8 مارس ..و بعد…

8 مارس ..و بعد…

بقلم: الأستاذة ضحى القلالي |

المرأة هي الوطن وهي الرفيقة والحبيبة والصديقة والأخت والأم والسند، هي الحضن والمأوى وهي السماء التي تمطر حبا وحنانا والأرض التي تكون الملجأ والمرفأ والدفء وردا للغربة والوحدة. المرأة هي السكن والسكينة وأملا يشع نورا وجمالا لمن يبحث عن شعاع الضوء في عتمة الأماكن وظلمة الأيام. هي حركة لا تهدأ وألق النضال في مختلف الأمكنة وفي كل وقت ومناسبة…هي كل هذا وأكثر فلو تخيلنا العالم دون نساء لكان صورة حزينة مشوهة لا طعم لها ولا روح ولكان غيابا قاسيا لمفاهيم الحياة وجمودا لحركة الطبيعة وتخريبا لنواميس الفضاءات الحرة…الجميل بعد كل هذا أن الجميع يعرف هذا ويقوله ولكن قليلون هم -وهم كنز ثمين- من يفهمون معنى هذا الكلام ويتبنون مقاصده فعلا وقناعة. مازلنا ونحن بين جدران العالم العاشر، نرى المرأة الحرة عاهرة والمرأة القوية فاقدة للأنوثة والمرأة المتسامحة ضعيفة والمرأة المستقلة مومسا..ومازالت المرأة تجلد بسياط التخلف وترجم بحجارة الرجعية وتوأد في حفر الفُصام والكذب. فضلا عن كل ما تعانيه الكثيرات من ضيم اجتماعي وحيف اقتصادي واستغلال جنسي وبهرج قانوني لا يفيد في شيء..مازلنا نتعامل مع المرأة بمنطق أبوي ساذج بقدر ماهو قاس. ولا فرق بين تقدمي ورجعي الا بالخطب الرنانة والجمل المحفوطة والاقتبسات الرائعة من كتب التاريخ والشعر والسياسة.. كلما خطت المرأة الحرة الواثقة الجميلة خطوة الى الأمام الا وكبر رصيدها من المناوئين في مجتمع مازال لم يتخط عقدة الذكورية المطعونة والدونية المتأصلة ويحدث حتى أن تجد في جبهة الأعداء امرأة ترى هي أيضا في الحرية خرابا وشرا..واحدة من عبيد النفاق الاجتماعي وضحايا العجز الفكري والجنسي. كافحت نساء كثيرات من مواقع مختلفة ليكون للمرأة يومها الذي يخلد نضالها وقوتها وحضورها ويعزز مكانتها ويحفظ كرامتها ويمد جسرا للتواصل أمام نساء أخريات لتكملن مسيرة شاقة وطويلة من اجل الحياة ولكن كثيرا ما ترى الحاجز أقرب مما تظن..ناس يزرعون لها الشوك وهم يبتسمون ويجهزون لها السكين وهم يمدون أيديهم بالسلام.. ليس بالهين أبدا أن تكوني امرأة في مكان يخشى سكانه الحياة بقدر ما يتحدثون عنها ويخافون الحرية بقدر ما يتمنونها ويحاربون الحب بقدر ما يدعونه ويرفضون المساواة بقدر ما يظهرون الدفاع عنها. مازلنا بحاجة لثورة تحرر عقولنا من متلازمة التقدمية المزيفة والمساواة الوهمية. يحق لنا ان نحتفل ونرفع رؤوسنا فخرا ولكن دون ان ننسى أننا أمام مهمة تاريخية صعبة كلما قطعت منها المرأة شوطا تقول : الآن بدأت !

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023