هل دهاليز المفاوضات العقيمة قادمة مع بايدن؟؟؟؟ بقلم الدكتور بهيج سكاكيني*

هل دهاليز المفاوضات العقيمة قادمة مع بايدن؟؟؟؟ بقلم الدكتور بهيج سكاكيني*

هنالك الكثير من المؤشرات التي كانت تصوب الى ان البعض الفلسطيني من عناصر السلطة ما زال يأمل بالعودة الى المفاوضات الابدية ولكن ليس تحت مظلة ترامب الولايات المتحدة لانها كانت تشعر بأن هذا يعتبر خيانة علنية لكل الشعب الفلسطيني الذي لن يرحم أيّا منهم إذا ما ولج هذا المنحى ضمن الوقائع على الارض، وخاصة بعد هذا الانبطاح العربي الرسمي الكامل والعلني لصالح الكيان الصهيوني. ولم يتجرأ اي من هذه النخب المستسلمة ان ينخرط ضمن مخطط ترامب كما فعلت العديد من الدول الخليجية على وجه التحديد.

وربما خير مؤشر على ذلك كان المماطلة في عقد المؤتمر الثاني للامناء العامون لكل الفصائل الفلسطينية بعد أن تتم ما سمي بحدوتة جحا “المصالحة الوطنية بين فتح وحماس” التي لم تتم بالرغم من كل الخطب والتصريحات من كلا الجانبين التي كانت تؤكد لفظيا على ضرورة إنهاء ملف الانقسام الذي حصر في الفصيلين فقط، وكأن بقية الفصائل الفلسطينية نكرة وليس لها وجهات نظر وبرامج وسياسة ومبادىء تختلف مع كل من خماس وفتح على وجه التحديد اللذين اعتقدوا انه إذا ما تم الاتفاق على توزيع الحصص والنفوذ فيما بينهم ( لانه هكذا يفهم كل من هذين الطرفين إنهاء الانقسام أو على الاقل العديد من قياداتهم حتى نكون منصفين) فإن بقية الفصائل ( وهنا ايضا حتى لم يتم تسميتها وهذا إجحاف بحقهم وعدم إحترام ) ستكون موافقة على كل ما يتفق عليه الطرفان.
ذهب الفصيلان الى تركيا وكأن كل البلاد العربية إختفت عن الخارطة السياسية بدلا من الذهاب الى الجزائر او العودة الى لبنان أو الذهاب الى سوريا قلعة الصمود العربي لاجراء المفاوضات فيما بينهم لاعطاء الفرصة لكل الامناء العامون للمشاركة في الحوار. وفي تقديري المتواضع أخطأت كل الفصائل الفلسطينية وأمنائها العامون مع حفظ الالقاب بترك الامور لهذين الفصيلين بالتفرد بالحوار وبغض النظر عن الاسباب. المشاركة في الحوار بين تنظيمي فتح وحماس كان ضروريا على الاقل لسببين أولهما هو تأريخ هذه الحوارات التي إقتصرت على الفصيلين التي باءت بالفشل الذريع مرة تلو الاخرى والسبب الثاني ان تضع الفصائل الفلسطينية بصمتها وتؤكد دورها ومكانتها وفعلها وأن لا تترك الساحة وخاصة ضمن الواقع المؤلم والخطير التي تمر به المنطقة ككل. الى ان جانب حضورهم كان سيشكل رافعة ضاغطة على فتح وحماس ويقلل ربما من الضغوط الاقليمية على الطرفين والمساعي لتخريب وإعاقة الوصول الى برنامج موحد لجميع الفصائل دون استثناء لاحد.
مضت فترة طويلة على إنعقاد المؤتمر في بيروت وتخطينا كل المواعيد الذي اتفق عليها ولم يتم ترجمة أي من القرارات على ارض الواقع والذي كان يعول عليه شعبنا داخل الارض المحتلة وخارجها لننتهي من حيث بدأنا على ما يبدو وربما اسوأ بكثير بعد ان رفع البعض سقف التوقعات والنوايا التي بدت إيجابية وضمن واقع ضاغط على الطرف الفلسطيني على جميع الاصعدة.
والان مع مجيء بايدن الى البيت الابيض قد تشعر النخبة الفلسطينية التي تؤمن بالمفاوضات الابدية كطريق وحيد واستراتيجي لإسترجاع “الحقوق الفلسطينية” بطريقتها الخاصة التي أثبتت فشلها المرة تلو الاخرى وعلى مدى اكثر من ربع قرن أن الفرصة قد عادت للعودة الى المفاوضات, وهي تحاول إقناع نفسها او غيرها ان بايدن والحزب الديمقراطي لن يكون كما كان ترامب.
ما نريد ان نؤكد عليه هنا كما يقول المثل الفلسطيني ان ” الخل اخو الخردل” عندما تأتي الامور الى الكيان الصهيوني وعلاقاته مع كلال الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وتاريخ بايدن القريب والبعيد يشير بشكل واضح انه شخصيا وليس فقط ضمن حزبه انه صديق حميم للكيان الصهيوني ولقد صرح مرارا وتكرارا انه يعتبر نفسه صهيوني. الفارق بين ترامب وبايدن ان الاول يريد ان ينهي القضية الفلسطينية وحق العودة بسرعة وبشكل صادم أما الثاني كما اثبتت التجارب مع الحزب الديمقراطي وشخصياته وسياساته أنه يريد ان ينهي القضية بالتدريج ويعطي الفرصة للكيان الصهيوني ان يقوم بقضم الارض الفلسطينية او ما تبقى من فلسطين بالتدريج والاكتفاء بالتصريحات انه لا يوافق على توسيع المستوطنات السرطانية وأنه ما زال مع حل الدولتين دون ان يأخذ اية إجراءات أو خطى جدية بهذا المنحى الذي يلجم الكيان الصهيوني وسياسية القضم والضم ومعاملاته الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
البعض في القيادة الفلسطينية لا بد انه يشعر بالأريحية لوصول بايدن الى البيت الابيض والسؤال الان هل ستضع هذه القيادة موضوع المصالحة وما قيل في إجتماع الامناء العامون وكل ما كتب من إتفاقيات والتواريخ في سلة المهملات وتعود الى المفاوضات المهينة والعقيمة على امل ان يتحقق سراب حل الدولتين التي ركضت ولهثت وراءه القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية والمستأثرة والمهيمنة على القرار الفلسطيني منذ عقود والتي اوصلتنا الى ما نحن عليه الان ؟

 

*كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023