لم تعد المسألة مسألة اتهامات لأمريكا وتركيا بالمتاجرة والاستثمار بالإرهاب والإرهابيين، ولم يعد العالم بحاجة للبحث عن أدلة لأن الإجراءات باتت تتخذ في وضح النهار «وعلى عينك يا تاجر»، حيث أعلن أردوغان أنه سيرسل قوات عسكرية إلى ليبيا وبدأت مخابراته تجمع إرهابيي «النصرة» و«أجناد القوقاز» وما تبقى من إرهابيين أجانب للزج بهم في ليبيا كأن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والخجل من التحالف مع الإرهاب بات مستباحاً لكل من لا يستحي كي يفعل ما يشاء.
قبل أسابيع وفي مؤتمر أمني استضافته طهران أكد ممثل روسيا في المؤتمر أن لديه أدلة قاطعة تثبت أن أمريكا نقلت عدداً كبيراً من متزعمي «داعش» وإرهابييه من سورية إلى أفغانستان كوقود للنار المشتعلة في ذلك البلد منذ أربعة عقود ونيف، وربما يكون بعض هؤلاء العائدين ممن تم استجلابهم سابقاً إلى سورية عن طريق تركيا منذ بداية الحرب على سورية، وقد يكون أردوغان
بصدد إعادة الإرهابيين الذين تم استقدامهم من تونس وليبيا والمغرب العربي عموماً إلى القرب من موطنهم الأصلي ليقتلوا هناك بعد أن يزيدوا في قتل الشعب الليبي ويدمروا ما تبقى من بنى تحتية ويؤجلوا أو يعطلوا أي حل سياسي للأزمة في ليبيا.
إن الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وأمريكا لنشر الإرهاب والفوضى ونقل الإرهابيين من مكان إلى آخر وسرقة النفط وخيرات الدول «ومنها سورية» هي أعمق بكثير من الخلافات التي يتم تظهيرها عبر الإعلام فقط بين أكبر المستثمرين في الإرهاب والأزمات، ولم تعد الرسائل إلى مجلس الأمن احتجاجاً على الموبقات الأمريكية – التركية ولا حتى إقامة الدعاوى القضائية تفي بالغرض وإنما تحتاج إلى مواجهة فعلية لوقف هذا الاستهتار الأمريكي – التركي وبكل الطرق المتاحة.
وفي هذا السياق قد تأتي المناورات العسكرية البحرية الروسية – الصينية – الإيرانية المشتركة لإرسال تفسيرات واضحة لما صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل يومين بأن روسيا لا تبحث عن الصدام مع أمريكا، لكنها سترد بشكل مناسب على أي تهديد ويفسر تصريحاً صينياً «قبل أيام» من أن أمريكا هي الأكثر تهديداً للأمن الدولي وكذلك التصريحات الإيرانية المتتابعة حول الجهوزية لصد أي عدوان أمريكي – إسرائيلي.
إن المتاجرة بالإرهاب تهدد أمن الجميع ووقف ذلك يحتاج إلى مواجهة من كل قوى الحق والسلام وهذا ما يأمله الباحثون عن الأمن والعيش الكريم.