علامة العدوان الإيراني الذي ندافع عنه ضد أنفسنا بشكل استباقي” واضاف:”الإيرانيون يبرهنون على أنهم صعدوا إلى مستوى الكفاءة ، وأنه لا يوجد شيء آمن في المنطقة. في ردع من الضعفاء إلى الأقوياء، ( محاولة ترميم المعنويات بنسبة الضعف لايران والقوة للكيان وحلفائه)، وفقا لتحليل معهد الأبحاث الاستراتيجية بالمدرسة العسكرية (إرسيم) بباريس.
يبدو أن الصحفية وصحيفته، ومعها الصحافة الغربية عموما، واقعة تحت تاثير التفوق العسكري الغربي الصهيوني، لذلك فانهم يرون اي إنجاز وتفوق من خارج المنظومة الغربية، أمرا مفاجئا وعجيبا، كانما النجاح والمثالية مرتبطة بهم وحدهم دون غيرهم، لذلك تراهم مرتبكين حتى في التعبير.
التفوق الذي بلغه الإيرانيون في مستوى التصنيع العسكري، في جميع المجالات، ومنها القدرة الصاروخية، عرف منه الغرب والصهاينة بعض الشيء، لكنهم اثروا تجاهله اعلاميا، ووضعوه في اعتبارهم عسكريا، ففي الرد الاول الذي ردت به القوات الايرانية، على الجريمة التي ارتكبتها داعش، بذبح الاسير الشهيد مصطفى حججي، بقصف مقراتها بدير الزور في 17/6/ 2017، كانت بالدقة التي لم تترك صوتا واحدا، يندد بانها صلية أصابت أهدافها العسكرية، إصابات مباشرة وفعالة.
وفي الرد الذي قامت به القوات الايرانية، على استهداف مطار التي فور T4 بحمص، حيث قامت بضرب مواقع عسكرية صهيونية، بالجولان السوري المحتل، في 10/5/2018 بعشرات الصواريخ استهدفت أربعة مجمعات عسكرية صهيونية، أساسية في الجولان المحتل، تضم كل منها عدة مراكز عسكرية، من بينها: مراكز للاستطلاع الفني والإلكتروني، ومركز عسكري رئيسي لعمليات التشويش الإلكتروني، ومركز عسكري رئيسي للتنصت على الشبكات السلكية واللاسلكية بالسلسلة الغربية، ومحطات اتصالات لأنظمة التواصل والإرسال، ولو اخطا صاروخ هدفه، لكان ذريعة لإدانة الهجوم اعلاميا.
وفي الرد على الارهابيين في كردستان العراق، باستهداف مقرهم العسكري، والرد الاخير في السنة الماضية على مواقع داعش في البوكمال السورية ثأرا من العملية الارهابية التي تبنتها داعش خلال الاستعراض العسكري الذي اقيم في الاهواز بمناسبة ذكرى الدفاع المقدس، وكانت الأهداف الأربعة، عينة معبرة على المستوى الكبير، الذي بلغته الصناعة العسكرية الإسلامية الإيرانية، لا يمكنها أن تفوت الخبراء العسكريين في تقييمها، واعتبارها أدلة واضحة، على التفوق الذي أصبح يميز الاسلحة الايرانية، بل ويقدمها حتى على الأسلحة الغربية والصهيونية في عدد من خصائصها.
اما ان تكون بعض أنواع هذه الأسلحة، وغيرها بأيدي القوات اليمنية ولجانها الشعبية، فان إيران عبرت من قبل عن نيتها، في وضعها تحت تصرف قوى مقاومة الصهيونية والاستكبار اينما وجدوا، واحرار اليمن، كما هي شأن أحرار فلسطين، ولبنان، وسوريا، والعراق، بحاجة ماسة إلى التزود بها، دفاعا عن أنفسهم، وحقوقهم التي عمل أعدائهم على غصبها بالقوة، وفي هذه الحال يصبح من الغباء اتهام إيران، بانها هي من ضربت مواقع ارامكو، لينقلب الادعاء على المدعي، وتصبح امريكا وبريطانيا وفرنسا، وكل من باع سلاحا للتحالف السعودي الإماراتي، الذي استهدف به الشعب اليمني، شريكا في العدوان ومتحملا تبعات.
ما يمكن استخلاصه من هذه التصريحات، اعتراف من الأعداء عموما والصهاينة خصوصا، المستهدفين الأساسيين من التطور النوعي اللوجستي، للقوات المسلحة الايرانية، بانها أصبحت تمثل عائقا جديا لمشاريعها التخريبية في المنطقة، وعاملا له ثقله في استئصالهم من اساسهم الذي أسسوه على أرض فلسطين، يضاف إلى ذلك تخبطهم وترددهم المتواصل في القيام بضربة استباقية مفاجئة لمواقع داخل إيران ، وحسابهم الذي حسبوه تخمينا، أعطاهم ضوء احمر، يزداد حمرة يوما بعد يوم، فهل يجرؤ قتلة الانبياء بعد هذا؟

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023